العنف ضد المرأة لا يجب أن يحارب فقط على مستوى علاقة الرجل بها، من حيث الاعتداء الجسدي. بل هناك ما هو أكثر من هذا وهو ما نسميه بالعنف النفسي الذي لا يتم الكلام عنه بالمغرب والذي يجب أن تعطيه الجمعيات الحقوقية أهمية كبرى لما له من تأثير على تحطيم نفسية المرأة وتجريدها من إنسانيتها وكرامتها. ومن هذا العنف النفسي، العنف الذي تمرره الإعلانات التجارية عبر الصور التي تظهرمفاتنها، والنتيجة الحتمية حسب الدراسات الأوروبية والأمريكية أن المرأة تصبح في ذهن الرجل بائعة الهوى، ودمية جنسية متحركة في يده. يباع كل صالح وطالح من خلال وعلى حساب جسدها بل أقول وعلى حساب كرامتها. ولا تجني المرأة المغربية إلا العنف الذي تولده هذه المشاهد في مخ الرجل من حيث المرأة دمية جنسية. ويمكن أن أشير إلى أن العنف الجسدي ما هو إلا تجسيد يقوم به الرجل بعد أن كون صورة سلبية كارثية عن المرأة، تصبح هذه الصورة المرجعية الوحيدة للتواصل الأسري والتواصل الاجتماعي والمؤسساتي مع المرأة. يقول ويلسون كي بعد تدريب الرجل على رؤية المرأة كأداة جنسية فحسب، فإن الشاب الأمريكي الموجه من قبل وسائل الإعلام يجد أنه من أصعب الأمور أن يتعامل، ويتواصل مع، المرأة على أنها كائن بشري. يتم تدريب النساء بحرص من قبل وسائل الإعلام، لرؤية أنفسهن على أنهن لسن ملائمات. يتم تعليمهن أن النساء الأخريات ومن خلال شراء الملابس، والمستحضرات التجميلية، والطعام والكفاءات والهوايات، والمهن. فحاجة أولئك النساء لإثبات مقدرتهن وكفاءتهن الجنسية (عبر العروض المغرية والجذابة التي يقمن بها) أصبحت بشكل ساحق الشغل الشاغل. وبالطبع وفي ذلك الربح الوفير للتاجر ولكن بالنسبة للأفراد فهي حتما كارثة كامنة. وقد أظهرت إحصائيات الأمريكيين الشماليين أظهرت أن الطلاق في حوالي سن الأربعين هو حدث متوقع بشكل كبير. عادة الذكور يتزوجون ثانية بامرأة شابة، بينما المرأة المتقدمة في السن، فإنها على الأغلب تنفرد في عزلتها وتعاني من النفور الجنسي لبقية النصف الآخر من حياتها. كل الدراسات تؤكد بأن الصورة التي يكونها الفرد على أي شيء هي التي تحدد طريقة تعامله، وهكذا يكون السلوك نتيجة مباشرة لهذه الصورة المركبة. وهكذا فإن الأفكار السلبية التي قذفت داخل المجتمع على أساس أنها من الدين وهي ليست كذلك. يجب محاربتها لكي لا تصبح رأس الحربة التي يضرب بها الرجل زوجته وأخته وفي بعض الأحيان حتى أمه. كما تأتي الصور والمشاهد الخليعة لتلعب نفس الدور في العنف ضد المرأة. ويقدم ويفر 1994 أدلة كافية على أن الرجال الذين يشاهدون الصور الخليعة الجنسية، ينمو لديهم نوع من القسوة أو عدم الرغبة في النساء. نفس النتيجة توصل إليها زلمان وبريان ,1988 حيث شكل هذان الباحثان مجموعتين من الراشدين، إحداهما تجريبية: كانت تعرض عليها يوميا أشرطة فيديو خليعة. أما المجموعة الثانية فهي ضابطة، كانت تعرض عليها برامج عادية. وقد توصل فريق البحث إلى نتيجة مفادها: كون التعرض للمشاهد الداعرة، جعل شباب المجموعة الأولى أقل رغبة في الزواج وتكوين أسرة، بل تكونت عند هؤلاء الشباب قناعة أن لا ضرورة في إنجاب الأطفال، لأن ذلك حسب رأيهم يجرهم للتضحية وبذل الوقت والجهد. بينما لم تظهر هذه الأفكار بين أفراد المجموعة الضابطة. ويقول الدكتور جميل عطية بعد أن استعرض العلماء آنفي الذكر إن سهولة انتشار هذه المشاهد في أيامنا هاته، جعلها في متناول الكبير والصغير. وهنا يكمن الخطر والجوانب السلبية، فالطفل دو12 ربيعا إذا ما تعرض لهذه الخلاعة، تترسخ في ذهنه أكثر من غيره، ونتيجة لذلك فالمرأة في نظره سوف تصبح مجرد موضوع جنسي لا غير، هدفها هو تلبية رغبات الرجل. كما تذهب دراسات أخرى إلى أن مجرد مشاهدة الصور الخليعة ذات طابع جنسي، يزيد من حدة العنف عند الرجل. بل إن العديد من حالات الاغتصاب ضد المرأة يكون سلوكا سلبيا لكثرة الصور الجنسية المعلقة في الدكاكين والساحات العمومية. ويكفي التجوال في مركز (ميغا مول) لتعرفوا كيف أصبحت المرأة تهان على مر السنة. وكيف يمارس ضدها عنف قاتل بدون انقطاع. إن التناقض السافر في ما نراه في محاولة الدولة لمحاربة العنف ضد المرأة. فهي من جهة تسمح بنشر الصور الخليعة وتمرير برامج تلفزيونية ذات دافعية جنسية، ومن جهة أخرى تؤسس هذه الدولة وزارة للدفاع عن المرأة ولمحاربة العنف ضدها. إن هذا التناقض يزيد في حرارة العنف ضد المرأة من حيث الصورة المركبة التي تتكون في ذهنها، وكذلك الصورة السلعة التي يركبها الرجل عنها. تصبح المرأة في هذا الوضع الحالي من العنف الجنسي ضدها، سليبة الإرادة. فالعنف يمارس ضدها من كل الجهات. - من حيث استعمالها كدمية جنسية لبيع السلع - ومن حيث اغتصابها بسبب هذه الصور - ومن حيث العنف الجسدي ضدها من جراء هذه الصور - ومن حيث العنف الجنسي من طرف زوجها - ناهيك عن زنى المحارم الذي من أسبابه مشاهدة الصور والمشاهد الجنسية إذن يصبح العمل ضد هذا التوجه الخلاعي واجب وطني للنهوض بكرامة المرأة لكي لا تبقى مجرد دمية جنسية بل تصبح فاعلة ومشاركة في النهوض بهذه الأمة بل إني أقول بأنه لا نهوض لهذه الأمة وحالة المرأة هي كما نشاهدها على صور المحلات التجارية وفي المشاهد الجنسية التليفزيوينة.