قال إدريس جطو الوزير الأول إن العلاقة بين الهجرة والدين ليست وليدة اليوم فانتقال الأشخاص بقناعاتهم ومعتقداتهم وقيمهم وشعائرهم الدينية بعيدا عن موطنهم الأصلي ظاهرة أزلية، وأضاف في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول موضوع الهجرة والوقائع الدينية في زمن العولمة التي تنظمها تحت الرعاية الملكية الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، بتعاون مع المنظمة الدولية للهجرات، وبدعم من إيطاليا وهولندا والمنظمة الإسلامية للتربية الثقافة والعلوم بأن العولمة ساهمت بشكل كبير في الرفع من حدة ظاهرة الهجرة، وفي إنتاج نماذج جديدة منها، كما أنها جعلت المعادلة الثلاثية الأبعاد المتمثلة في الهجرة والدين والعولمة أكثر غموضا وتعقيدا من أي وقت مضى. وأكد إدريس جطو على أن انتقال الأشخاص والهجرة يشكلان بالتأكيد ظاهرة حتمية، لكونها تعبير عن المظهر الأساسي لحركية تطور المجتمعات الإنسانية والتي يتعين علينا اعتبارها ظاهرة إيجابية ومفيدة في ذات الوقت، إذ إن إشعاع الثقافات والحضارات كان يقاس دائما بمدى قدرتها على اجتذاب التدفقات البشرية وانفتاحها على المبادلات الثقافية والاقتصادية. ودعا الوزير الأول المغربي حكومات دول مصدر الهجرة وكذا حكومات دول الاستقبال إلى إيلاء عناية قصوى إلى التفاعل بين أبعاد الهجرة، والواقع الديني والمحيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مشددا على أن الاهتمام ينبغي أن يكون أقوى حين ترتبط تلك التفاعلات في غموض تام بمظاهر شاذة من قبيل الإرهاب أو الجريمة المنظمة. وجدد إدريس جطو التأكيد على أن المملكة المغربية ستبقى أرض اللقاء وتمازج وحوار الثقافات والديانات والحضارات، مؤمنة بالتعددية والتضامن والانفتاح، حريصة على حماية الاختلاف العقائدي والثقافي، بما يعود بالنفع على الدول المستقبلة ودول المصدر في إطار احترام حقوق المهاجر الأساسية وعقيدته وهويته. من جهته أوضح الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، بأن للهجرة في نفوس المسلمين وقع خاصا، لأنها شكلت في فجر الإسلام حركة إنسانية مباركة آمنت القائمين بها من المسلمين في الهجرتين الأولى للحبشة والثانية للمدينة على دينهم ومكنتهم من التعبير عن معتقداتهم بكل حرية وطمأنينة لما يتميزون به من صدق فزرعوا المودة بين الشعوب وكانوا رسل حضارة وتعايش سلمي، وبماوقعوا عليه من المواثيق والتعاون وحسن الجوار بين جماعات بشرية مختلفة في الجنس والانتماء القبلي. وشدد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بأن منطق القيم الإسلامية التي جسدها المسلمون في الهجرتين المذكورتين تشكل المبادئ العامة للإسلام في التعامل بين الناس بالحسنى حيثما كانوا، واستثمار الاجتماع الإنسان في تعمير الأرض وحسن تدبيرها لصالح البشرية و السلم والتعاون والتعايش العالمي. ودعا عبد العزيز بن عثمان التويجري بالمناسبة المهاجرين إلى احترام قوانين دول المهجر، مقابل احترام هذه الأخيرة لقيمهم الدينية، وحقوقهم، والتعامل معهم بالإنصاف .