قطع المنتدى الوطني للحوار والإبداع الطلابي، خلال الثمان السنوات الماضية، مجموعة من المراحل ذات الدلالة، بالنسبة للعمل الطلابي الإسلامي داخل الجامعة المغربية، وهي مراحل بقدر ما توضح مدى التطور والتقدم الحاصل في مضامين هذا العمل ونوعيته، بقدر ما تؤسس لتجربة ثقافية تراكمية رائدة، بالنسبة المشروع الثقافي الإسلامي بالجامعة. وهكذا يمكن تحديد ثلاثة منعطفات ذات أهمية مقدرة، عرفتها المنتديات السابقة، والتي توالت في إطار من الاستمرارية والتجديد، ومحكومة بنوع من المقاصدية والواقعية، إلى حد شكل كل منعطف منها إجابة حاسمة على إشكال قائم. المنعطف الأول: يرتبط بإطلاق تجربة المنتدى في حد ذاته، كدعوة للحوار الطلابي مع الفصائل الطلابية الموجودة بالجامعة، سواء اليسارية منها أو الإسلامية، لامتصاص النزاع الموجود، وبلورة رؤية مشتركة بين الجميع، قصد إعادة هيكلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، إلا أن اعتباره منعطفا، يرجع إلى كونه، في تقديري، استمرارا لتجربة الملتقى الوطني للإبداع الطلابي سنة ,1996 الذي أطلقه فصيل الطلبة التجديديون بقصد تأسيس لمحطة ثقافية سنوية، لكنه توقف مع الوحدة الاندماجية بين الفصيل المذكور وفعاليات طلابية، أعطت فصيل الوحدة والتواصل، غير أن اختلاف الدواعي والأهداف لكل منهما لا يلغي وجود استمرارية واضحة، يمكن استنتاجها بالمقارنة بين محتوى مضامين برنامجي الملتقى والمنتدى، والتي تؤكد هذه الخلاصة وتسند دعوى الانعطافة المذكورة. إن التركيز على الحوار ودواعيه، كانت استجابة طبيعية وإجابة واقعية على أسئلة واقعية أيضا، استفرغ فصيل الوحدة والتواصل جهده فيها من أجل التوصل إلى نتائج ملموسة، سواء من خلال تجربة المنتدى أو من خلال الحل الاستثنائي، انسجاما مع المسؤولية الطلابية وطبيعة المرحلة القائمة آنذاك. المنعطف الثاني: شكله المنتدى الوطني الرابع بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، حيث أضيفت كلمة الإبداع إلى جانب كلمة الحوار في اسم المنتدى، هذه الإضافة، إن كانت في نظر البعض مجرد استدعاء لكلمة أريد لها أن تشكل جوهر تجربة الملتقى المشار إليها سابقا، إلا أنها فتحت مسارا جديدا، إن لم تكن قد أعادت التأسيس، بغير وعي مدرك، للتفكير في التجربة وآفاقها، حيث أصبح ينصب ليس على جعل المنتدى محطة للحوار فحسب، كما أكدت ذلك الكلمة الافتتاحية للفصيل في المنتدى، ولكن بجعله محطة ثقافية وطنية متميزة، في المشروع الثقافي الإسلامي الطلابي بالجامعة المغربية، لأن إضافة كلمة الإبداع، كما تبين فيما بعد، ليست كلمة بسيطة انضافت إلى اسم موجود، ولكنها كانت بمثابة مدخل أعاد تصويب الأسئلة الجوهرية في ماهية الثقافة، والتصورات المختلفة حولها، وفي العمق من ذلك، مساءلة جدية لمعالم المشروع الثقافي الإسلامي برمته، حيث بدأت في التبلور أسئلة أكثر تدقيقا، وهي إن كانت محرجة، فإنها ستعيد ترتيب الأولويات بشكل جذري وحاسم، جعل من الأولويات السابقة مجرد جزء من أولويات أشمل. إضافة إلى ذلك، عرف العمل الطلابي الاسلامي خلال المنتدى الرابع وما بعده، تحولا جوهريا في التعامل مع طبيعة الإشكالات المطروحة، انتقل معها مركز الثقل والجذب، ليس نحو الماضي بتركته المقلقة، ولكن تجاه المستقبل وتحدياته، في ارتباط قلق بقضايا الجامعة والوطن والأمة والإنسانية، أعادت الارتباط القوي بأحلام النهضة والتحرر والمستقبل، غير أن هذه التحولات/ الانعطافة، ظلت تحاصرها حواجز صماء مرتبطة بالمحيط الجامعي وبطريقة التدبير المنتهجة من طرف الجهات الوصية تجاه الجامعة والحركة الطلابية. المنعطف الثالث: ويمكن التأريخ له بالتحول من القطاع الطلابي إلى منظمة التجديد الطلابي سنة ,2003 التي تم الإعلان عنها في المنتدى الوطني السادس بمكناس، الذي انعقد باسم دورة البناء والتأسيس، وحمل شعار من أجل آفاق رائدة للحركة الطلابية المغربية، وهي تجربة لها أهمية بالغة، تمثلت في التقدم نحو الحسم في الإشكال المركزي الذي كان مطروحا عليها، أي قضية الإطار القانوني للفعل الطلابي، الأمر الذي جعل منها محطة للانطلاق نحو بلورة مرحلة جديدة في العمل الطلابي الاسلامي، في مسارات التجديد الفكري والتأطير الدعوي والتوعية السياسية والنضال المدني، يسهم في التجديد الفكري والإحياء التربوي والبعث الحضاري. إن الخلاصات الأساسية لهذه الانعطافات الثلاث، إن كانت تمنح الثقة في القدرة الدائمة على التجديد والتطور، فإنها تطرح أيضا تحديا متجددا على القدرات الممكنة، لرفع التحديات وسد الثغرات وتحقيق التطلعات، الأمر الذي يتطلب تعميق التفكير في قضايا الاشتغال الأساسية لمنظمة التجديد الطلابي عامة، وإعمال النظر الرصين من أجل المساهمة في التجديد الثقافي خاصة، وهو ما يتطلب خلخلة للعمل الثقافي الإسلامي الطلابي الموجود، وجعله في مستوى التحديات المطروحة.