قال أحمد نور الدين الباحث في شؤون القارة الإفريقية، إن الخطاب الملكي الأخير تضمّن عدّة رسائل على رأسها الوفاء للدول الصديقة والشقيقة التي تقف إلى جانب المغرب في معركة وحدته الترابية، وعلى رأسها السّنغال التي اختارها العاهل المغربي ليوجه من عاصمتها داكار خطاب الذكرى 41 للمسيرة الخضراء. فالسنغال من الدول التي لم تغيّر موقفها في قضية الصحراء. وأضاف الباحث في ملف الصحراء المغربية في حوار ل"جديد بريس"، أن الخطاب الملكي أكد على أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي لن تغير من مواقفه إزاء الصحراء المغربية وأنّ المغرب لا يحتاج الإذن من أحد للعودة إلى بيته، وهي رسالة موجهة بالأساس إلى النظام الجزائري الذي روّج لِمقولة أن المغرب غيّر سياسته وقبِل بالجلوس مع "كيان تندوف" في الاتحاد الإفريقي. وفيما يلي نص الحوار : ما قراءتكم لخطاب الملك بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء والذي أكد فيه على عودة المغرب للبيت الإفريقي؟ الخطاب الملكي الأخير تضمّن عدّة رسائل على رأسها الوفاء للدول الصديقة والشقيقة التي تقف إلى جانب المغرب في معركة وحدته الترابية، وعلى رأسها السّنغال التي اختارها العاهل المغربي ليوجه من عاصمتها داكار خطاب الذكرى 41 للمسيرة الخضراء. فالسنغال من الدول التي لم تغيّر موقفها في قضية الصحراء. ثانياً التأكيد على أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي لن تغير من مواقفه إزاء الصحراء المغربية وأنّ المغرب لا يحتاج الإذن من أحد للعودة إلى بيته، وهي رسالة موجهة بالأساس إلى النظام الجزائري الذي روّج لِمقولة أن المغرب غيّر سياسته وقبِل بالجلوس مع "كيان تندوف" في الاتحاد الإفريقي. لكن المغرب يؤكد في هذا الخطاب على أنه لن يتنازل قيد أنملة عن أراضيه في الصحراء، والعودة خطوة من أجل التصحيح وطرد هذا الكيان المزعوم من الاتحاد الإفريقي وليس من أجل التطبيع، كما أن العودة هي تتويج لسياسة وخيار استراتيجي وليست وليدة لحظ انفعال. كيف ستمكن عودة المغرب إلى عائلته الإفريقية من الدفاع عن الحقوق المشروعة؟ في غياب المغرب استطاع النظام الجزائري بتواطؤ مع جنوب إفريقيا التي تنحدر منها رئيسة المفوضية الإفريقية الحالية، السيدة ضلاميني زوما، تحويل الاتحاد الإفريقي إلى بوق للدعاية للانفصاليين ومهاجمة المغرب في كل المحافل الدولية. بل إنها تُصرح في كل مرة أنّ "تقرير المصير" في الصحراء المغربية هو أولويتها. وهذه التصرفات تُعتبر قرصنةً للمنظمة الإفريقية لأنّ أكثر من ثُلُثي أعضائها لا يعترفون «بجمهورية تندوف" الوهمية، فكيف تصبح هذه القضية المزعومة أولوية الاتحاد الإفريقي؟ وكيف توجه رسائل وبيانات باسم هذا الاتحاد إلى مجلس الأمن لدعم كيان لا يعترف بها أعضاء الاتحاد؟ نحن أمام حالة شاذة ولا نظير لها في كل المنظمات الإقليمية عبر العالم، وبالتالي يجب تصحيح هذه الوضعية وإرجاع الأمور إلى نصابها. لذلك صارت عودة المغرب إلى المنظمة ضرورية من أجل إحداث توازن في ميزان القوى، ووضع حد لديكتاتورية الأقلية التي تمارسها الجزائروجنوب إفريقيا في التعاطي مع قضية الصحراء لأن صاحب القضية غائب عن الساحة، لذلك فوجود المغرب سيَحول دون تمرير قرارات أو بيانات أو رسائل ضد وحدته الوطنية، وسيمكن من فضح المغالطات التي تقوم بها الجزائر في حينها، وهي التي ما فتئت تكرر على مسامع العالم أنها "محايدة" في نزاع الصحراء !! ماذا عن تصحيح المغالطات التي يروج لها خصوم الوحدة الترابية، داخل المنظمة الإفريقية؟ تصحيح المغالطات التي يروج لها خصوم المغرب حول أقاليمه الجنوبية، وتوضيح المؤامرة التي قامت بها الجزائر في النصب والاحتيال على الدول الإفريقية لقبول عضوية كيان لا تتوفر فيه الشروط القانونية التي كان ينص عليها ميثاق الوحدة الإفريقية في مادته الرابعة. وأخص منها بالذكر "أن يكون العضو دولة مستقلة وذات سيادة". ومعروف أنّ هذا الخداع الذي مارسه النظام الجزائري تمّ في صفقة تُشتمّ منها رائحة البترودولار بتواطؤ مع الأمين العام للوحدة الإفريقية آنذاك "السيد" آدم كودجو. كما أنه يجب تصحيح المغالطات حول مسألة "تقرير المصير" بتذكير الأفارقة أنّ الذي طالب بتقرير المصير في "الصحراء وسيدي إفني" هو المغرب سنة 1963، أي قبل 13 سنة من ميلاد الكيان الوهمي. ولا حظوا أنّ الملف في الأممالمتحدة واللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار كان تحت مسمى "تقرير المصير في الصحراء وسيدي إفني"، وهو دليل آخر على وحدة المنطقتين في الانتماء للوطن المغربي، والمراد بتقرير المصير هو تحرير المغرب لصحرائه من الاستعمار الإسباني آنذاك. ويجب تصحيح المغالطات حول مسألة الاستفتاء، وذلك بتوضيح أنّ الذي عرقل إجراءه تحت إشراف الوحدة الإفريقية سنة 1982 هي الجزائر، وأنّ الذي أفشل الاستفتاء تحت إشراف الأممالمتحدة سنة 1992هي الجزائر بتفجيرها لمسلسل تحديد الهوية. وتبعاً لذلك، أعلن الأمين العام الأسبق السيد كوفي أنان استحالة إجراء الاستفتاء، وليس المغرب من أفشله ولا من أعلن استحالته كما تدعي البروبكاندا الجزائرية. ويجب التصحيح حول مسالة "اللاجئين في تندوف " وإظهار أن من يتاجر بمأساتهم ومعاناتهم هي الجزائر التي ترفض إحصاءهم، وأنّ الذي رفض مقترح الأممالمتحدة بعودتهم إلى وطنهم المغرب هي الجزائر لأنها تتخذهم رهائن لابتزاز المجتمع الدولي وتضليله. وهناك العشرات من المغالطات السابقة والجديدة التي تستدعي حضوراً دائماً للمغرب من أجل مواجهتها بالحقائق في حينها، خاصة وأنّ الجيل الجديد من الدبلوماسيين الأفارقة داخل الاتحاد الإفريقي وحتى في بلدانهم لم يُعاصر بداية ظهور الصراع في الصحراء وكل ما علق في أذهانهم هي المغالطات التي يروجها النظام الجزائري. وأتمنى أن يكون الجيل الجديد من دبلوماسيين على اطلاع واسع ودقيق بتفاصيل الملف ليتمكنوا من إخراس أعداء الوطن بالحجة والبرهان. في نفس السياق كيف للمغرب أن يعمل على "منع مناوراتهم، لإقحامها في قرارات تتنافى مع الأسس، التي تعتمدها الأممالمتحدة، لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وتتناقض مع مواقف أغلبية دول القارة"؟ من بين هذه المناورات التي ينبغي التصدي لها في الاتحاد الإفريقي، هو استغلال خصومنا لهذه المنظمة قصد تمرير قرارات تتنافى مع الشرعية الدولية، مثلما تقوم به رئيسة المفوضية الإفريقية من ضغوطات على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في قضية الصحراء للعودة إلى نقطة الصفر أي إجراء الاستفتاء، وقد أوضحنا سابقاً أنّ الجزائر هي من أفشله مرتين وأنّ الأممالمتحدة هي من أعلنت سنة 2002 استحالة إجرائه، ومن ثم شرعت في مفاوضات لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ومقبول من كل الأطراف. ومنها أيضاً المحاولة الفاشلة لحشر أنف ما يسمى مبعوث الاتحاد الإفريقي إلى الصحراء، السيد جواكيم تشيسانو في المسلسل الذي تقوده الأممالمتحدة من أجل إيجاد حلّ سياسي. مناورات النظام الجزائري ضدّ المغرب لا حدود لها، لأنّ هذا النظام جعل عقيدته الدبلوماسية والعسكرية هي العداء للمغرب، وعودة المغرب ستحاصر أكاذيبه التضليلية وتكشف للأفارقة تهافتها بالحجة والبرهان من داخل المنظمة. وهذا ما جعلهم يصابون بالسعار كما تُتابعون ذلك ولا شك في وسائل إعلامهم الرسمية منذ إعلان المغرب عن قراره في العودة إلى بيته الإفريقي لدحض أكذوبة الانفصال.