يوم فاتح دجنبر من كل سنة تستنفر الوسائل الإعلامية والسياسية والجمعوية العالمية للقيام بحملة إعلامية وإرشادية بداء فقدان المناعة المكتسبة السيدا، فالبعض يختار توزيع المطويات للتوعية، والآخر يجرد قائمة المنجزات خلال السنة المنفرطة وبرنامج العمل السنوات المقبلة، وطرف ثالث يلهث وراء الدعم المالي الداخلي والخارجي والصيت الإعلامي، لكن الداء الخبيث، أو مرض العصر كما يسمى، لا يمهل الجميع، فهو يمضي سريعا يحصد ضحاياه كل يوم، وخاصة فئة الشباب. وإذا كانت كل المجهودات محمودة من الجمعيات المدنية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، والتي تقارب الموضوع من الوجهة التي تراها أنها الأجدر للحد من هذا الوباء، فطرح العفة والاستعفاف ظل ضامرا في المعالجة، وزاد من ضموره انزواء أهل العلم والفقه عن إخوانهم الأطباء والمهتمين بالموضوع في المشاركة الفاعلة للوصول إلى النتائج المرجوة، الأمرالذي جعل وجهات نظرالمهتمين بقضايا التوعية ضد مخاطر السيدا مختلفة. ومما يبشر بتجاوز هذا الضمور هو خبر تنظيم أئمة وعلماء من موريتانيا والسنغال ومالي والنيجر ونيجيريا يوم الخامس من نونبر2005 ، لقافلة تحسيسية للسكان القاطنين غرب إفريقيا، والتي ستستمر إلى غاية منتصف دجنبر، لتحذيرهم وتوعيتهم بخطورة وباء السيدا وضرورة الوقاية منه، وعدم إقصاء أو محاولة عزل المصابين بهذا المرض. وتضم هذه القافلة إلى جانب العلماء أعضاء من رابطة حاملي المرض وصحفيين وشخصيات من المجتمع المدني. كما يشارك العلماء وأئمة المساجد في مقاومة المرض عبر الحديث عن نهج مخالف لثقافة الغرب من حيث الرؤية والوسيلة. أما بالنسبة لبلدنا المغرب، فقد أفادت مصادر صحية وإعلامية أن عدد المصابين المسجل بلغ ,1839 كما تميزت سنة 2005 بزيادة 271 حالة جديدة، وهي أرقام مخيفة ومنذرة بالخطورة، مما يدفع كل واحد لينفق مما عنده من إمكانيات وآليات للتوعية بالمرض الخبيث، من حيث أسباب انتشاره والمداخل الصحيحة للوقاية منه. وإذا كان الغرب يشرع الأبواب للأهواء لتتوالد عنها أمراض لا قبل للإنسان بها، ثم يرصد لها مختبرات ومراكز أبحاث لإنتاج أدوية مضادة لها، ويضع سياسات اقتصادية لتطويقها، فإن الرؤية الإسلامية فضلت قبل كل ذلك أسلوب الوقاية الإيمانية وأسلوب الاستعفاف، فحذرت من الاقتراب من كل ما يؤدي إلى هذه الأمراض، وجعلت الالتزام بذلك عملا مأجورا عليه. وقد استطاعت التجربة الأوغندية، بنهجها لأسلوب التعفف، الذي اعتبره رئيسها: واجبا وطنيا، التقليص من الإصابة بالوباء والاستغناء عن استيراد أدويته بالعملة الصعبة، أما بالنسبة للمسلمين فقد أنعم الله تعالى عليهم بأسلوب أكثر تقدما وضمانا للنجاة من فتك هذا المرض وغيره، لا يحتاج إلا إلى إرادة حقيقية للتفعيل وانخراط الجميع في إنجاح أجندته.