ما إن هاتفته طالبة رأيه في وزيرة أسالت الكثير من المداد بسبب مواقفها الجريئة وإنجازاتها الكبيرة ، وكذا شخصيتها القوية المتفردة حتى بادر بالموافقة على الفور، مع أنني خلت أن الأمر يتطلب عمق تفكير وطول تحضير ، بل تعداها إلى الكلام مباشرة وبانسيابية بالغة عن وزيرته بسيمة الحقاوي التي يعمل مستشارا بديوانها لمدة تفوق السنة . ما واكبت حماسه ولا اندفاعه الكبير وهو يعلن شرفه بهذا التصريح الذي اعتبره قليلا في حقها ، خلته كروح طفل انسابت إلى من تحب بكل عفوية ودون بروتوكولات تذكر. كانت عفويته وهو يتحدث عنها تشكل مركز انجذاب نحو حديثه ، ظل يركض بي في عالم خلته انقضى منذ زمن وولى ، زمن المبادئ والمثل التي شيعناها في أفلام الأبيض والأسود ، ورسم بريشة تصريحاته لوحة مختلفة عما عهدناه في زمن انغمست فيه السياسة بوحل الجشع لأجل كراسي بئيسة فانية … تركته يتحدث ويتحدث ، ووقفت هاهنا أرقب تفاصيل كلامه وأرص بلورات سيرتها الندية ليضاف اسمها إلى ذاك العقد الزمردي الندي … متابعة شيقة نتمناها لكم .. محطات واعدة في السيرة الذاتية لبسيمة الحقاوي : ولدت بسيمة الحقاوي يوم 5 أكتوبر 1960 بالبيضاء ، ارتدت الحجاب سنة 1982 عندما كانت طالبة بالجامعة ، وحصلت على الإجازة في علم النفس سنة 1984 ودبلوم الدراسات المعمقة تخصص علم النفس الاجتماعي سنة 1990 ودبلوم الدراسات العليا في نفس التخصص سنة 1996. انتقلت بسيمة إلى التعليم كأستاذة لمادة التربية الإسلامية بمركز تكوين المعلمين بالبيضاء. وهي تحضر حاليا دكتوراه الدولة في علم نفس الشغل. ألمت الحقاوي بموضوعِ أطفال الشوارع ، وقد أنجزت أطروحتها في علم النفس الاجتماعي حول الأطفال المتسولين ، مما تطلب منها ستَّ سنوات من العمل، نزلت خلالها إلى الميدان لمتابعتهم. انضمت بسيمة سنة 1982 وهي طالبة بجامعة محمد الخامس إلى جمعية الجماعة الإسلامية أثناء تأسيسها من قبل المنسحبين من حركة الشبيبة الإسلامية لعبد الكريم مطيع ، ونشأت داخل الجمعية، التي تحولت بعد ذلك إلى حركة الإصلاح والتجديد، ثم إلى حركة التوحيد والإصلاح بعد توحدها مع رابطة المستقبل الإسلامي. انتمت بسيمة سنة 1996 إلى حزب العدالة والتنمية ، لتنتخب كأول امرأة في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية سنة 1999. إضافة إلى عضويتها بعدة هيئات ومنظمات دولية، منها الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي ، حيث عملت كمسيرة لفرع شمال إفريقيا ، والمنتدى العالمي لبرلمانيي الدول الإسلامية ، وعضو المجلس التنسيقي للفضاء المغاربي . حيث تشغل منصب عضو ورئيسة المجلس في المكتب. انتخبت الحقاوي بمجلس النواب خلال الاستحقاقات التشريعية لسنوات 2002 و2007 و2011، كما شغلت منصب رئيسة لجنة القطاعات الاجتماعية بالمجلس سنتي 2006-2007 و2008-2009. تقلدت منصب أمينة المجلس برسم سنة 2009-2010، إلى جانب كونها عضوا باللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوربي . وتشغل منصب رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية. خلال الانتخابات التشريعية المغربية 2011 تصدرت بسيمة الحقاوي اللائحة الوطنية لنساء الحزب ، ومع تعيينها كوزيرة في حكومة ابن كيران أصبحت بسيمة أول وزيرة محجبة في تاريخ الحكومات المغربية. صدر لبسيمة الحقاوي العديد من البحوث والمنشورات ، كما شاركت في عدة محاضرات وندوات. قامة نضالية نسائية كبيرة .. وصفها مستشارها للشؤون القانونية والبرلمانية ب"القامة النضالية النسائية الكبيرة "، مضيفا "أنها ندبت جزءا مهما من حياتها لتدبير الشأن العام والدفاع عن مشروع إصلاحي وفق معاني فكرية ومنهجية واضحة". وأكد في سياق حديثه عن وزيرة التضامن ، بعد سنة من العمل معها ، أن سيرتها النضالية ومسارها الكفاحي المعروف لدى العامة جعلها تعتلي مصاف القيادات النسائية الكبيرة ، حسب رأيه ، داخل المجال الحركي والحزبي والسياسي. أخت حقيقية بالمعنى الاجتماعي الكبير … بعيدا عن لغة الخشب الذي لم يعرف لها سبيلا خلال حواري معه ، وببعد إنساني كبير أعلن محمد الطويل ، الحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية ، أن اشتغاله مع الوزيرة الحقاوي كان محملا بالمعنى الاجتماعي الكبير ، معتبرا إياها "أختا كبيرة لكل الفريق الذي كان معها في الديوان " إن جاز له أن يقرن ذاته بها ، يشير الطويل. وأضاف المستشار القانوني في ذات السياق " هي امرأة مناضلة صبورة تفتح المجال للمبادرة ولمختلف الاجتهادات " ، وفي نفس الوقت ، يضيف محمد الطويل ، "صبورة إلى حين الاستئناس بمجال العمل ، في إدراك منها أن المجال صعب ويتطلب وقتا وجهدا ، لكن أريحيتها المعهودة ، يردف الطويل ، تمنح الآخر فرصة ليدرك ويدلي بمنظوره" يشهد الطويل . وهكذا وسط زحمة المصلحية وغبار العلاقات الوصولية ، سطر الطويل تحت مفردة الأخوة عنوانا عريضا لعلاقة تجمع وزيرة بفريق عملها تتعدى عتبة "الرهبة من مسؤول كبير" إلى سعة المعاني الإنسانية الرحبة الفسيحة. " ازرع الفسيلة يا محمد " … واستحضر محمد الطويل أكثر المواقف تأثيرا خلال فترة عمله كمستشار بديوان الحقاوي ، ذاكرا أنه في إحدى النقاشات والحكومة على مشارف نهاية الدورة البرلمانية ، سألته بسيمة عن مصير مشاريع النصوص القانونية المتبقية ؟ فرد الطويل قائلا بكل بساطة : " يبدو أن الدورة البرلمانية قد انتهت فلا إمكانية للاستمرار" فأجابتني يقول الطويل مستنكرة " يا محمد أنت تعرف أن عقيدتنا تحتم علينا زرع الفسيلة حتى لو قامت القيامة" في حرص منها على العمل حتى آخر رمق ، وفي ذلك تجذرات فكرية عميقة " ، يعلق الطويل. شغف بالنقاش الفكري والفلسفي والعلمي … لم يفوت الطويل فرصة الحديث عن الجانب الإنساني لوزيرته بسيمة الحقاوي دون الإشارة إلى شغفها الكبير بالنقاش الفكري والفلسفي بعيدا عن عالم السياسة. وتابع : " وهذه إحدى الأدوار التي ستلعب فيها بسيمة الحقاوي دورا بارزا داخل هيئات حزب العدالة والتنمية " . صرامة في المال العام وقوة في اتخاذ القرار … استأنف الطويل حديثه عن شخصية الحقاوي ، واصفا إياها بالقوة في اتخاذ القرار وخلال التدبير الإدراي ، مع صرامة في تحمل أمانة المال العام" يقول الطويل. وفي ذات السياق عقب المستشار القانوني للوزيرة " تتكفل ماديا بكل ما يتعلق بأمورها الشخصية دون تحميلها لميزانية الوزارة ، وإن قام سائق هذه الأخيرة بمهمة شخصية لها ، فإنها لا تتوانى في دفع أجرة ذلك من مالها الخاص ، " وذلك درس قيم تعلمته "يعبر الطويل. وللإشارة فإن محمد الطويل البالغ من العمر 36 سنة ، حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية ، وقد التحق بوزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية أواخر سنة 2015. وهو أب لابن واحد.