هم سياسيون ومشاهير عُرفوا لدى المغاربة كوزراء ومسؤولين، أو قياديين في أحزابهم، أو فنانين، أو حقوقيين.. لكن ما لا يعرفه الكثيرون عنهم، هو نقطة البداية في حياتهم، والمهن التي امتهنوها في بداية الطريق.. في حلقة اليوم الخميس، من سلسلة "مهنهم الأولى"، ينشرها "اليوم24′′، كل يومين، نتقرب أكثر من حياة وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي. واجهت خلال ولايتها الكثير من الملفات الشائكة، جعلتها تحت مرمى انتقادات بعض الجمعيات النسائية بسبب بعض مشاريعها.. عرفت من خلال مسارها الطويل في البرلمان وكذا الحكومة، إلا أن قلائل من يعرفون أنها كانت أستاذة لعلوم التربية. ولدت الحقاوي سنة 1960 في مدينة الدارالبيضاء، في حي سباتة، حيث درست في مدرسة الرافعي للبنات، والتي كانت تديرها خديجة بلفتوح مكوار، نائبة برلمانية سابقة حيث ستلتقي التلميذة والاستاذة عبر مشوارهما في المجال الجمعوي والسياسي "كان لها فضل في تكوين صورة المرأة في موقع تتخذ فيه القرار، إذ كانت مديرة نشيطة وبارزة في أدائها كمسيرة لمؤسسة تعليمية ابتدائية"، تحكي الوزيرة في حديثها ل"اليوم 24". شغف الحقاوي أثناء طفولتها ومراهقتها كان هو القراءة، وكانت تقضي أوقاتا طويلة في التهام الكتب والروايات، ونالت شهادة الباكالوريا 1979 تخصص آداب عصرية. اختارت عضوة الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، تخصص الفلسفة في مسارها الجامعي، حيث نالت الإجازة، تخصص "علم النفس"، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط أكدال سنة 1984، ومن ثمة نالت دبلوم الدراسات المعمقة تخصص "علم النفس الاجتماعي" من نفس الكلية سنة 1990، و دبلوم الدراسات العليا، تخصص "علم النفس الاجتماعي" سنة 1996، كما أنها ما تزال بصدد تحضير دكتوراه الدولة، تخصص "علم نفس الشغل". بعد تخرجها اشتغلت الحقاوي بالتعليم في القطاع الخاص، ودرست في مستويات عديدة، قبل أن تنتقل إلى مؤسسة لتكوين الأساتذة كأستاذة لعلوم التربية. وتؤكد الوزيرة على أن مهنة التعليم "تجعل الشخص يساهم في إعداد أجيال للوطن، وتدفعه إلى استثمار تخصصه في ذلك، فاختصاصي علم النفس الاجتماعي ساعدني في مهامي". وبالموازاة مع عملها كانت الحقاوي رئيسة ل"منظمة تجديد الوعي النسائي"، والتي قالت انها "كانت مجالا للنضال من أجل المرأة المغربية، ومن أولى الجمعيات النسائية التي خلقت نوعا من التنوع في طرح القضايا النسائية مع الأخذ بعين الاعتبار مكونات وهوية المجتمع المغربي". وتحملت "مسؤولية المنتدى السياسي في الحزب الذي كان مجالا للسجال الفكري حول قضايا وإشكاليات شائكة، كما تكلفت بمنظمة نساء العدالة والتنمية"، تروي الوزيرة. وتروي الحقاوي على قترة تحملها مسؤولية المنتدى السياسي للحزب :"كانت أبرز وأقوى المراحل التي عرفت سجالا كبيرا حول قضايا المرأة ما بين 1999 و2004، وهي الفترة التي طرحت فيها قضايا الجندرة وإشكالات الأحوال الشخصية.. وانطلق في المغرب نقاش جديد مبني على التدافع بمقاربات مختلفة أغنت النقاش العمومي الذي سيغني بعد ذلك المذكرات الاقتراحية وصياغة مدونة الأسرة، لكن احتد الأمر إلى أن تم استدعاء خمس سيدات ممثلات عن مختلف التيارات من لدن الديوان الملكي، وكنت واحدة من هذه الشخصيات الخمس إلى جانب السيدات خديجة بلفتوح والسعدية بلميرولطيفة الجبابدي ونجاة مجيد، وذلك لترتيب لقاء مع الملك حضرته ما يزيد عن 40 سيدة، وقد تلا هذا اللقاء لقاء آخر لتعيين اللجنة الملكية. وكانت هاته اللقاءات بحق نقطة تحول في دمقرطة الشأن النسائي". وبعد ذلك، ولجت الحقاوي إلى المؤسسة التشريعية :"كان لي شرف أن أنال ثقة زملائي في الفريق لأكون رئيسة للجنة القطاعات الاجتماعية لعدة مرات، وهي اللجنة التي تطرح فيها قضايا المرأة والطفولة والتنمية الاجتماعية والتعليم والصحة والتشغيل، كما كانت أمينة لمجلس النواب بفضل هذه الثقة". وعن مسارها البرلماني، تقول الحقاوي :"كان متلائما مع اختصاصي واهتماماتي، خصوصا أن أطروحتي في التعليم العالي كانت بخصوص الأطفال المتسولين، كما أن رئاسة اللجنة كانت تجربة مهمة جدا في مساري". وبعد ولايتين كنائبة برلمانية، تم اختيار الحقاوي سنة 2012 كوزيرة، لتكون المرأة الوحيدة في النسخة الأولى لحكومة عبد الإله بنكيران "عشت محطات بمثابة مدارس تخلف آثارا إيجابية وتصقل من خلالها الشخصية، ويحصل التراكم الضروري لكل من يجد نفسه في موقع المسؤولية"، تورد الوزيرة. "هذا القطاع من أصعب القطاعات الحكومية، على اعتبار أن القضايا التي يشتغل عليها قضايا مجتمعية تمس الإنسان المغربي في وضعية صعبة"، تقول الحقاوي، مؤكدة أنها "واجهت في البداية تحدي إعادة تنظيم الإدارة لتكون مؤهلة للعمل والاشتغال ووضع استراتيجية موحدة للقطب الاجتماعي، وكذا تحدي تحقيق أهداف الاستراتيجية التي تم وضعها". ولعل من أبرز ما واجهته الوزيرة خلال ولايتها هو تحدي إخراج القوانين، من ضمنها قوانين وصفتها ب"الصعبة" والتي ظلت تراوح مكانها لسنوات، ويتعلق الأمر بالقانون المتعلق بالأشخاص في وضعية إعاقة الذي نشر بالجريدة الرسمية، وقانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة الذي تمت المصادقة النهائية عليه، وكذا القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، ودار حوله نقاشا حادا حاليا، مستدركة بالقول :"لكن للاسف أحيانا الناس كتكون جايبة معاها مواقف جاهزة، إما لرغبة في العرقلة أو في عدم تمرير القانون بالأساس، تقول الوزيرة، مؤكدة على أنها "تجاوزت العقبات التي واجهتها بالإلحاح والصبر". "أنا راضية على مساري في الوزارة لأن البوصلة كانت في محلها والرؤية كانت واضحة، وفرق العمل صارت مؤهلة للاشتغال ، كما أننا نفذنا نسبة كبيرة من الاستراتيجية التي رسمناها"، تقول الحقاوي قبل أن تضيف "أعتقد أنني حققت منجزات في هذا المجال، لكن كلما اشتغلت وعملت تفتح أبواب مشاريع أخرى على إثر ذلك العمل". وحول مشاريعها عقب انتهاء الولاية الحكومية تفيد :"نجلس شوية، نقرا شوية ونكتب شوية، لأنني اشتقت إلى الجلوس في بيتي وندير شي حوايج ديال الغذاء الروحي والعقلي والفكري وهو ما لا أتوفر على الوقت لأجله حاليا.. هذا علاوة طبعا على نشاطي الحزبي السياسي والمدني…هذه حياتي"، تورد الوزيرة.