كثر الكلام عن قانون جستا الأمريكي الذي يستهدف الدول الخليجية وخصوصا المملكة العربية السعودية، وهذا القانون وغيره وأمثاله هي أحداث يصنعونها لمصلحة بلدانهم ولا يهمهم الغير فلماذا نتعجب من تصرفاتهم ونلاحق أعمالهم بالشرح والتحليل والنقد؟! فكلما تحركوا قويت ردود فعلنا، وإذا سكنوا (وقلما يفعلون) اعتبرناهم أو اتخذناهم أصدقاء وحلفاء، وهم لا صديق لهم في منطقهم وثقافتهم. بل صديقهم ورفيقهم الدائم هو مصلحتهم الوطنية والشخصية. وحبذا لو اقتدينا بهم أما الرد على قانون جستا وغيره من القوانين والتصرفات فيكمن في نهوض حضاري حقيقي للأمة، وليس بردود الفعل الظرفية والحلول الترقيعية وتسكينات الأنظمة. على الحكومات والأنظمة أن تعود إلى حضارتها وشريعتها، وتحترم إرادة شعوبها، وتعمل قيم الشورى والعدل في الحكم وتوزيع الثروة، وتحل المشاكل والخلافات بين بلدانها بالحوار بدل القوة والاستقواء بالغير، وتمتلك قرارها ومصيرها بيدها، وتنشر العلم وتحترم أهله وتعود إلى آرائهم وأفكارهم. إن فعلنا وفعل الحكام هذا وغيره من مقومات النهوض لن يتجاسر علينا أحد.. وإن تمادوا وتمادينا في ما نحن عليه اليوم فلن يعبأ بنا وبضجيجنا أحد خصوصا وأنه ضجيج غير مسموع خصوصا أن معظمه بلغتنا ولا يتجاوز ديارنا. هذا بعض ما أفهمه من قوله تعالى: "ما أصابك من حسنة فمن الله" أي باتباع شرعه وسننه في الكون. "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" أي باتباع الاهواء والشهوات، وانتهاج التجهيل والظلم والفساد والاستبداد والإسراف والتبذير. ومن القوانين الأساسية الكونية المفتقدة فينا ذلك المنصوص عليه في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". فكفى الحكام والأنظمة وعموم ونخب الأمة من لوم الغير وتحميلهم مسئولية أحوالنا وتخلفنا ومشتكلنا، وانتظار التغيير من قبلهم، فالتغيير الإيجابي والاصلاح الحقيقي لا يأتيان إلا من الذات لا من الخارج. وللعلم والعلماء الدور الأكبر في كل ذلك فهم حملة الوعي والفكر ورواد الأمة، والمبشرون بالنهوض، والمقترحون لطرقه وأسبابه. والرائد لا يكذب أهله. مع تحياتي ومودتي، وكل عام وأنتم طيبون عاملون. عبد السلام بلاجي