اعتبر محللون سياسيون تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري يخدم التوجهات الرامية لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية بلبنان، وذلك على خلفية إشارة التقرير لتورط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في لبنان في عملية الاغتيال. وبينما أقر هؤلاء في تصريحات نشرها موقع إسلام أون لاين أول أمس بصعوبة خيار القوة لنزع سلاح المخيمات خشية حدوث تداعيات أمنية خطيرة، اعتبر البعض الإشارة إلى تورط فلسطيني جزءا من مشروع أمريكي يسعى لتغيير المعادلة السياسية بلبنان بشكل يقضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين به. وحسب الموقع، فقد رأى طلال عتريسي المحلل السياسي اللبناني، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة اللبنانية في بيروت إشارة تقرير (رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف) ميليس لتورط فلسطينيين تسهم في توفير أجواء لنزع السلاح خارج المخيمات الفلسطينية تمهيدا للانتقال إلى نزع السلاح من الداخل وبالتالي تصفية أي مقاومة محتملة لإسرائيل من جانب لبنان. جاء في التقرير أن أشخاصا من جماعة أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة (التي تتخذ من دمشق مقرا لها) في لبنان نسقوا مع مسؤولين لبنانيين وسوريين في التحضير لتفجير شاحنة تسبب في مقتل الحريري في فبراير .2005 لكن جبريل نفى في وقت سابق للمصدر اتهامات لجنة التحقيق الدولية بتورط جماعته ولعب دور في اغتيال الحريري. وبشأن الأسباب التي تصعِّب من مهمة نزع سلاح المخيمات بلبنان قال عتريسي: هناك عدم توافق لبناني لبناني حول قضية نزع السلاح الفلسطيني وحول جعلها أولوية في المدى المنظور باعتبار أن تركيز القوى الوطنية المختلفة ينصب الآن على الوضع السياسي بلبنان، على خلفية صدور تقرير ميليس واحتمال إعادة تشكيل السلطة في لبنان. ومضى يقول: كما أن الجيش اللبناني من ناحية ثانية ليست لديه القدرة أو الإمكانات على نزع السلاح بالقوة. وحذر قائلا: الجيش اللبناني سيدفع أثمانا باهظة لو أجبر الفلسطينيين على ترك سلاحهم، وسيعقب ذلك حال حدوثه تداعيات أمنية وسياسية خطيرة. وأشار المحلل السياسي اللبناني إلى أن قضية سلاح الفلسطينيين تحتاج إلى حوار هادئ عميق داخلي بعيدا عن التدخلات الدولية أو الشوشرة الإعلامية. واتفق قاسم قصير المحلل السياسي اللبناني مع عتريسي في أن الإشارة إلى تورط فلسطينيين ستعجل من معالجة ملف السلاح الفلسطيني بلبنان. واستبعد قصير أيضا اللجوء للخيار العسكري قائلا: هناك رؤى لبنانية فلسطينية تطرح للنقاش حاليا بشأن معالجة ملف سلاح المخيمات تسير في اتجاهين: الأول: عدم السماح لوجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، فليست هناك ضرورة له، وهناك شبه إجماع حول هذه النقطة، أما السلاح داخل المخيمات فالمطلوب ضبطه وتقنينه وليس نزعه. وكان رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة التقى الثلاثاء 2005-10-8 وفدين عن التنظيمات الفلسطينية في لبنان، كلا على حدة، في محاولة لتنظيم الوجود الفلسطيني المسلح الذي قالت الحكومة بشأنه إنها لا تقبل المساومة عليه خارج المخيمات. وفي قراءته لإشارة ميليس إلى تورط فلسطينيين، رأى الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أنها تتجاوز مسألة نزع سلاح المخيمات. وأوضح قائلا: الإشارة بمثابة الفرصة التي واتت الولاياتالمتحدة لتحقيق أهدافها في لبنان ومنها توطين اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم نحو 400 ألف لاجئ. وحول آلية تحقيق ذلك قال نافعة: سيتحقق الهدف الأمريكي عبر وسيلتين الأولى: نزع سلاح المخيمات الفلسطينية للتعامل مع الوجود الفلسطيني بشكل قابل للتوطين في لبنان، والثانية: نزع سلاح حزب الله واحتواؤه داخل المعادلة السياسية اللبنانية الجديدة. وأوضح: تقرير ميليس الذي يورط في جزء منه فلسطينيين مخطط أمريكي يسعى في إحدى مفرداته إلى تغيير المعادلة السياسية بلبنان عبر إيجاد حكومة لبنانية مناهضة لسوريا وللفلسطينيين ترفع شعار لبنان أولا، وتتعاون مع النظام الدولي والولاياتالمتحدة في نزع السلاح الفلسطيني.. وهذا يخدم مشروع توطين فلسطينيين بالبلاد. ووفقا لهذا السيناريو فلن تحتاج الولاياتالمتحدة إلى اللجوء للخيار العسكري بحسب الخبير السياسي المصري. وشدد نافعة على أن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات لا يجوز التخلي عنه؛ لأنه سلاح دفاعي ضد أي مغامرة إسرائيلية مفاجئة كتلك التي حدثت في مخيم صابرا وشاتيلا. وتوافق أنور رجا المسؤول السياسي لمكتب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، مع سابقيه، مضيفا أن زج الفلسطينيين في اغتيال الحريري هدفه المباشر تسهيل مهمة تيري رود لارسن مبعوث الأممالمتحدة ومن يتعاون معه لتصفية السلاح الفلسطيني باعتباره عاملا أساسيا في مقاومة مشاريع التوطين للشعب الفلسطيني في لبنان. وقال رجا للموقع نفسه نرى ثمة ربطا واضحا بين قرار 1559 الدولي وهذا الاستهداف في تقرير ميليس. وأضاف: ما جاء في التقرير، وما يخدمه على الأرض من خلال حصار الجيش لمواقعنا العسكرية في لبنان، وهذا القصف الإعلامي اللبناني لسلاح الفلسطينيين يمهد الطريق لاغتيال سلاحنا على حد وصفه.