مجلس الحكومة يعفي استيراد الأبقار والأغنام من الضرائب والرسوم الجمركية    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان        إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله        ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول معركة التأصيل للفكرة العلمانية من خلال الألواح السوسية
نشر في التجديد يوم 22 - 09 - 2005

في هذا المقال يرد الدكتور الشقيري الديني على السيد أحمد عصيد في قضيتين: تتعلق الأولى بمقولة الأمازيغ علمانيون التي حاول أن يؤسس لها عصيد انطلاقا مما يسمى الألواح الأمازيغية، والثانية تتعلق بموقع الفقهاء وعلماء الشرع في الواقع الأمازيغي، حيث يذهب السيد عصيد إلى أن الفقهاء كانوا على الهامش وأن فتاويهم كان لا يعبأ بها في الوقت الذي كان يسير فيه الأمازيغ أنفسهم من غير تدخل لقيم الشرع ونصوصه، وقد أورد الدكتور الشقيري الديني جملة من الشواهد والنصوص الدالة على مركزية الفقهاء والعلماء في حياة الناس عند أهل سوس خاصة، وقد ذكر جملة من الفتاوى والاجتهادات التي كانت تنظم شؤون الناس وتدبر معاشهم.
مدخل
تحت عنوان الأمازيغ علمانيون.. والأمازيغية ليس لها رصيد مكتوب أجرت جريدة التجديد حوارا مع الأستاذ أحمد عصيد، يندرج في سلسلة حوارات ومقالات في الإسلام والحداثة والعلمانية يشرف عليها الزميل بلال التليدي، وإذا كانت >التجديد< قد فتحت صدرها للمخالف، يعبر عن رأيه دون حرج ودون خوف من أن تنصب له مشانق الظلاميين، فإن ما يحز في النفس أن تضيق الجريدة بالرأي المخالف عندما يأتي ممن يقاسمها التصور والأهداف والمبادئ.
ذلك أنني أرسلت مقالا تحت عنوان: هل كان أجدادنا الأمازيغ علمانيين ؟ في ثلاث حلقات أناقش فيه ما ذهب إليه السيد عصيد من كون أعراف الأمازيغ، أو ما يسمى الألواح، تصلح لتكون أرضية تؤصل لفكرة العلمانية لدى الأمازيغ ! وهو ما جاء في حوار له سابق مع جريدة الأحداث- المغربية عدد 92 أبريل 5002. إلا أن التجديد اكتفت بنشر حلقتين: الأولى في 72 يونيو 5002 عدد 2811 والثانية في 82 يونيو 5002 عدد 3811, جاء في آخرها ما يلي:
وسنورد في الحلقة المقبلة نماذج لهذه النوازل السوسية، تكشف للقارئ تهافت مازعمه السيد أحمد عصيد، من أن الفقيه كان في معزل عن الشؤون الدنيوية التي كان يتولاها أجدادنا الأمازيغ بعيدا عن وصاية الدين. وسنصدرها بأحكام تتعلق بالأسرة...
إلا أن هذه الحلقة لم تعرف طريقها للنشر !
ثم جاء الحوار الأخير الذي أجرته >التجديد< مع الأستاذ أحمد عصيد ليؤكد ما ذهب إليه من قبل، ومما ورد فيه قوله: أن رصد القوانين العرفية التي كانت إبداعا عقليا، لم ينطلق من الشريعة، بل كان يخالفها وكان معمولا بها، وأن تستقصي تلك القوانين التي كانت تؤول الشريعة طبقا لها، لأنه في كثير من الأحيان نجد علماء كانوا يسايرون السكان، فيؤولون بعض نصوص الشريعة لصالح ما تعارف عليه الناس من أحكام وقوانين... إلى أن قال: وقد قرأت ردا للدكتور الشقيري الديني يقول لو كان الأمر كما أقول لما اصدر العلماء فتاوى تنظم أحوال الناس ومعاشهم، لكن ما نسيه الدكتور، هو أن العلماء كانوا دائما يؤلفون الفتاوى، ولكنها لم تكن تطبق، لأن الواقع كان يتحكم فيه شيء آخر، بمعنى أن المؤلفات الفقهية كانت تؤلف وتوضع في المكتبة، أما السكان فكانت لهم قوانينهم التي كانت تجري على الأرض... ( التجديد: 6181 شتنبر 5002/1421).
وفي نفس الصفحة يتناول الأستاذ بلال التليدي في عموده عين الحكمة الموضوع من زاوية الجمع بين العرف والشرع متأثرا بمنهج الأستاذ محمد العثماني- رحمه الله- حيث يصل إلى هذه النتيجة: والمتأمل من داخل رؤية بحثية علمية يرى أن هذه الأعراف في مجموعها لا تخالف الشرع، وأن أغلب الفتاوى التي أثارت الإشكال بهذا الخصوص كانت تؤطر قضايا التعزيرات والعقوبات المالية التي اجتهد فيها العرف الأمازيغي اجتهادا كبيرا في الزجر والترهيب، لاعتبار منع الفتنة، والحرص على وحدة الجماعة والنظام داخل القبيلة...
يظهر إذن أن هناك تقاطبا وتجاذبا حول حقيقة هذه الأعراف السوسية بين علمانيين يريدونها تأصيلا لفكرتهم حول فصل ما هو ديني عما هو دنيوي من عمق التاريخ المغربي، وبين إسلاميين يلبسونها لبوس الشرع.
فإذا ما عدنا إلى ميزان البحث العلمي المحايد فإنه من دون شك سيسعفنا في الوصول إلى الحقيقة بشأن هذه الألواح.
لقد نظمت كلية الشريعة بأيت ملول، السنة الفارطة ندوة علمية تحت عنوان: ألواح جزولة والتشريع الإسلامي شارك فيها ثلة من الباحثين، منهم البحاث المدقق الدكتور اليزيد الراضي رئيس المجلس العلمي بتار ودانت الذي أوصله بحثه إلى كون هذه الألواح كانت في مجموعها تخالف الشرع، خلافا لما ذهب إليه سيدي محمد العثماني رحمه الله . نفس النتيجة توصل إليها الدكتور محمد جميل مبارك حفظه الله وهو وإن لم يلق عرضه أثناء الندوة، فقد أخبرني شخصيا أن جل ما في الألواح مخالف صراحة لنصوص الشرع وما تقرره الأصول والمقاصد الشرعية، وأن النتيجة التي توصل إليها الفقيه سيدي محمد العثماني- رحمه الله- الذي حاول أن يوفق بين الشريعة وما في هذه الألواح، كان بسبب توسعه في اعتبار المصلحة، وهو مذهب القلة من العلماء الذين يرون تقديم المصلحة على النص في بعض الظروف.
فإذا ما أضفنا إلى هذين العلمين السوسين البارزين رأي العلامة الدكتور الحسن العبادي الذي عبر عنه في مؤلفه الفريد: فقه النوازل في سوس، يمكننا الحصول على نتيجة مفادها أن الأمازيغ كانوا في فترة من تاريخهم يتحاكمون إلى هذه الألواح خصوصا فيما يتعلق بالنزاعات المالية، وهي مخالفة لأحكام الشرع. ثم تأتي الأسئلة التي يجب طرحها للبحث وهي كالتالي:
- ما طبيعة الصراع بين الفقهاء و إنْفلاس الذين كانوا يضعون هذه الألواح ؟ وهل كانت لهم مصالح شخصية في وضعها ؟.
-ما هي الكيفية التي كان يتم بها انتخاب إنفلاس ؟.
-لماذا لجأ الأمازيغ إلى هذه الألواح في مناطق دون أخرى ؟ وفي مسائل دون أخرى ؟
-لماذا كان الفقهاء النوازليون بسوس يتميزون دون غيرهم باعتبار الواقع، حتى أن بعض فتاواهم يظهر من مرونتها أنها متقدمة على عصرنا، خصوصا فيما يتعلق بأحكام المرأة ؟ !.
-هل تصلح الألواح أن تكون تأصيلا من عمق الواقع المغربي لفكرة العلمانية كما تطرح اليوم ؟.
هل كان أجدادنا الأمازيغ علمانيين؟
يرى السيد أحمد عصيد أن العلمانية يمكن التأصيل لها في المجتمعات الإسلامية من خلال نشاط بعض الشعوب والقبائل التي كانت تتحاكم إلى قوانين وأعراف تواضعت عليها بعيدا عن أحكام الشريعة الإسلامية، ويضرب مثالا لذلك بالقبائل الأمازيغية التي كانت تنتخب أعيانها إنفلاس فيضعون لها أحكاما وقوانين يكتبونها في ألواح ويرجعون إليها عند النزاعات، بينما يكتفي الفقيه بدور التوجيه في أمور الآخرة ! .
وقد بينا في حلقتين سبق نشرهما في جريدة التجديد ردا على السيد عصيد، أن هذه الألواح كان يلجأ إليها في فترات ما يعرف بالسيبة، حيث يتضاءل نفوذ السلطة المركزية، ويقل أهل العلم في بعض المناطق النائية، وحيث يكثر اللصوص وقطاع الطرق، فيلجأ الناس إلى تلك الألواح التي، وإن كانت تفض بعض النزاعات ذات الخصوصية المالية بالأساس، إلا أنها كانت تشتمل أحيانا على ظلم وجور في حق المعتدين وذويهم. كما أوردنا فتاوى لبعض كبار الفقهاء في تلك الفترة حول تلك الألواح.
وحتى نستكمل نقض الدعوى التي أوردها السيد أحمد عصيد في الحوار الذي أجرته معه جريدة الأحداث- المغربية ( العدد 92 أبريل 5002) والتي تبين حدود معرفته بوقائع التاريخ الاجتماعي والثقافي للشعب الأمازيغي بعد الفتح الإسلامي، نورد نماذج من فتاوى فقهاء سوس منذ القرن التاسع الهجري حتى الآن، والتي كانت تغطي مجمل النشاط الإنساني، وتتابع المستجدات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لتلك الشعوب والقبائل. وسيجد فيها القارئ فتلوى جريئة ومتنوعة تدل على سعة الفقه المالكي ومرونته. واخترنا منها ما يمكن الاستفادة منه في عصرنا اليوم. وقد اعتمدنا بالأساس على كتاب فقه النوازل في سوس للعلامة الدكتور لحسن العبادي وهو عبارة عن أطروحة دولة في الدراسات الإسلامية نوقشت سنة 4991 وتم طبعها ونشرها سنة 9991 بكلية الشريعة بأكادير.
يقول مؤلفه حفظه الله : ولما شرعت في جمع مادة هذا الموضوع، وجدت أمامي جيشا عرمرما من الفقهاء، الذين عاشوا في سوس خلال القرن التاسع وما بعده حتى الآن، ممن اتصفوا بالعلم والتأليف في النوازل، وشغلوا مناصب القضاء والإفتاء، فانتقيت منهم من عثرت له على أثر فقهي، سواء كان فتاوى أو تآليف فقهية، فإذا عددهم ينيف على ثلاثمائة اسم ممن لهم إنتاج فقهي . (8).
ثم إن القبائل السوسية كثيرا ما تكون بعيدة عن بسط الحكومة المركزية نفوذها عليها، فكانت القبائل تحكم نفسها بنفسها، وتضبط أمورها بعلمائها ورؤسائها. ولكثرة العلماء وانتشار التربية الدينية التي تنشأ عليها القبائل كان الرؤساء في مقام المنفذين، وعلماء الدين في مقام الحكام والمشرعين، مما يجعل المطلع على فتاوى السوسيين يتملكه العجب، لأنه سيشاهد الفتاوى والنوازل لا تغادر صغيرة ولا كبيرة من كل ما يتعلق من الحياة من كل جهة. ( 43).
فإذا تصفحنا أسئلة الناس وأجوبة الفقهاء عنها خلال القرن التاسع فالعاشر، نجدها أسئلة تتعلق بأحكام بسيطة: تسأل عن شرط الطالب وإصلاح المسجد، وضيافة الغرباء وإيوائهم في أماكن خاصة بهم، وعن عوائد الناس في الأعياد والمناسبات، كتوديع الحجاج واستقبالهم وعن أعرافهم في الأعراس وإعداد الطعام للعامة بعد دفن الموتى، وعن إقامة الذبائح في المداشير( الوزيعة)، لتنتقل بعد ذلك إلى الأسئلة عن الأحكام الشرعية في الأيمان والنذور ودور الأحباس في المجتمع، ثم تتناول العلاقات الاجتماعية بين المسلمين، ومن يعيش بين ظهرانيهم من الذميين، وخاصة اليهود المغاربة، وحكم أشكال التعاون السائد بين الناس المعروفة حتى الآن بالتويزة، وأشكال التنظيم السياسي والاجتماعي، حيث تحاول القبائل في بعض الفترات تنظيم شؤون الناس الخاصة والعامة، لحرصهم على استباب الأمن وحفظ النظام العام بوسائل أهمها انتخاب أو تعيين ما يعرف ب إِنْفْلاَسْ الذين يفرضون أحيانا دعائر قد تصل إلى مصادرة أموال وممتلكات المعتدين تطبيقا لقوانين وضعوها لهذا الشأن وتعرف بالألواح.
كما شغلت المرأة ووضعيتها في المجتمع حيزا كبيرا من مسائل النوازل السوسية، وتظهر العناية بالمرأة أيضا من خلال أحكام الجهاز والشوار والصداق، وأحكام الكدّ والسعاية، ومساهمة المرأة مع الرجل في تنمية المجتمع. هذا إلى جانب الاهتمام بتعليم البنات والبنين، وربما خصص للبنات معلم خاص بعد استصدار فتوى في ذلك ... إضافة إلى نوازل تحوم حول أحكام جرائم الفساد والزنا والهروب بالنساء والإستبراء، وما إلى ذلك.
وبالجملة، فالنوازل السوسية، شأنها شأن غيرها تعتبر سجلا واقعيا للعادات والتقاليد والأعراف المتأصلة في المجتمع، الشيء الذي يجعلها تكتسي أهمية بالغة للفقيه والمؤرخ والباحث الاجتماعي والأديب، بل قد ترصد الأحداث والوقائع المهمة التي أغفلها المؤرخ وسجلتها كتب النوازل من خلال احتكاكها بالمجتمع المسلم، لأن المؤرخ إنما يهتم بالأحداث الأكثر سطحية ووضوحا (201).
للنوازل السوسية خصائص تميزها، منها أنها نشأت في ظروف صعبة بين قوم يتعصبون لأحكام الشريعة ويناضلون من أجلها، وهم فقهاء النوزال، وآخرين يحرفون أحكامها ويقفون في وجهها ويسعون جهدهم لإسقاط حدودها. وكثيرا ما ذهب الفقهاء ضحية ذلك، لأنهم لم يعيشوا أبدا في الأبراج العاجية، وإنما نزلوا إلى الميدان ليعيشوا وسط المعارك اليومية... وقد عرف لهم المجتمع السوسي هذه المكانة، ونظر إليهم نظرة إكبار، فكان يعينهم على ما هم بصدده من نشر أحكام الشريعة ويقف إلى جانبهم في السراء والضراء.
والظاهر أن ظروف الإنحطاط التي غطت مجمل مناحي الحياة أدت إلى ضعف في التدين وضعف الإهتمام بالقائمين على الشأن الديني، يبينه فتوى حول الأوقاف والشؤون الإسلامية، للعلامة النظار سيدي عيسى بن عبد الرحمان السكتاني (ت 2601ه) أحد أعيان سوس ، مفتي مراكش وقاضيها وقبلها تارودانت، تجلت فيها غيرته على أوضاع المسلمين و ما وصلت إليه أحوالهم من التفريط في شؤون الدين والأحباس، والتضييق على الأئمة والمؤذنين، وهي جواب عن سؤال الفقيه سيدي عبد الرحمان التلمساني،
قال رحمه الله: أما بعد، فقد وقفت على جميع ما كتبتم، وما إليه أشرتم، ثم إن التضييق على الأئمة والمؤذنين، والنقص عما هم محتاجون إليه في القيام بوظيفتهم، وملازمة أوقاتهم ليلا ونهارا، فمن تغيير الحبس وإخراجه عن مصرفه وتعريض دين الله للضياع ما داموا قائمين بالوظيف، فالواجب على من بسطت يده في الأرض أن يصرف عنايته لسد هذه الثلمة، والنظر في أحباس المسلمين بالمصلحة، ويقدم الأوكد فالأوكد على ما هو المقصود عند المحبسين، سيما أحباس الملوك لأنهم نواب عن المسلمين، وأما التصرف فيها بحسب الحظوظ النفسانية مع الغفلة عن رعاية ما يجب فلا يحل، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ثم التوسعة على طلبة العلم حملة دين الله وشريعته بنيته واجب، فإن أموال بيت المال ومستفاداتها كثيرة: مزارع وغيرها، ومن ذلك تكون التوسعة. والعرف في أحباس مغربنا الأقصى ألا تخرج عن الصنفين، أحدهم وهو الأوكد: الأئمة والمؤذنون، والثاني حملة العلم، والخروج عنهما تغييير للحبس، والله أعلم. وكتب عيسى بن عبد الرحمان.(أنظر الصفحة 391).
مركزية العلماء
في حياة أهل سوس
يتحصل مما سبق أن القبائل السوسية كانت تضبط أمورها بعلمائها ورؤسائها، حيث كان العلماء والفقهاء والقضاة في مقام الحكام والمشرعين، والرؤساء في مقام المنفذين، وأن فتاوى السوسيين كانت لا تغادر صغيرة ولا كبيرة من كل ما يتعلق بجوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، الشيء الذي جعلها تعكس واقع العادات والتقاليد والأعراف المتأصلة في المجتمع من جهة، ودور الفقيه في ضبط مسارها وحركيتها من جهة أخرى.
وسنقف في هذه الحلقة على نماذج من هذه الفتاوى السوسية التي تتسم بالمرونة والواقعية والجرأة في الاجتهاد، وسيجد القارئ فيها فوائد جمة تناسب هذا العصر.
في مجال الأسرة
أ- حول حكم عضل الولي وليته عن الزواج:
نجد فتاوى للنوازليين السوسيين بهذا الصدد منها ما ذكره العلامة عبد الرحمان بن محمد بن إبراهيم العوفي البعقيلي (ت 1631 ه ) حيث قال:... وبعد فالمدار على العضل على ما يظهر للشهود من حال الولي، فإذا حققوه عمل به، ولا يحتاج إلى التصريح به، قال الأجهوري: يفهم من كلام المدونة أن الأب يكون عاضلا بتحقق الضرر وإن لم يحصل منه رد من يخطب... سواء تكرر خاطبها أم لا... انتهى. وهذا من الأب فكيف بالعم ؟ ! وإذا تبين ضرره قال له الحاكم : إما أن تزوجها، وإلا زوجناها عليك، ثم زوج أو وكّل من يزوج. على أن الجمود على النصوص من غير مراعاة القرائن ضلال، ومن شاهد الزمان وفساده، وتحامل الأعمام على بنات الأخ لا يتوقف في إجازة إنكاح الحاكم مع وجود العم، ولا سيما إن كانت ذات مال ... وفي النوادر : ( وإذا رفعت امرأة أمرها إلى الحاكم لتنكح كشف عنها، فإن لم يكن ولي أو كان، وتبت عضله إياها، زوجها برضاها إن دعت إلى كفء في الحال والمال والقدر).( فقه النوازل في سوس 353).
ب- حول الكدّ والسعاية:
فتوى للفقيه داوود بن محمد بن علي التملي التونلي ( ت. 998 ه) حول حكم من كانت عنده أخته أو غيرها تشتغل له بشغل تولاه بنفسه أو بأمته أو زوجته، ثم بعد ذلك قامت تطالبه بالأجرة، ألها ذلك أم لا ؟.
قال في الجواب ما حاصله: اتفق مالك وأصحابه أن كل امرأة ذات صنعة وسعاية مثل نسج وغزل ومحمل، أنها كانت شريكة فيما بينها وبين زوجها أو أخيها أو أحد ممن تفاوض معها.
والأصل في ذلك أن عمرو بن الحارث تزوج حبيبة بنت رزق عمة عبد الله بن الأرقم، وكانت نساجة طرازة، ترقم الثياب والعمائم، وهو تاجر، وكل واحد يعمل بما عنده حتى اكتسبوا أموالا على الأصناف، فمات عمرو وترك أقرحة ( أي أراضي قاحلة) وديورا وأموالا، فرفع أولياؤه مفاتيح الخزائن، ونازعتهم حبيبة، فتخاصموا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقضى لها بنصف المال، وبالإرث في الباقي.
وإلى ذلك ذهب يحيى بن يحيى وأشهب وسحنون، والأصل في ذلك ما ذكره مالك في اختلاف الزوجين في متاع البيت...اه ( 111211).
وإلى مثل هذا ذهب أبو زيد عبد الرحمان بن محمد الجزولي التامنارتي، قاضي تارودانت ( ت 0601 ه) في جوابه عن امرأة استفادت أملاكا مع زوجها مدة الزوجية بينهما، هل لها حصتها من ذلك الملك على قدر سعايتها ؟ أم نصيبها من أثمان تلك الأملاك ؟
قال: إن اشتركا في أصل الأثمان، فهما في الأملاك على نسبتهما، وإن لم يشتركا فيها، بل كانت تخدمه على عادة نساء الجبال، فلا حق لها في الأصل، ولكن لها أجرة خدمتها على ما يراه أهل المعرفة بذلك من قريتها، بعد أن تحلف ما فعلت ذلك لزوجها لصلة الرحم. اه ( 581). وللتوسع أكثر في هذه المسألة، يرجع إلى باب نوازل السعاية أو مشاركة المرأة الرجل في المستفاد: ( فقه النوازل في سوس: 514 وما بعدها).
ج- حكم معاملة من فسدت عقيدته بسبب الجهل:
سؤال وجهه الفقيه السوسي عبد الله بن سعيد المناني الحاحي ( ت.2101 ه) إلى الشيخ الهبطي يدور حول حكم مصاهرة من غلبه الجهل بما يوجب الجهل به الكفر، هل يجب البحث عن عقيدته أم لا ؟ وعن أكل دبيحته وصحة نكاحه، وتوريث أولاده؟.
وقد أجاب الشيخ الهبطي بقوله: إن من اتصف بالجهل بما ذكر، فحكم نكاحه نكاح المجوس، يفسخ أبدا ولا يلحق فيه طلاق و لا يرثه ورثته إن مات على جهله . اه. وعقبه جواب الفقيه سيدي عبد الله بن يعقوب ناقلا عن ابن مرزوق جاء فيه: من ولد بين المسلمين، وتربى بينهم فعلى الإسلام يحمل ما لم يصدر منه ما يقتضي كفره من غير سؤال وبذلك أيضا أجاب الفقيه سعيد بن عبد الله السملالي ( ت7001 ه). اه.
وعقب العلامة لحسن العبادي- حفظه الله- بقوله : الصواب في هذه القضية ما أفتى به الفقيهان: سيدي عبد الله بن يعقوب وسعيد بن عبد الله السملالي المشار إلى جوابهما. ( 951).
د- حكم المختلعة بالضرر:
قال قاضي إيليغ يوسف بن يعزى بن داوود بن يونس الرسموكي ( ت.9501 ه): إن المختلعة إذا أثبتت الضرر على زوجها، فلها القيام، لقول أبي محمد رحمه الله: فإن كان على ضرر بها رجعت بما أعطته ولزم الخلع ... ( 181).
ه: حول نفقة الحامل المطلقة طلاقا بائنا:
قال الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد اليعقوبي الأدوزي ( ت.6021 ه) : فالحامل المطلقة طلاقا بائنا لها على مطلقها السكنى والنفقة والكسوة إلى أن تضع حملها، ثم لها أجرة الرضاع إلى تمام مدته ... ( 772).
ي- حكم إسقاط الإرث عن النساء:
من أهم ما وقف عليه العلامة لحسن العبادي في بحثه القيم، دفاع الفقهاء النوازليين وعلى رأسهم القاضي عيسى السكتاني عن حق المرأة في الإرث الذي أسقطه الملوك السعديون في أرضي سوس، رغم ثبوته بالكتاب والسنة والإجماع.
فبمجرد ما تولى أبو عبد الله محمد الشيخ المهدي ثاني ملوك السعديين، أصدر ظهيرا في هذا الشأن، ومما جاء فيه: يعلم الواقف على هذا أننا أسقطنا الميراث للنساء ومهورهن والأحباس من وادي سوس، وواد هَوَزَة كذلك الملة، ووادي زكموزن من أسفله إلى أعلاه. فمن ماتت من النساء من تلكم البلاد فليس لقرابتها في ذلك شيء، بل يصير ذلك لبيت مال المسلمين، وكذلك القيمة أسقطنها من الأماكن المذكورة، وكذلك البنيان والأشجار أسقطنا الميراث منها، وكتب بذي الحجة الحرام عام 369 ه . وعلى ذلك مضى السلطان مولاي عبد الله الغالب بالله لإسقاط الإرث على النساء بوادي سوس وجدد ذلك الأمر مولاي أحمد المنصور الذهبي بعد توليه، بظهير وجهه إلى قاضي الجماعة سعيد بن علي الهوزالي.
وانظر مناقشة القاضي عيسى السكتاني لهذه القضية التي شرعها الملوك السعديون وألزموا الناس بمقتضاها ( لم ننقل المناقشة لطولها) جاء في آخرها: فمن أراد الاحتياط لدينه ولأخرته فليعط للنساء إرثهن والسلام. (604 وما بعدها من كتاب فقه النوازل بسوس).
أحكام التعامل مع أهل الكتاب
نظرا لوضعية الجالية اليهودية التي كانت تسكن القرى والمدن في منطقة سوس منذ العهود الماضية واحتكاكها بالسكان الأصليين نشأت نوازل وفتاوى للفقهاء السوسيين تتعلق بأهل الذمة في مختلف المجالات نذكر بعضها.
أ حكم الجزية المأخوذة من اليهود:
قال العلامة الحسن بن الطيفور الساموكني ثم التزنيتي ( ت 8721 ه) ما ملخصه ما يلي: وقد اجتمعت الأمة على جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إذا لم يكونوا عربا، واختلفوا في الكتابي العربي، وغير أهل الكتاب من كفار العجم... ولا تؤخذ من الصبيان والنساء، وألحق مالك بهم الفقير والمجنون بجامع العجز، وإلى ذلك أشار خليل بقوله: (مكلف حر قادر...) إه ( 413513).
ب- حكم بيع العنب لمن يعصره خمرا:
أجاب عنه قاضي تارودانت الفقيه سعيد بن عبد الله بن إبراهيم العباسي السملالي (ت.7001 ه) بما حاصله: بيع العنب لمن يعصره خمرا ممنوع، نص مالك على منعه، وبيعه لمن يبيعه لذلك مثله، وقد سئل ابن رشد عن بيع أصول الكرم للكفار الذين لا يريدون الثمار إلا للخمر، فأجاب أنه مكروه لا ينبغي فعله. اه ( انظر الصفحة 051).
ج- حكم إذلال أهل الذمة:
فيها فتوى سيدي عيسى السكتاني حول مسألة وقعت بتارودانت عام ثمانية وخمسين وألف، وهي أن أهل قيسارية البلد منعوا دخول أهل الذمة القيسارية لغرض لهم إلا بنزع السبابيط، ورفعوهم لوالي الحاضرة، فساعفهم من غير موجب شرعي، هل يلزم هذا ويحل في الشرع، أما هو ظلم وحيف عليهم ؟.
فأجاب بقوله: إلزام أهل الذمة ما ذكر أعلاه من إزالة السبابيط تضييق وظلم لهم، وذلك غير جائز في شرعنا لقول رسول الله ْ: ( من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة) . اه ( 224 ).
د- حكم بناء كنيسة في أرض الإسلام:
ومما يتعلق بنوازل أهل الذمة أن الأمير أبا حسون السملالي بودميعة ( ت 0701 ه) لما اختط عاصمته إيليغ ، جاءت طائفة من الإسرائيليين فاتخذوها مسكنا لهم، فأسسوا كنيسة يؤدون فيها شعائر دينهم، فحدثت محاورة بين فقهاء سوس فيما إذا كان يجوز لهم إحداث كنيسة في بلاد إسلامية أم لا ؟.
فمنهم من قال إلى أن ذلك معمول به منذ الفتح الإسلامي في كل المدن الإسلامية المحدثة على أيدي المسلمين، فكم بلد محدث أسست فيه الكنائس، ومنهم من صمّ أذنيه وأبى أن ينقاد !
فتضاربت فتاوى الجزوليين في ذلك، فرفع الأمير سؤالا حول الحادثة إلى كبير علماء سوس، قاضي مراكش سيدي عيسى بن عبد الرحمان السكتاني، فأجاب في الموضوع بما حاصله: لقد وقف كاتبه- عفا الله عنه- على نازلة أهل الذمة النازلين ب إيليغ من تخطيط أولاد السيد البركة سيدي أحمد بن موسى... ولما وقفت عليها وتأملتها، رأيت أن الصواب فيها الفتوى بمنع إحداث أهل الذمة الكنائس فيها، ويهدم ما بني فيها بعد إحداثه، لأن إيليغ من بلاد الإسلام قطعا، ولا شبهة فيه لأهل الذمة الطارئين فيه لا باعتبارها الفتح العنوي ولا باعتبارها الصلحي، على الخلاف في المغرب باعتبار الفتح...
والحاصل أن وجه دخول اليهود إيليغ معلوم، وأن بلدتهم ملك للإسلام، فبناء اليهود فيها الكنائس معصية، وتمكينهم منه إعانة عليها، وهذا لا يخفى... ( 524 ).
فتاوى حول استعمال التبغ
و طابا
دخلت عادة تدخين التبغ إلى المغرب عن طريق إفريقيا السوداء في مستهل القرن الحادي عشر الهجري. وأول من حملها إليه هو فريق السودانيين الذين قدموا بالفيلة يسوسونها ليقدموها هدية للسلطان أحمد المنصور السعدي... وبسرعة أقبل على التدخين مختلف الطبقات...
وقد حاول أحمد المنصور توقيفها والحد من انتشارها بعدما بلغته شكوى العلماء والمصلحين من ضررها واستفحال أمرها، فاستفتى العلماء في شأنها، فأفتوا بمنعها ووجوب إتلافها، فأمر المنصور بجمعها وإحراقها خلال سنة 1101 ه بفاس.
وقد اختلف فقهاء سوس في شأن هذه العشبة الخبيثة، فمنهم من أفتى بحرمتها القاطعة كالقاضي عبد الرحمن التمنارتي، واستدلوا على ذلك بأضرارها الصحية، وتبذير المال فيها لغير طائل.
ومنهم من أفتى بالحلية كالفقيه الدرعي أبي زيد بن عبد الكريم العقبي. ومنهم من أفتى بالتجنب والابتعاد كراهة وتورعا، كما فعل القاضي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني، والفقيه الشيخ عبد الله بن يعقوب السملالي.
خاتمة
هناك عدة فتاوى للنوازليين السوسيين تدور حول مسائل الاجارات والإقراض ،والحرث والمغارسة والشركة ،وحكم الصلاة في الحافلة بعد ظهورها،وحكم الصيد بالبندقية بعد ظهور الرصاصبالخ ، يضيق المجال بتتبعها . والمقصود الوقوف على دور الفقهاء السوسيين في حياة الناس بهذه المناطق ، تفنيدا لما ذهب اليه السيد أحمد عصيد،وقد نسفنا أطروحته بحمد الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.