ألقى الدكتور فريد الأنصاري، عضو المجلس العلمي بمكناس، درسا حسنيا يوم الثلاثاء المنصرم، في موضوع القرآن الكريم روح الكون ومعراج التعرف إلى الله، انطلاقا من قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم). وقال المحاضر، في مدارسته القرآنية للموضوع، إن القرآن الكريم باعتباره كلام الله إلى البشر وتكريما لهم، يمثل سشبكة اتصال وجودية ذات أنسجة اتصال أفقية تربط بين بني البشر، وعمودية تربط العبد بالخالق»، مؤكدا أن كتاب الله >ملتقى للتكامل المعرفي والإغناء الفكري المتبادل والحوار الهادئ بين الناس صعودا إلى معرفة الله، وتحقيقا لسنة الله في الاجتماع البشري». وركز أستاذ المقاصد بجامعة المولى إسماعيل بمكناس حديثه حول قضيتين: كونية القرآن الكريم باعتباره روحا من الله تعالى، ثم كونه معراجا للتعرف إلى الله يلزم المخلوق البشري القيام بواجب الخالقية من عبادة. وبين الأنصاري كونية القرآن العظيم من خلال خصائص ثلاثة: تناولت الأولى القرآن باعتباره قراءة لكتاب الكون وكشفا لأسراره وألغازه، فهو ميسر لكل الناس، خاصتهم وعامتهم حسب سعة إدراكهم، إذ قدم حقائق الكون الصعبة والمعقدة بيسر وسهولة، حسب تعبير المحاضر. وأشارت الثانية إلى أن كونية القرآن تأتي من أنه روح الكون المنظم للعقل في إدراك حقائق الكون ( بدء الخليقة، المصير...). ويقول المحاضر في هذا الصدد: >فالقرآن نور صادر عن الله (نور السموات والأرض)، وهو كلام الله رب العالمين، خالق كل شيء، فالكون دال على وجود رب الكون العظيم». أما الخاصية الثالثة الموضحة لكونية القرآن الكريم، فيجليها الأنصاري في أن كتاب الله تعالى محيط بمفهوم الزمان بأنواعه (الكوني، والأرضي بالتقدير البشري والتاريخ، والمعراجي بنوعيه الأمري والملائكي، والعندي، والأخروي الخالد السرمدي) ومحيط بالمكان. وأكد الأنصاري أن تدبر هذا الزمان بأنواعه يجعل الإنسان يحس برهبة ويمكنه من >الوقوف على منة الله تعالى، الذي انتقل بالإنسان من العدم إلى الوجود: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا)، فالله فوق كل شيء ومحيط بكل شيء، لأنه تعالى خالق كل شيء». وأشار الأنصاري في القضية الثانية من مدارسته القرآنية القرآن الكريم معراج التعرف إلى الله، إلى أن أول مقاصد القرآن هو تعريف الناس بالمتكلم بالقرآن، فمعرفة القرآن مقدمة على معرفة الله وسبيل إليه تعالى. وأضاف أن إثبات حق الخالقية لله تعالى يترتب عليه أمور الإنسان في الحياة، وكل عبادة هي أداء لهذا الحق، مستشهدا بقوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). وزاد الأنصاري شارحا أن معرفة خلق الله للناس أطوارا ييسر فهم الربوبية، وهي حجة على توحيده، وفهم المعنى الوجودي والوظيفي للإنسان. ونبه المحاضر في لفتات متفرقة إلى ضرورة التفكر في العمر الفردي والاجتماعي للإنسان للوصول إلى حوار هادئ بين الناس تحقيقا لسنة الله في الاجتماع البشري وصعودا إلى معرفة الله. ومن شأن نجاح هذا الحوار الروحي، يؤكد الأنصاري، أن يكون مقدمة لنجاح الاتصال العمودي، الذي يربط العبد بالخالق على أساس معرفته تعالى. عبدلاوي لخلافة