قال الدكتور إدريس الخرشاف في المحاضرة التي ألقاها بمقر المجلس العلمي لجهة الرباطسلا زمور زعير في موضوع "القرآن الكريم وتطور الفكر البشري العلمي" يوم الخميس إن الموت الروحي لبعض المسلمين أشد من الموت المادي، واستدل على قوله بغياب ترييض العقل (استعمال الرياضيات) في قراءة قوانين وأنظمة الكون من خلال قوله تعالى: (لهم قلوب لا يعقلون بها) فترييض العقل، يقول الدكتور الخرشاف، يمكن من فهم القضايا الكونية انطلاقا من القرآن الكريم والانتقال من فضاء الكتاب إلى فضاء الكون والعكس. وتابع صاحب نظرية تدريس الرياضيات من خلال آيات القرآن الكريم أن القيام بالبحث العلمي راهنا مرادف للاجتهاد كما هو منصوص عليه في التراث الإسلامي. فالتفكير العلمي المستخرج من القرآن الكريم رابطة للتخاطب بين الإنسان والكون وسبيل الوصول إلى التقوى. وأشار المحاضر إلى أن الكون لم يبن بالصدفة بل بناه الحق على معادلات حسابية: (والسماء بنيناها بأيد) و(الشمس تجري لمستقر لها) ولأجل فهم هذه الحقائق العقلانية، أمر الله تعالى الإنسان بالسير في الأرض لترييض العقل (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق). واعتبر الخرشاف السير بغير علم رديف سير الحيوان، إذ الإنسان مطالب في كل مرة أن يسائل نفسه كيف يمشي في أحسن تقويم، فالمتبصر من يتعدى الرؤية المجردة للجبل باعتباره كومة من الحجر أو منظرا جميلا إلى حركة كونية تحركت في زمن ما، وأنها ليست جامدة، بل تسير سير السحاب. وفي سياق تعريفه للتفكير العلمي ومساهمة القرآن في تطويره، أوضح الخرشاف أن التعريف مرتبط بالإجابة على الأسئلة المرتبطة به: كيف نفكر؟ لماذا نفكر؟ متى نفكر؟ ماهي شروط ومجالات التفكير؟ وذكر المحاضر مقومات التفكير العلمي الذي يتوخاه القرآن الكريم، وحصرها في إدراك الشروط التالية: 1 التأمل: وهو القدرة على تأمل وتدبر مشاهد وظواهر الكون والخوض في أعماقها. 2 الحرية: فالإنسان المقيد عقلانيا أو من يمارس عليه الضغط الفكري لا يتمكن من الإبداع والتفكير، وتتطلب هذه الحرية علم التفضيل (نحن نقص عليك أحسن القصص) وعلم التقرير. 3 منهج التفكير: أو علم الحوار، سواء منه الداخلي واستدل بقصة سيدنا إبراهيم والكواكب، أو الحوار المتبادل (سؤال جواب) وأعطى نموذجا له بحديث جبريل عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حول الإسلام والإيمان والإحسان. أما عن أنواع التفكير، فذكر المحاضر منها: التفكير التجريبي ويجسده في القرآن الكريم سؤال إبراهيم عليه السلام للحق سبحانه حول إحياء الموتى، فلم يقل الله تعالى له: اسكت؟ بل أعطاه نموذجا تطبيقيا لتحصيل معرفة الإحياء بتوزيع أجزاء من الطير على الجبل ثم دعوتهن للإتيان. ثم الجمالي (وزيناها للناظرين) والدعوي والأخلاقي. وأكد الخرشاف أن التركيز على ترييض العقول من خلال التفكير في الكون والتفكر في ظواهره كفيل بتجاوز واقع تقليد الآباء وتحسين حياة الفرد وليس معيشته ثم رقيه. وأرجع المحاضر سبب نجاح بعض دعوات التنصير إلى انتشار الهرطقات وضعف المنهج العلمي في الإجابة عن أسئلة الشباب الراهنة، وغياب العلماء وعدم قيامهم بالدور المنوط بهم، واستعمال أساليب الترهيب بدل الإقناع العقلي. وفي رده على بعض أسئلة الحاضرين حول معيقات إدراج هذا العلم ضمن مناهج التعليم بالمغرب، شدد المحاضر على تجاوز إسناد مهمات الإصلاح للأحزاب والتكليف بحسب المؤهلات: "فالإصلاح قضية إطار إيماني موجه لوضع الشخص المناسب للمهمة المناسبة وليس قضية منصب وأحزاب". عبدلاوي لخلافة