يوم الأربعاء 20 غشت ,2003 ذكرى ثورة الملك والشعب، بثت إذاعة وطنية فرنكوفونية، ابتداء من حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال، وعلى مدار خمسين دقيقة، برنامجا تعريفيا بالعقيدة المسيحية، تم خلاله تمجيد هذه العقيدة والاستماع إلى مجموعة من صبيانها، وتلاوة مقاطع من نصوصها الدينية وسط إخراج موسيقي يحيل على ترانيم الأجواء المسيحية الخاصة جدا بالمنتسبين إليها. ولم يكتف المتدخلون بعرض عقيدتهم، بل ذهب بعضهم إلى حد مقارنتها بأديان أخرى كالإسلام واليهودية مبينا تقدمها عليها في مجموعة من الرؤى كالتعميد مثلا. هذا البث الذي يتزامن مع حصول إحدى الإذاعات الأمريكية على حق البث عبر إحدى الموجات الوطنية وهي سابقة! يطرح على الدولة التي تتحمل مسؤولية حماية عقيدة المواطنين، وعلى العلماء وكافة المهتمين بحماية الأمن الروحي للشعب المغربي المسلم، عدة تحديات لا يجب التهاون في مباشرتها. وحتى تكون الأمور واضحة لمن يهمه الأمر، يجب التأكيد على ما يلي: 1 ما كانت هذه النازلة لتكون موضوع افتتاحيتنا لو أن التناول كان موضوعيا يستعرض المسيحية من جانب النقاش الفكري الحضاري الذي يحتفل بالرأي والرأي المخالف، ولكن البرنامج كان ذا طابع تبشيري خالص! 2 ما كانت هذه النازلة لتلفت انتباهنا لولا أن ما جاء على لسان بعض المبشرين في حق الإسلام ينم عن جهل كبير بهذه العقيدة السماوية التي تدين بها الغالبية الساحقة للمغاربة، وهو ما يمكن اعتباره محاولة لزعزعة عقيدة المواطنين عبر إذاعة وطنية لا يمكن أن يقبل الشعب المغربي المسلم أن تسخر للبرامج الدعائية لعقائد غريبة عنه. 3 بالإضافة إلى الإساءة المتحققة ضد عقيدة الغالبية العظمى من أبناء الشعب المغربي، يشكل هذا البث إساءة أخرى لا تقل أهمية، عندما لم تحظ ذكرى ثورة الملك والشعب ببرنامج بنفس الأهمية وفي نفس الإذاعة، لترسيخ معانيها البطولية والوطنية في نفوس أبناء الوطن، والاستعاضة عن ذلك بنشر أفكار لا علاقة لها بهذه المناسبة الوطنية العظيمة. 4 إننا إذ نحترم عقائد الغير ونعتز بذلك، استجابة للتوجيه الإلهي الذي يعلمنا احترام المخالفين وجدالهم بالتي هي أحسن، لا يفوتنا التنبيه على أن فضاءنا الروحي يستحق من مخالفينا الاحترام ذاته، ويفرض على الدولة الانتباه إلى من قد يفكر في تسخير نقط العبور الجمركية والإذاعات الوطنية والفرص السياحية لتوزيع وإذاعة ونشر ما يمكن اعتباره عدوانا وزعزعة معلنة لعقيدة المغاربة!