أخبار تألق المسلمين خارج أوطانهم لها وقع خاص، حيث تنسينا أخبار العصابات الإجرامية من داعش وأخواتها التي تسيء للإسلام والمسلمين. صادق خان -ابن سائق الأوتوبيس- أول مسلم يفوز بعمودية بلدية لندن نهاية الأسبوع الماضي بعد حملة انتخابية صعبة تغلب خلالها على منافسه من حزب المحافظين زاك جولد سميث ابن ملياردير يعمل في القطاع البنكي. وأول ما صرح به صادق خان بعد فوزه : "أنا فخور بأنني مسلم"، وأضاف "أنا لندني، أنا بريطاني (..) لدي أصول باكستانية..". اللندنيون عندما منحوا مفاتيح مدينتهم لصادق خان، بعثوا للعالم بثلاثة رسائل: الرسالة الأولى مفادها أن الدين الإسلامي لا يشكل عائقا لتألق المسلمين ببريطانيا. لأن ابن سائق الأوتوبيس الذي فاز بعمودية لندن تربى على القيم الإسلامية، ولم يتنصل يوما من الجهر بعقيدته والاعتزاز بها. وصرح بدون مركب نقص بافتخاره بدينه الإسلامي ووطنه البريطاني الذي تربى فيه دون أن ينسى أصوله الباكستانية. الرسالة الثانية تقول بأن سكان لندن يحتكمون لدستور وقوانين واضحة، وإعطاء عمودية مدينتهم لفلان أو لعلان لا يحكمه دين ولا عرق ولا ملة، بل منحوا صوتهم لمن يستحق لكفاءته ومصداقيته. فهم في حاجة بالدرجة الأولى لمن يحل لهم مشكل المواصلات ومشكل الإيجار المرتفع. الرسالة الثالثة متعلقة بسن المتنافسين على العمودية وثقة اللندنيون بالشباب، فصادق خان مرشح حزب العمال لا يتجاوز سنه ال45، كما أن منافسه عن المحافظين زاك جولد سميث يبلغ من العمر 41 سنة. هذه الأعمار عندنا في المغرب قد تتيح لصاحبها ترؤس كتابة محلية لشبيبة حزبية في أحسن الأحوال، وانتظار سنوات ضوئية لأن الصفوف طويلة والمراتب الأولى مخصصة للزعماء الخالدين. صادق خان نموذج للمواطن البريطاني المسلم، الذي انطلق من الصفر ووصل إلى عمودية أكبر العواصم الأوربية بفضل وضوحه وثقة مجتمعه به. كما أن حملته الانتخابية لم تكن مدججة بالشعارات الفارغة وابتعدت عن الطائفية والعرقية.. سكان لندن منحوه ثقتهم لأنه وعدهم بإدارة شفافة لخدمة مدينتهم وكفى..