استقبلت العاصمة الإسماعيلية خلال الأسبوع المنصرم فعاليات الدورة 11 للمعرض الدولي للفلاحة الذي اختير له موضوع "الفلاحة المرنة والمستدامة"، للإجابة على انشغالات القطاع الذي أصبح مُعَرَّضاً أكثر فأكثر لمخاطر التغيرات المناخية. دورة هذه السنة، التي جعلت من مكناس عاصمة للفلاحة الدولية، يمكن اعتبارها دورة تحطيم الأرقام القياسية بامتياز. فالمعرض الدولي الذي أقيم على مساحة تجاوزت 17 هكتارا، عرف حضور 1200 عارضا يمثلون 63 دولة، واستقبل أكثر من مليون زائر. وكل هذه الأرقام لايمكن لبلدنا إلا أن يفتخر بها نظرا للدور الكبير الذي لعبه المعرض في تجميع هذا العدد الهائل من المهنيين من كافة أنحاء العالم، لعرض تجربتهم وتبادل خبرتهم مع نظرائهم المغاربة. ومن خصوصيات المعرض الدولي للفلاحة أن العارضين يمثلون فئات مختلفة، وهو المعرض الوحيد في العالم الذي نجد فيه رجال أعمال يسيرون مشاريع كبرى فلاحية الى جانب نساء قرويات يمثلن تعاونيات ومجموعات ذات نفع اقتصادي. ويرجع الفضل لهذا التنوع الى فلسفة مخطط المغرب الأخضر الذي أشرف على انطلاقته الملك محمد السادس في أبريل من سنة 2008، والذي يهدف إلى جعل القطاع الفلاحي رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المغرب، ويرتكز على دعامتين أساسيتين، الأولى تتعلق بتقوية وتطوير فلاحة ذات إنتاجية عالية تستجيب لمتطلبات السوق عبر تشجيع الاستثمارات الخاصة، أما الدعامة الثانية فتهدف إلى محاربة الفقر في الوسط القروي عبر الرفع بشكل ملحوظ من الدخل الفلاحي في المناطق الأكثر هشاشة، وهذا ما يفسر الحضور القوي للتعاونيات في المعارض الوطنية والدولية. الحركية الاقتصادية التي عرفتها مدينة مكناس خلال الأسبوع الذي نظم فيه المعرض الدولي، وحجم الاستثمار اللوجستيكي الذي يجدد كل سنة، يُلْزِمَانِ أصحاب القرار التفكير في بناء مدينة فلاحية تستقبل كل سنة فعاليات المعرض الدولي، وتبقى مفتوحة على مدار السنة في وجه زوار المدينة مما سيعطي للمدينة طابعا جديدا ووجهة دولية مطلوبة في المجال الفلاحي. خصوصية وأهمية القطاع الفلاحي في بلادنا الذي يشكل أحد القطاعات الهامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والذي يضم ما يقارب 1.5 مليون فلاح ويساهم بحوالي 15٪ في الناتج الوطني الداخلي الخام إضافة إلى أنه يوفر 40٪ من فرص الشغل، يحتم من باقي جهات المملكة التفكير في تنظيم معارض مماثلة، ولو بحجم أصغر، فالعائدات المالية وعدد الشراكات التي يجنيها المهنيون لا يمكن تصوره. أما بخصوص التعاونيات الصغيرة، فمداخيلها المالية خلال هذه المعارض يمثل النسبة الأكبر من مجموع معاملاتها السنوية.