احتضنت مدينة طنجة نهاية الأسبوع الماضي مؤتمرا دوليا حول الكيف والمخدرات بهدف التفكير في تقنين نبتة الكيف وتحويل استعمالها لأغراض طبية. توقيت المؤتمر وشعاره يطرحان أكثر من سؤال في ظل واقع يقول بأن نبتة الكيف المزروعة في المناطق الشمالية يحول معظمها إلى حشيش يباع خلسة في أزقة المملكة ويهرب إلى الأسواق الأوربية بواسطة مافيات دولية. وقد جانب الياس العماري، عراب قمة الكيف، الصواب أثناء تدخله خلال المؤتمر عندما قارن بين نبتة الكيف و"الشريحة"، واعتبر أنه "مايمكنش نقطعو الشريحة حيت كنصنعو منها الماحية"، وهذه مناسبة لأخبره، إن لم يكن في علمه، بأن الشريحة أصلها كرموص، ومنافعها الصحية لا تخف على أحد. أما نبتة الكيف فلها نهايتين حتميتين، فإما أن تجد نفسها محشوة في "سبسي" أو تحول إلى مخدرات لكي تلف في ورق النيبرو! إن السلسلة الاقتصادية التي تبدأ من زراعة الكيف وتنتهي بالاتجار بالمخدرات تمر من مراحل كثيرة و عبر مافيات متعددة من الوسطاء، ولو افترضنا جدلا أن المزارع البسيط الذي يمتلك قطعة بسيطة من الارض ويزرع فيها نبتة الكيف بريء من تحويل منتوجه الى مخدرات، إلا أن مخدر الحشيش والمافيات الساهرة على رواجه ما كان لهم أن يوجدوا لولا زراعة نبتة الكيف. وقد سبق لحزب البام أن قدم مقترح قانون بخصوص تقنين الكيف، وبدل التفكير في إنشاء وكالة لتقنين زراعة القنب الهندي، حسب ما جاء في مقترح القانون، كان من الأولى إنشاء وكالة لتنمية مناطق زراعة الكيف، تعمل على دعم المشاريع التنموية والمبادرات المدرة للدخل، لأن المخرج الوحيد لحل الإشكاليات المرتبطة بزراعة الكيف يمر عبر تنمية هذه المناطق، وتقزيم مشاكلها التنموية في قانونية زراعة الكيف من عدمه هو هروب الى الأمام، ومحاولة لتجاهل جوهر المشكل المتمثل في انعدام سياسة عمومية حقيقية في هذه المناطق المهمشة، وانتهاج مقاربة أمنية صرفة. وحتى لو قبلنا بفكرة أن المشرع المغربي قبل بتقنين زراعة الكيف، فكيف يمكن أن يتقبلها المزارع الذي اعتاد أن يبيع الطن الواحد من هذه المادة ب 40 ألف درهم في حين أن ثمن طن من الكيف الصناعي لا يتجاوز 6 آلاف درهم!؟ مع العلم أن الكيف المزروع حاليا بشمال المملكة لا يصلح إلا للتدخين ولا علاقة له بالكيف الصناعي المستعمل لأغراض طبية نظرا لتواجد نسبة كبيرة من المركب الكيميائي العضوي "رباعي هيدرو كانابينول" المعروفة علميا ب "THC". إن الدعوة إلى عفو عام عن مزارعي الكيف، الذين يقدر عدد الأشخاص الصادرة في حقهم مذكرات بحث واعتقال حوالي 48 ألف مزارع، لا يعني بالضرورة منحهم الضوء الأخضر للعودة لنشاطهم، لكن هذا العفو يجب أن يكون مرتبطا بالإرادة الحقيقية للمزارعين بتغيير نشاطهم الزراعي، وهذه إشكالية أخرى تتطلب مصاحبة اجتماعية واقتصادية من طرف الدولة، لأن مداخيل قطعة فلاحية مزروعة بنبتة الكيف تضاعف بكثير مداخيل نفس القطعة الفلاحية إن زرعت بمزروعات أخرى بديلة. وفي الوقت الذي يناضل فيه شرفاء العالم من أجل محاربة القنب الهندي وكل أنواع المخدرات، ترتفع بيننا أصوات شاذة تدعوا إلى تقنينها واستعمالها طبيا، وهذا سلوك ليس غريبا على الجهة المنظمة لقمة الكيف، خصوصا أن رصيدها الانتخابي في حاجة الى التعبئة ولو على حساب أصوات مواطنين وجدوا أنفسهم لا يتقنون سوى زراعة نبتة الكيف.