توطئة: لقد أثارت ولا زالت زراعة نبتة الكيف (القنب الهندي) الكثير من النقاشات والسجالات القانونية والدينية بخصوص الأغراض الإقتصادية ، والإجتماعية ، والمقاربات التنموية، والمجالية والسياسية لتقنين زراعة وتسويق وتصنيع نبتة الكيف ، كما شكلت المناطق الشمالية الموضوع الأبرز لهذه النقاشات لكونها المجال المختص بهذا النوع من الفلاحة من جهة، ولكونها من المناطق الأكثر فقرا- مقارنة بباقي أقاليم وجهات المملكة وعلى المستوى الوطني، ولكونها قد خضعت لاحتلال إسباني متخلف بالنظر إلى مقارنته بالإستعمارين الفرنسي والبريطاني. لقد عانت هذه المناطق من تخلف مزدوج : إحتلال إسباني متخلف ، وتخلف طبيعي يعود إلى مستلزمات الجغرافيا ، والتضاريس ، وقسوة المناخ وضعف مردودية الأراضي بفعل قلة جودتها ، ولكونها مناطق جبلية وعرة بامتياز ، مما اضطر الفلاحين والساكنة عامة البحث عن تبني بدائل إقتصادية – فلاحية قادرة على مقاومة قسوة الطبيعة ، والمجال وعسر الجغرافيا ، وكافة الخصائص التي تتميز بها أقاليم جهتي الشمال الغربي : طنجة- تطوانوالحسيمة-تازة-تاونات ، هذا الواقع فرض على فلاحي هذه المناطق الإعتماد كليا أو جزئيا على زراعة نبتة الكيف. وقد قدرت المنظمة الدولية لمحاربة الجريمة والمخدرات بهذا الصدد في تقريرها الصادر سنة 2004 مساحة الأراضي المزروعة بنبتة الكيف بحوالي 134.000 هكتار، وهي وضعية تكشف وتعري إلى حد كبير فشل المقاربة الأمنية التي نهجتها الدولة منذ 1958 في محاصرة المجالات الترابية التي تزرع بها نبتة الكيف ، والتي تجاوزت المجال الترابي بجماعات "كتامة و"بني سدات". ويؤكد بهذا الصدد " MOULIERAS'على اعتماد ساكنة دواوير ساكنة جماعة كتامة ( 5 دواوير ) وجماعة بني سدات ، وجماعة عبد الغاية السواحل (بني عيسى) على زراعة الكيف، كما يؤكد على الإنتشار الواسع للزراعة ، والإنتعاش الكبير الذي عرفتها خلال البدايات الأولى خلال الحمايتين الفرنسية والإسبانية، مرجحا ذلك إلى ما تضمنه عقد الجزيرة الخضراء (7 أبريل 1906، وخاصة الفصل 72 من العقد) الذي شكل الحافز والدافع لعاملي الإنتشار والإنعاش الذين عرفتهما زراعة الكيف، وخاصة بعد أن رخصت السلطات الإستعمارية الإسبانية ل"الشركة الدولية ذات المصالح المشتركة "régi-co-intéréssés " بحق احتكار ترويج وتسويق منتوج الفلاحين المحصل من زراعة الكيف، والتي حددت نفوذ تدخل الشركة بمنطقة نفوذ ومجال الإحتلال الإسباني والمنطقة الدولية طنجة. دوافع توسع مساحة الزراعة : لقد أدى عامل إنعدام التوازن الحاد ما بين الموارد والمقدرات الطبيعية الإقتصادية ، والإجتماعية الفلاحية والسياسية ، وما بين حاجيات الحياة ، وتسبب عامل ندرة الأراضي الفلاحية الصالحة للزراعة ذات الجودة والمردودية العالية ، والتزايد الكبير في نسبة النمو الديمغرافي ، أدى كل ذلك بالساكنة -في غياب إقرار تنمية حقيقية -إلى البحث عن موارد بديلة / إقتصاد معاشي بديل بحتا عن تأمين متطلبات العيش. بعد أن إزدادت الحاجة إن لم يكن من بد في أن تتوسع أنشطة الفلاحين ، وتتوسع المساحات المزروعة بنبتة الكيف (القنب الهندي) توسعا كبيرا ، لتنتشر الزراعة في مناطق خارج المجال الترابي لكتامة ، وبتي سدات ، وبني عيسى ، و بأقاليم شفشاون ، وتاونات ، والناضور، والعرائش ، ووزان ، وأجزاء كبرى من أقاليم تطوانوطنجة والناضور، وبالعودة إلى المعطى التاريخي للبحث والتحقيب عن البدايات الأولى ، والتنقيب الزمني الذي عرفته الدورات الزراعية لنبتة الكيف نخلص إلى : المرحلة /الحقبة الأولى : لقد ساهمت الأحداث خلال هذه الفترة والعراقل التي عرفها المغرب منذ 1912 وإلى حدود سنة 1920 في التوسع الملحوظ في المساحات المزروعة بنبتة الكيف. حيث إستغل الفلاحون عوامل: وفاة السلطان مولاي عبد الحفيظ واستغلال الفوضى التي سبقت البدايات الأولى لعمليات التوطئة العسكرية لللإحتلال ، تراخي عيون وقبضة السلطة خلال تلك الفترة ، إنشغال قوى الإستعمار بوضع اللبنات الأولى لفرض الهيمنة الفرنسية -الإسبانية على التراب الوطني ، اضطرار قوات الإحتلال إلى النزوع نحو الهدنة وإنشغالها بفرض الأعيان والمتواطئين والمعمرين ، والإنغماس في المؤسسات الإستعمارية الإدارية والإقتصادية ، في ظل هذا التضارب استغل الفلاحون الظروف المحيطة والمؤطرة للمرحلة ليقوموا بتوسيع مساحات زراعاتهم وصلت حسب ما ذهب إليه " بول باسكون " إلى الرفع بشكل ملفت من مستوى الإنتاج والتصدير ، حيث انتقل مستوى الإنتاج ما بين سنوات 1913 و 1920 من 100 طن إلى 500 طن. المرحلة /الحقبة الثانية : تمتد هذه الحقبة على طول 10 سنوات ، أي من 1920 إلى 1930 ، وتمتاز هذه المرحلة بخاصية المزيد من التوسع في الزراعة بدخول دواوير جديدة وإنضيافها إلى الدواوير السابقة على خط زراعة نبتة الكيف ، مثل دوار "اتلرواق" (1926) ، متحدية في ذلك كل الإجراءات التي قام بها زعيم الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي ، والتي لجأ فيها إلى إستثمار عنصر العامل الديني ، وإصداره فتوى تحرم زراعة الكيف لمخالفتها للقرآن الكريم. المرحلة/ الحقبة الثالثة : تمتد هذه الفترة هي الأخرى على طول 26 سنة ، وتحديدا من 1930 إلى 1956 ، وهي المدة التي ستعرف خلالها زراعة الكيف إزدهارا وانتشارا واسعين ، برغم المحاولات المتواصلة والحملة التي قادتها من خلال إصدار الظهائر سواء خلال فترة الحماية أو خلال الفترة الأولى من الإستقلال والتي تمثلت في الإصدارات التالية : *ظهير 1932 والذي أصدرته السلطات تفعيلا للإتفاقية الدولية ضد المهربين ، والتي صادق عليها كل من المغرب وفرنسا ، ورفضت إسبانيا التوقيع عليها ، وهو الرفض الذي شكل حافزا لفلاحي مناطق الشمال بمواصلة زراعة الكيف وتوسعة نفوذ ومجال زراعته ، الأمر الذي صعب على إسبانيا لاحقا محاصرة المساحة المزروعة إما لعجزها عن القيام بذلك ، أو لإضطرارها ولحسابات عسكرية وسياسية البحث عن الهدنة مع ساكنة قبائل الريف ، أو نزولا عند الضغوطات التي فرضتها الشركة الإسبانية على سلطات بلادها- خدمة للمصالح العسكرية والتجارية للطرفين – ولالتزامها مع الفلاحين ببيع منتوجاتهم وهي الملزمة بتأدية الضرائب على منتوج الكيف نيابة عن الفلاحين. كما ساهم في توسع المساحات المزروعة الإضطرابات التي رافقت دخول إسبانيا في حرب أهلية 1936-1939 ، لتسمح الفرصة لدواوير أخرى بالدخول في دائرة المناطف التي تزرع الكيف ، كدواوير 'إغماض' "وأمزاز" وغيرهما إسوة بالدواوير المجاورة ، هذه الحالات سوف تصبح بمثابة آلية ونهج تلجأ له ساكنة الدواوير المجاورة أو ساكنة الأقاليم المجاورة لتلك التي تزرع هذه النبتة ، ما دام المنطلق والمبرر هو أن ما هو ممنوع يجب أن ينسحب على كافة المداشر والأقاليم المنتمية لنفس الجهة. لقد فرضت الحرب الأهلية الإسبانية على سلطات الإحتلال السماح بالزراعة ، ما دامت قوات الإحتلال الإسبانية غير مؤهلة لخوض حروب على جبهات متعددة من جهة، ولحاجتها الماسة، إلى جنود مغاربة. وإلى حدود سنة 1954 سوف تصدر السلطات ظهيرا جديدا اتسمت فقراته وأبوابه وفصوله بالتشدد من خلال تقوية الإجراءات التي جاء بها ظهير 1932 ، كما رمت من خلال إصدار هذا الظهير إلى سد الثغرات القانونية التي اعترت ظهير سنة 1932، وحيث أن ظهير 1954 هو الآخر لن يشمل المناطق الشمالية الواقعة تحت نفوذ الإحتلال الإسباني ، فإنه سوف يضع المناطق الواقعة تحت نفوذ الإستعمار الفرنسي بشكل قطعي تحت طائلة المنع الكلي من زراعة نبتة الكيف هذا الإستثناء شكل عامل تحفيز لساكنة المناطق الشمالية على مواصلة التوسع الجغرافي لمجال الزراعة، ليطال لاحقا كل مناطق الريف الغربي. خريطة جغرافية زراعة الكيف : لقد هيمنت زراعة الكيف على النظام الزراعي -منذ 1954 -بالمناطق الشمالية بفعل استمرار عمليات التوسع المجالي للزراعة ، وبفعل الإعتماد الكلي على مداخيل ساكنة هذه المناطق المحصلة من منتوج الكيف باعتبارها المورد الأساسي والمصدر الرئيسي لدخل الفلاحين ، وقد اضطر السكان إلى الإنتقال من مجرد الزراعة إلى التحويل والتصنيع " إنتاج مادة الشيرا" "chira"" المستخلصة من عيون شجرة الكيف بالنظر لما للمادة المستخلصة من أهمية بالنظر إلى حجم الطلب عليها، والذي ساهم في إرتفاع أسعار تسويقها ، وبقدر ما قد يعتقد البعض في مساهمة تسويق مادة الشيرا في ارتفاع مستوى مداخيل المزارعين ، فإن الواقع على العكس من ذلك الحالة، حيث أن وقع الحال يؤكد على كون مستويات المعيشية للساكنة بهذه المناطق لم تتطور نحو الأحسن ، بل أدى الأمر إلى إفراز ظواهر اجتماعية ليست بالضرورة إيجالية والتي تتمثل في ظواهر الخوف التي استوطنت نفسيات الساكنة جراء المداهمات التي تتعرض لها مساكن ودور الفلاحين بين الحين والإخر ودون سابق إنذار من قبل رجال الأمن بمختلف تشكيلاتهم (الدرك-الشرطة-السلطة الإدارية-....)، ودون استثناء للنساء أو الشيوخ أو الأطفال ، وكثيرة هي حالات الإعتقال التي تعرض لها أهالي الفلاحين دون موجب حق ، وكثيرة هي حالات العقاب التي طالت الأبناء والزوجات بدعوى أن المقترف 'للجرم' هو الأب أو الزوج أو الإبن ، واللجوء إلى هكذا آلية من آليات الضغط ليسلم الفارون أنفسهم لأجهزة المراقبة الأمنية ، أو لآغراض الإبتزاز المالي ، أوالسياسي ، أو المقايضة ، وتفعيل المتابعات جراء الشكايات المجهولة أو الكيدية والتي وصل عدد المتابعين على أساسها والذين هم محط بحث بسببها إلى ما يفوق 40.000 مبحوث عنه ، وعدد نزلاء السجون يتجاوز 16.000 سجين 'ة' ومعتقل 'ة'. إن هذه الأرقام تؤشر على حالة الرعب التي أصبحت تتملك نفوس السكان برغم أن أكثر من 90.000 أسرة وحوالي 2000000 نسمة يعيشون في ظل هذا الوضع وفي حالات الترقب من التعرض للخطر الذي قد يداهم لسكانهم. إن استمرار الدولة في التعاطي مع مطالب الساكنة بعدم الجدية ، واستمرار ظاهرة الفقر والتخلف ، والتي يأتي على رأسها مطلب حق هذه المناطق في الإقلاع التنموي ، والإقتصادي ، والإجتماعي والحق في البنيات التحتية الأساسية بدءا بحق المراكز الحضرية في التأهيل الحضري والحق في التطهير السائل، وتشييد المرافق الإجتماعية في مجالات؛ الصحة ، والتعليم ، والرياضة والثقافة، والحق في توطين الأوراش الكبرى التي من شأنها جعل هذه المناطق مجالات جذب لرؤوس الأموال والإستثمار، وبناء المنشآت السياحية المراعية لخصوصيات الوسط ، والموفرة للثروة ، والمنتجة للرخاء الإقتصادي والإجتماعي، وهي آمال لن تتحقق في ظل اهتراء البنية الطرقية، وفي ظل استمرار العزلة على ساكنة دواوير أقاليم وزان ، وشفشاون، والحسيمة ، وتاونات والعرائش، والتي وجهت ولازالت تواجه بدل الإستجابة لهذه المطالب-التي تم رفعها منذ سنوات الإستقلال الأولي-بانتهاج السلطات المركزية لمقاربة أمنية تختصر الأمن في إطار ضيق وفي تعريف تقليدي-مخزني لازال حبيس هندسة تعريف وزير الداخلية السابق المرحوم ادريس البصري. إن المطلوب من السلطات وبكل إلحاح ادراج هذه المناطق-القروية منها خاصة-ضمن الأولويات والأسبقيات ، باعتبارها المناطق الأولى بالإقلاع الإقتصادي-التنموي-، والتي هي في أمس الحاجة لإنتاج الثروة ، وإحداث مناصب الشغل ، والرواج الإقتصادي والتجاري، وتأهيل الإنسان والمجال، بما في ذلك التأهيل الفلاحي ، وتأهيل الصناعات التقليدية، وتثمين منتوجات المناطق القروية وخصوصا منتوجات زيت الزيتون ، والخروب ، وتربية الماشية ، كالماعز، وتأهيل المناطق الغابوية ، والسياحة الإيكولوجية. الظهائر الصادرة بخصوص منع زراعة الكيف إن رصد الظهائر المانعة لزراعة نبتة الكيف (القنب الهندي)بالمغرب،تجاذبت بشكل كبير مع حالات المد والجزر التي عرفها المغرب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا خلال مرحلتي الإحتلال ومابعد الإستقلال، ومع حالات الشد والإرتخاء التي خضعت لها السلطات الإستعمارية والوطنية على حد سواء، لقد كانت السلطات تقبل مضطرة بالتجاوزات كلما فرضت الأوضاع السياسية ذلك، وصل بها الأمر إلى الترخيص بزراعة الكيف من خلال الموافقة الوسيطة التي اختصت بها السلطات شركة "سكاتبغ" وقد تم تخصيص مركزين بكل من الحوز(منطقة مراكش) ، وكتامة(منطقة الحسيمة)، حيث انفردت شركة التبغ المذكورة وحدها بمنح التراخيص للفلاحين لمزاولة زراعة نبتة الكيف، وتحولت إلى شريك يقوم بتقديم الإعانة على تحصيل المنتوج المتحصل من زراعة الكيف، وقد نظم الظهير الصادر في 11 ماي 1919، وكذا الظهير الصادر في 12 نونبر 1932 إلى حد كبير قطاع نظام زراعة نبتة الكيف بالمغرب، ليأتي ظهير 24 ابريل 1954-المشار إليه سابقا-ويتضمن المنع الكلي لزراعة الكيف بمناطق الإحتلال الفرنسي ، وليلغي صلاحيات التراخيص الممنوحة في السابق، ويمنح السلطات المختصة بالمراقبة اتخاذ الصرامة، ونهج المراقبة المشددة على شبكات الإنتاج، وإمعانا في تشديد المراقبة أصدرت السلطات مرسوما تحت رقم 2.56.038 بتاريخ 30 يونيو 1956 أريد من خلاله تحفيز أعوان السلطة بالحصول على جوائز وامتيازات مالية خصصت لمن يقوم بعمليات في مجال المراقبة والإخبار والزجر وقد ظلت هذه الإجراءات عديمة الفعالية لعدم شمولها مناطق نفوذ الإحتلال الإسباني. وبعد سنة 1956 وحصول المغرب على استقلاله السياسي ، لم يتم اخضاع مناطق نفوذ الإحتلال الإسباني، والمنطقة الدولية طنجة للمقتضيات القانونية ومفعول الظهائر والمراسيم ذات الصلة بمنع زراعة نبتة الكيف إلا سنة 1960 ستعرف تطبيقا عمليا لمقتضيات قرار نائب رئيس الوزارة ووزير المالية ووزير الصحة العمومية آنذاك الصادر بتاريخ 11 يناير 1960، وكذا الظهير الشريف رقم 138-60-1 المتمم للظهير الصادر في 24 أبريل 1954، الذي قضى بالمنع النهائي لعملية زراعة نبتة الكيف بالمناطق الشمالية من المملكة التي كانت داخل دائرة نفوذ الإستعمار الإسباني. ونظرا لما كان يعتري حقل التشريع من فراغ قانوني ، فقد سارعت السلطات إلى إصدار ظهير 21 ماي 1974 ، والقاضي بزجر الإدمان على المخدرات : "يعاقب بالحبس من خمسة إلى عشر سنوات وبغرامة يتراوح قدرها من 5000 درهم إلى 50.000 درهم كل من استورد أو أنتج، أو نقل، أو صدر، أو أمسك بصفة غير مشروعة المواد أو النباتات المعتبرة مخدرة'الفصل الثاني من الظهير" ، وحيث أن عمليات المنع قد تعارضت مع إرادة الساكنة لكونها اعتمدت في فترة جد حرجة وفي الزمن والظروف غير الملائمة، وبعد أن أصبحت زراعة الكيف مسألة حيوية ومصدر عيش للساكنة في مجال لا يمكن الإعتماد فيه على غير زراعة الكيف ، وبعد أن أصبحت هذه النوعية من الزراعة تشكل وتدخل في الموروث الإقتصادي والإجتماعي والثقافي للساكنة ، فضلا عن المردودية الإقتصادية لمنتوج زراعة الكيف ، فقد استعصى معه على السلطات منع الفلاحين من الإستمرار في الزراعة بعد أن ألفوا بالمقابل لأساليب الفر والكر ، والقبول بقواعد لعبة المقايضة ، والتعايش مع الخوف والتخفي والأمراض العصبية والنفسية. لقد أبانت المقاربات الأمنية ،القانونية ،الإدارية، لمنع زراعة الكيف عن فشلها الذريع ، فقد كان حري بالدولة إعتماد المقاربة الأمنية ، في بعدها الإقتصادي، الإجتماعي،الصحي، التربوي والثقافي بعد أن لم يعد مقصورا مفهوم الأمن على المفهوم القمعي والسلطوي والزجري. إن المطلوب من الدولة أن تحقق مطالب الساكنة وذلك بالإستجابة للحاجيات الملحةفي أبعادها الآنية، المتوسطة والبعيدة المدى باجتثاث مظاهر الفقر ، الإقصاء الإجتماعي وكل مظاهر الهشاشة ، والقطع مع التطبيق الأعمى لتوصيات ومقررات الهيئات الأممية ذات الصلة بمنع زرعة الكيف ، إذ غير خفي على المتتبع بكون الفقر يندرج ضمن المحرمات والممنوعات رقم واحد ، وهذا ما يفرض على الدولة بخصوص هذا الموضوع إنهاء حالة الفقر والبؤس ما دامت الحاجة –بمعنى الفقر- تبرر الوسيلة ، ومن حق الإنسان أن يبحث لنفسه عن وسائل للعيش تقية من الموت جوعا ، -الموت قد يكون بطيئا وقد يكون سريعا-، وكثيرة هي الحالات التي تستوجب تعطيل المقتضيات القانونية ، لقد وصل الأمر بالخليفة الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن عطل حكم الشرع، ولم يسمح بتنفيذ قطع يد السارق الذي سرق رغيفا لإتقاء تعرضه إلى الهلاك والموت جوعا. إن إيقاف إقامة حد السرقة في عام المجاعة لم يكن مبتدعا وإنما كان متبعا، تطبيقا لأمره عز وجل "فمن إضطر في مخصمة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم"(سورة المائدة) ، علما بأن الحدود في الإسلام تدرء بالشبهات ، وحيث أن ساكنة أقاليم شفشاون ، ووزان ، والحسيمة ، وتاونات ، والعرائش، والناضور قد اضطرت لزراعة الكيف جراء عدم قيام الدولة بما يستوجب منها القيام به لرفع المعاناة عن هذه الساكنة، وحيث أنه في الإمكان إعتماد مخطط تنموي متعدد الأبعاد والأهداف يروم تحقيق مشاريع كبرى من شأنها تحويل المناطق الشمالية من مجال زراعة الكيف إلى مناطق للإستثمار . وللرأسمال الوطني والدولي ، بدءا بإنجاز البنيات التحتية في مجال الطرق السريعة والسيارة ، وتأهيل المناطق السياحية ذات الخصائص الإيكولوجية ، والخضراء ، والنظيفة ، والمعتمدة على المواد الطبيعية- سواء المتعلقة بمواد البناء ، أو الشكل الهندسي ، أو التجهيزات ، أو فيما يخص التنشيط الثقافي والفني والحفاظ على العادات والتقاليد- كما أنه كان في الإمكان تحويل نبتة الكيف عامة ومستخلصات هذه النبتة إلى مواد نافعة للإستعمال في المجالات؛ الصناعية، الطبية، الإقتصادية والتجميلية بعد أن أبانت الدراسات المخبرية بكون العديد من الأدوية المخصصة لعلاجات العديد من الأمراض المزمنة تدخل في تركيباتها مستخلصات نبتة الكيف (القنب الهندي). والقيام من جهة أخرى بالبحث وبشكل متزامن ومتوازي عن بديل زراعي لنبتة الكيف مغايرة لما تم إعتماده بعد أن راكم المغرب الكثير من الفشل لعجز الإجراءات والتدابير عن تأمين وتوفير المداخيل ، وتحقيق المردودية بالقدر الذي يوازي ما تحققه وتوفره زراعة نبتة الكيف. مجالات الإستخدامات الطبية لنبتة الكيف إذا كانت أكثر من 23 دولة عبر العالم تستعمل وتستخدم مستخلصات نبتة الكيف في الأغراض الطبية، فقد شرعت كل من الولايات المتحد الأمريكية (في 20 ولاية) ، وكندا ، وأوستراليا ، وإسبانيا ، وهولندا ، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، وألمانيا، وبلجيكا، والبارغواي، والمكسيك في إجراء التجارب المخبرية والعلمية للبحث في المزايا العلاجية لمستخلصات نبتة الكيف(القنب الهندي). والبحث في إمكانيات تقنين استعمالها للأغراض الطبية والصناعية والغذائية . وهو التوجه الذي أصبح يلزم المغرب بضرورة الإقتداء بهذه الدول ، وفي هذا الإطار تقدم الفريق الإستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب بمقترح قانون يرمي إلى المطالبة بتشريع تقنين زراعة وتسويق وإستعمال نبتة الكيف في الأغراض العلاجية، والطبية، والصيدلية والعلمية، وفي صناعة مواد التجميل، وفي الأغراض الصناعية. كما سعى الفريق الإستقلالي من خلال تقديمه لمشروع مقترح القانون إلى البحث عن اقتصاد فلاحي بديل في المناطق التي تعتمد ساكنتها على زراعة نبتة الكيف، وذلك بإقرار سياسة تحدد قانون الإطار لزراعته وتوزيع وبيع واستهلاك سواء المادة الخام-النبتة- أوالمواد المستخلصة عن عمليات التحويل ، وكذا المساحات المسموح بزراعتها ، كما طالب مشروع مقترح القانون بضبط المناطق وتحديدها والحفاظ على خصوصيتها ، مع الدعوة لإحداث وكالة وطنية تكون بمثابة مؤسسة عمومية تتمتع بالإستقلال الإداري والمالي. واعتبارا لحالات التوتر، والقلق ،والخوف الذي تعيش في ظلها ساكنة المناطق الشمالية التي تختص بزراعة نبتة الكيف ، فقد حرص الفريق الإستقلالي على تضمين مشروع المقترح طلب إصدار عفو عام عن كافة الأشخاص المتابعين -والذين يتجاوز عددهم 40.000 شخص- والملاحقين على أساس الشكايات المجهولة والكيدية. وبالعودة إلى صلب الموضوع والمتعلق بتقنين نبتة الكيف للأغراض الطبية والعلاجية فقد أبانت الدراسات المجراة على العديد من المرضى والأدوية عن وجود الكثير من المكونات الكيمائية التي تدخل في تركيب العديد من الأدوية المستخلصة من نبتة الكيف : دواء "ساتفيكس" " SATIVEX " وهو الدواء الذي رخصت العديد من الدول باستعماله ، وظلت فرنسا تمانع في الترخيص باستعماله ، إلى أن أقرت مؤخرا -8 يناير 2014- تحت ضغط المختبرات الطبية والهيئات الطبية والصيدلانية – على الترخيص بتسويقه كدواء ، وهو دواء يدخل في مجال تخفيف الآلام الناتجة عن بعض الأمراض المزمنة مثل مرض التليف العصبي المتعدد ، وهو دواء يحتوي على مستخلص " تيترانا بينيكس" ومستخلص 'تابيديوليكس" وهما مستخلصان يحتويان على مادتين فعاليتين وهما ' تيترا هيدرو كابنيول' ، 'والكنابيديول" ، ويدخل ضمنها المواد المضادة لسرطان الثدي، والبروستات ، والمواد المسكنة للآلام الشديدة ، ومرض التصلب ، والباركنسون ، وآلام الرأس ، والأمراض العقلية مثل الذهان والعصاب. وبترخيص السلطات الفرنسية الصحية باستعمال دواء "LE SATIVEX " الممكن الشروع في تسويقه نهاية سنة 2014 أو بداية 2015، تكون فرنسا قد سارت على نفس ما ذهبت إلى العمل به كل من ألمانيا وأنجلترا وسويسرا منذ 2007. كما أن مشتقات نبتة الكيف تستعمل منذ أمد طويل في مجال التخذير الطبي وتسكين الآلام ومعالجة حلات الصرع، والأمراض النفسية ، ومضادات الغثيان، والسيدا، القيئن وأفات الحبل الشوكي ، والإضطرابات الحركية ، والتشنج ، وضعف الشهية. دواء الأسبيرين :يعتبر هذا الدواء من أشهر الأدوية العالمية ، ويستخدم لعلاج الصداع وتخفيف حرارة الجسم. 3-دواء البنزوديازينبات ، BENZODIAZEPINES" ويستخدم لعلاج حالات القلق ، واسترخاء العضلات ، وعلاج حالات الصرع. 4 -دواء 'الأسيتامينوفير '' ACETIMINOPHERوهي المادة المعروفة في دليل الأدوية، 'الباراسيتامول' ولها نفس مفعول 'الأسبيرين'. كما يستخدم مشتق نبتة الكيف (القنب الهندي) للتخفيف من مرض وألم المفاصل. وفيما يلي لائحة أولية ببعض الأمراض التي تدخل مشتقات نبتة الكيف في علاجاتها : 1-التخفيف من ألم المفاصل. 2-مقاومة حالات الغثيان والقيء (وخاصة لدى مرضى السرطان الذين يعالجون بالنوبات الكيمائية). 3-معالجة الإضطرابات الحركية. 4-معالجة آلام الرأس (دواء دكسابينول). 5-معالجة حالات ارتجاج المخ وحالات نقص الأوكسجين. 6-فاتح للشهية لدى الفئات المريضة بالنحافة المزمنة بسبب مرض السرطان والسيدا (مادة 'درونابينول'). 7-معالجة ضيق القصبة الهوائية عبر المساهمة بتوسعتها ، ومعالجة بالتالي لضيق التنفس، ومرض الربو –الضيقة- (باستعمال مادة : تي-إتش-سي). 8-معالجة تشنجات العضلات. 9-معالجة تساقط الشعر والقشرة والصلع من خلال استعمال الزيوت المستخلصة من نبتة الكيف ، كما يزيل الطبقات الذهنية. 10-وتوصل العلماء في المجال البيئي إلى الإقرار بأهمية زراعة نبتة الكيف بجوار المفاعلات النووية لما لها من قدرة على امتصاص الأشعة النووية بنسبة قد تصل إل 80 % من نسبة الإشعاع. 11-كما توصل العلماء في المجال الطبي –العلاجي إلى كون 'الماريخوانا' المستخرجة من الكيف فعالة جدا في علاج الكثير من الأمراض. وبالعودة إلى أهمية الدراسات والأبحاث العلمية في المجال الطبي وذات الصلة بالصناعة البيطرية والصيدلانية يحيلنا كل من العالمين؛ "أمين بنيمينة"، و"ليزا بليشا" ، العاملين بالمستشفى الجامعي 'بول بروس فيل جويف' بباريس-فرنسا في مقال علمي لهما نشراه سنة 2012 إلى أن أولى الإشارات عن الإستعمالات الطبية لنبتة الكيف يعود تاريخها إلى 2700 سنة قبل الميلاد من قبل الصينيين ، حيث أكدت الوثيقة الصينية على معالجة نبتة الكيف لمرضى داء النقرس ، وآلام المفاصل ، ومرضى الملاريا والروماتيزم ، وأكدا بالمناسبة كذلك على أن استخدام مستخلص الكيف كمضاد حيوي لتخفيف الآلام يعود إلى سنوات 1845 -1885 ، مقرين بأهمية هذا المضاد وتجاوز مفعوله بكثير لمفعول 'الأبيوم'. وبخصوص أهمية الترخيص بتسويق دواء 'LE SATIVEX'يؤكد البروفيسور 'تيبومورو' (رئيس قسم الأعصاب بالمستشفى الجامعي بيلاكون بفرنسا)على أهمية الخبر على مرضى تصلب الصفائح بالنظر إلى أهمية الدواء في معالجة التشنج ، وتنظيم نوم المريض بسبب مفعوله في التخفيف من الألم بنسبة تتراوح ما بين 30 % إلى 50 % من شدة الألم. 'الإستخدامات الطبية لنبات القنب' : نبات الكيف وما يحتويه من مواد وخصوصا مادة (THC) وبعض المركبات صناعيا ، لها مكانتها الطبية ، ويمكن أن نجمل هذه الإستخدامات بما يلي : 1-مضادة للغثيان والتقيؤ عند المرضى الذين تتم معالجتهم بالأدوية المقاومة للسرطان ، في حالة عدم استجابتهم للأدوية الأخرى المضادة للقيء. ومن هذه المشتقات مركب نابيلون (NABILONE) ، ومركب درونابيلون (DRONABILON). 2-تصلب الأنسجة والشد العضلي (MULTIPLE SCLEROSIS AND MUSCLE SPASTICITY) ، في معالجة الإضطرابات ذات المنشأ العصبي ، مثل تصلب الأنسجة والأضرار التي تصيب الحبل الشوكي. 3-معالجة الإضطرابات الحركية ومرض باركنسون (MOUVEMENT DISORDER AND PARKINSON/S DISEASE)) . مقدرة نبات الكيف على التحكم في الإضطرابات الحركية ومرض باركنسون وداء ميجز (MEIGS/SUNDROME) ، وجاءت تسمية هذا الداء نسبة إلى الجراح الأمريكي جو ميجز (JOE V.MEIGS , 1892-1963) . 4-تخفيف الألم (PAIN RELIEF)، تعتبر بعض مكونات الكيف مسكنات مفيدة ، في حالة عزل أو ضبط الآثار النفسية للنبات بحيث لا يسبب مشاكل مستقبلية للمريض. وخلصت بعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات بأن كلا من مادتي (THC) و (CBD) تمتلكان خصائص مسكنة ، وأن العديد من الدراسات السريرية أفادت بأن جرعة تقدر بحوالي (15-20) ملغم من مادة (THC) توازي تأثير جرعة من الكودائين والتي تقدر بحوالي (60-120) ملغم. 5-إصابات الرأس (HEAD INJYRY)، هناك مركب مشتق من مكونات نبات الكيف يدعى دكسابينول (DEXABINOL) أجريت عليه بعض التجارب السريرية لتقييم استخدامه في معالجة رضوض الدماغ (BRAIN TRAUMA)، وفي حالات نقص وصول الأكسيجين إليه (CEREBRAL ISCHAEMIA) . والأهم هو أنه لا يؤدي إلى تأثيرات نفسية. تمتلك مادتي (CBD) و (THC) تأثيرا مضادا للأكسدة يفوق تأثير حمض الأسكوربيك (فيتامين سي) ومادة توكوفيرول ( ALPHA- TOCOPHEROL- VITAMINE E). 6-داء ثورتي (TOURETTE/S SUNDROME)، إن مكتشف هذا الداء هو من أكبراختصاصي الأعصاب الفرنسي،إنه تورتي (1857-1904 GILLES DE LA TOURETTE ) ، وهو داء نادر الحدوث يتميز بنوبات قاسية من التشنجات العضلية في مناطق الوجه والكتفين والأطراف ، وهو حالة عصبية مزمنة تبدأ منذ الطفولة أي ابتداء من سنتين إلى أربع سنوات. وتعالج هذه الحالة عادة بدواء هالوبيريدول (HALOPERIDOL) ، كما أن تنشيط مستقبلات الكانابينويد (CB1) تزيد من فعالية مادة الدوبامين في الدماغ ، ويبدو بأن مسارات الكانابينينويد الفسيولوجية في الجسم لها علاقة بالأسباب الفسيولوجية المرضية لداء توتي. 7-علاج الذهان والعصاب (NEUROSES AND PSYCHOSIS). 8-معالجة ضغط العين GLUCOMA). لقد لوحظ في عام 1971 م بأن تدخين الكيف يقلل من ضغط العين بنسبة تقرب من 45% ،وقد عزي هذا الفعل إلى مادة (THC) ، لتدخلها بمركبات البروستاجلاندين PROSTQGLQNDINES)) . 9-تنبيه الشهية تجاه الطعام APPETITE STIMULATION)) . من المعروف بأن تدخين نبات الكيف ينبه الشهية تجاه الطعام ، وخصوصا في حالات الإصابة بالأمراض التي تسبب فقدانا في الوزن مثل مرض الإيدز والسرطان ، وفي حالات فقدان الشهية فقد أكدت الكثير من الدراسات السريرية على فعل الدواء المأخوذ عن طريق مادة درونابينول (DRONAPBINOL) –إحدى مشتقات نبات الكيف – بجرعة قدرها 2.5 ملغ صباحا ومساء ، وقد جاءت النتائج إيجابية من حيث تحسين الشهية تجاه الطعام وتحسين المزاج (MOOD) والتخفيف من التعرض للغثيان ، وبالتالي تحسين درجة نمط الحياة لدى المرضى، وخصوصا مرضى فقدان المناعة المكتسبة "السيدا" لقد كانت الآثار الجانبية المسجلة في هذه الدراسات متوسطة وخفيفة . 10-معالجة أزمة صعوبة التنفس-(ASTHMA) ؛ تعمل مادة (THC) على توسيع القصبات التنفسية عند تناولها بالفم أو بواسطة خلالات هوائية (AEROSOL) . ولمكونات نبات الكيف خاصية الفعل لفترة زمنية طويلة بسبب تخزين في دهون الجسم التي تشكل مخازن للدواء. الإستعمالات الصناعية لمنتوجات الكيف : إذا كان أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن نبتة الكيف (القنب الهندي) هو المخدرات. فإن ما يدعو إلى الدهشة كون أبكر النباتات المستأنسة التي استفاد منها البشر في التاريخ ومنذ 10 ألف سنة بتايوان في أغراض الحياة والصناعة المختلفة هي نبتة الكيف ، والتي تتميز بقوة المقاومة للأمراض والآفات الزراعية ، فهي تحد من ظاهرة التعرية ، وتساهم في إنتاج الأوكسجين ، ومعالجة ثاني أوكسيد الكاربون ، وصناعة الأوراق، والمناديل، والمنتوجات الكارطونية (100 م2 من نبات الكيف-التي تنتج في موسم واحد-تنتج أكثر من 400 م2 مما تنتجه الأشجار) ، وذلك لما تتسم به من كثافة الألياف، وجودتها العالية ، لقد كانت تستخدم على نطاق واسع في صناعة النسيج والأحبال ، والأقمشة ، و في الصناعات الغذائية (44 % من وزن بذور نبتة الكيف هي زيوت قابلة للأكل ، وتحتوي على 80 % من الأحماض الذهنية الأساسية كحمض زيت الكتان أو حمض اللينولييك ، ذلك أن نبتة الكيف تحتوي على كل الأحماض الأمينية ال 21 المعروفة ، وتتضمن 9 أنواع من الأحماض التي يحتاجها جسم الإنسان الفاقد للقدرة على إنتاجها ، إن 15 مل فقط من زيت نبتة الكيف يزود جسم الإنسان بكل ما يحتاجه من الأحماض الذهنية الأساسية. كما تستخدم ألياف نبتة الكيف في صناعة الحجارة المستخدمة في عمليات البناء ، وفي العزل الصوتي والحراري لكونها تتفوق من حيث الجودة على بقية المواد ، كما يمكن صناعة من نبتة الكيف المغاسل والبطانات الداخلية في صناعة السيارات ، وصناعة أوراق لفائف السجائر ، والمواد الكاربوهدرائية ومواد البلاستيك ومواد البناء ، وصناعة الوقود العضوي النظيف الذي يقوم مقام الكثير من المحروقات الملوثة. ومن العوامل الإقتصادية الممكن تحقيقها قدرة نبتة الكيف على العطاء أربع مرات في السنة ، إذ في الإمكان تحويله إلى بديل فلاحي وثروة وطنية ذات مستقبل أخضر وأنظف ( هكتار واحد من زراعة الكيف ينتج ما يوازي 10 هكتارات من الأشجار) علما أن الكيف يحتاج إلى شهرين لإكتمال نموه ، في حين تتطلب مدة نمو شجرة واحدة عشرات السنين. فزراعة الكيف تمثل ثورة وثروة ودورة زراعية جيدة بالنظر إلى مدة إكمال النمو ، ومستوى المردودية ، فهي تحافظ على البيئة ، وسهلة الزرع، مما جعل منها نبتة ثورية ، فهي وإن كانت تساهم في ضبط وتثبيت التربة السطحية من التعرية ، فإنها من أكثر النبتات استعمالا للضوء ، وبالتالي لإنتاج الأوكسجين. وتعتبر الألياف المصنوعة من نبتة الكيف أحسن وأقوى بنسبة 250 % من الألياف القطنية ، و 600 % أحسن وأقوى من ألياف الكتان ، كما يمكن صناعة من نبتة الكيف قماش اللوحات الزيتية ، والحبال ، والخيش ، والأكياس ، والورق (يصنع من ألياف الكيف أي توفير ما قدره 0,05% من حجم الإنتاج العالمي السنوي) ، وكذا صناعة الخيوط المبرومة ، وأقمشة التغطية المتينة التي لا تبلى بسرعة ، والأقمشة الرقيقة المخصصة لتغطية الجدران. كما تتوفر نبتة الكيف على ألياف لحائية ، وقش ، وبذور و على البروتين والأوميكا3، مثل الزيوت، والدقيق، وعلف الحيوانات، ومستحضرات التجميل. الدكتور محمد بكاري: باحث في مجال التنمية والتغيير الاجتماعي بالعالم القروي رئيس جماعة زومي إقليم وزان