سمعت أم أحمد طلقات الرصاص فأحسّت على الفور ان احد ابنيها المتواجدين فوق السطح قد اصيب، ولم تعلم ان فلذتي كبدها الاثنين قد استشهدا.هرعت الى السطح مسرعة مذعورة، وصعقت حين شاهدت الفاجعة، كان احمد ملقى على ظهره، يسبح في بركة من الدماء وخلايا دماغه متناثرة بينما ابنتها اسماء كانت غارقة في دمائها هي الاخرى وملقاة على وجهها في جانب مقابل. ثم اطلقت الام الثكلى صرخة مدوية كاد يسمعها اهالي المنطقة قاطبة. الطفلان الشقيقان أحمد محمد المغير 13 عاما وشقيقته أسماء 15 عاما لم يكونا يعلمان أن صعودهما الى سطح منزلهما بحي تل السلطان في رفح لعلف الحمام الذي اعتادا على نثر القمح له يوميا سيكلفهما حياتهما وسيمكن قناصة الاحتلال الذين يتربصون بكل هدف متحرك من وضع حد لحياتهما بهذه البساطة.فبينما كان الطفل أحمد يداعب الحمام الذي حرص على تربيته بيديه الصغيرتين ويلقي له الحبوب كعادته كل يوم وأخته أسماء الى جواره تنشر الملابس فوق سطح المنزل صوب أحد قناصة الاحتلال الموتورين فوهة رشاشه تجاه رأسهما الصغيرين ودون تفكير ضغط على الزناد ليضع حدا لحياتهما. ربما يكون قد تردد للحظة قبل أن يقتلهما لكن حقده الشديد وكراهيته للفلسطينيين وأطفالهم حالا دون تردده ودفعاه للقتل حتى وإن كان الضحايا أطفالا برصاصة واحدة واستقر فكره الإرهابي على توجيه الرصاصة القاتلة الى رأسين صغيرين ليسبح الشقيقان في بركة من الدماء.تنتقل أم أحمد بين أحمد وأسماء وتطبع قبلة هنا وقبلة هناك تحاول لملمة الأشلاء تتحسس شعر ابنتها وتنهار ويغمى عليها ويحاول أبو أحمد التخفيف عنها وجذبها من المكان ولكنه ينهار هو الآخر ويلقي بنفسه فوق جثتي فلذة كبده ويحتضنهما بحرارة.. لم تسعفه الكلمات لكن الدموع التي ذرفها كانت أقوى من أي كلمة. يقول الحاج أبو أحمد انه تمكن من إنزال جثتي ابنيه أحمد وأسماء الى الطابق السفلي، مؤكدا أن الشهيدين الطفلين ما زالا داخل المنزل ولم تسمح قوات الاحتلال التي تفرض حظرا للتجول في المنطقة بنقلهما للمستشفى أو السماح للعائلة بدفنهما، وأكد المواطن المغير أنه بالرغم من مرور أكثر من عشر ساعات على استشهادهما لم يتمكن من إخراجهما من المنزل لدفنهما وقال انه كلما كان يحاول الخروج من المنزل يقوم جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص تجاهه ومنعه من الخروج.ويصف الحاج المغير حال الأسرة بالمأساوي وقال ان اطفاله الصغار لم يكفوا عن البكاء لحظة واحدة ولم يتذوقوا الطعام أو الشراب منذ ساعات الصباح الباكر ومنذ استشهاد شقيقيهما، مضيفا أن الجميع ملتفون حول جثماني الشهيدين داخل باحة المنزل ويقومون بتلاوة القرآن. الشروق الاخباري