في الخامس عشر من الشهر الجاري وعلى حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال، سيحبس المغاربة أنفاسهم في انتظار إعلان جوزيف بلاتر، رئيس الفيدرالية الدولية لكرة القدم، إسم البلد الفائز بتنظيم مونديال 2010. ولأول مرة في تاريخ المونديال، ستحسم المسألة لصالح بلد إفريقي. ويرى المراقبون أن حظوظ مصر ضئيلة، وأن حظوظ تونس وليبيا أقل منها خاصة بعد رفض ملفهما المشترك. ليظل بذلك التنافس حادا بين أقوى المرشحين: المغرب وجنوب إفريقيا. وإذا كانت جنوب إفريقيا تراهن بقوة على البنيات التحتية وعلى الصداقات التي تربطها بإدارة الفيفا، فإن المغرب قد جند نخبة من الخبراء الدوليين وسخر إمكانات مالية هائلة. البنيات التحتية - جنوب إفريقيا: يعتبر ملف جنوب إفريقيا الأقوى من حيث البنيات التحتية، فقد سبق لها أن احتضنت عدة بطولات دولية: بطولة العالم في الكرة المستطيلة (1995)، كأس إفريقيا للأمم (1996)، الألعاب الإفريقية (1999)، كأس العالم لألعاب القوى (2000). كما أنها كانت مرشحة سنة 1997 لتنظيم الألعاب الأولمبية لسنة 2004. ومن بين الثلاثة عشر ملعبا المخصصة لمونديال 2010، هناك ستة ملاعب جاهزة، وأربعة في طور الترميم والتوسيع، في حين ستشيد ثلاثة ملاعب أخرى مستقبلا. وقد خصص لهذه التظاهرة غلاف مالي بقيمة 243,8 مليون دولار. - المغرب: يتوفر المغرب حاليا على ملعب جديد بمدينة فاس (45000 مقعد) ويجري تجديد وترميم اثنين آخرين بكل من الدارالبيضاء (50000 مقعد) والرباط ( 52000 مقعد). وهناك ثلاثة ملاعب في طور الإنجاز بكل من مراكش (70000 مقعد) وأغادير(45000 مقعد) وطنجة (69000 مقعد). وفي حال قبول ملف المغرب، ستشيد ثلاثة ملاعب أخرى بكل من الدارالبيضاء و الجديدة ومكناس. ويقدر الغلاف المالي المرصود لهذه التظاهرة ب 750 مليون أورو. السجل الرياضي - المغرب: يزخر سجل المغرب بعدة أمجاد بطولية، من بينها تتويجه بطلا لإفريقيا سنة 1976، وكونه أول بلد إفريقي تأهل لنهائيات كأس العالم (سنة 1976 بالمكسيك) ثم وصوله إلى الدور الثاني (سنة 1986 بالمكسيك)... وكان اللاعب المغربي العربي بنمبارك قد شد أنظار أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية وحقق نتائج باهرة للمنتخب الفرنسي. بعد ذلك، برزت أسماء لاعبين كبار كعبد القادر لخميري، عبد الرزاق الوركة، قدميري بن محمد، سالم بن ميلود... كما أن أول لاعب إفريقي خاض نهاية كأس العالم كان هو المغربي عبد الرحمن المحجوب ( سنة 1954 مع المنتخب الفرنسي). وكان فريق الرجاء البيضاوي أول نادي إفريقي يخوض كأس العالم للأندية. - جنوب إفريقيا: أدت ظاهرة الميز العنصري التي شهدتها جنوب إفريقيا إلى إقصائها من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الذي كانت أحد أعضائه المؤسسين سنة 1957، بل إلى إقصائها من المشاركة في أي بطولة دولية. وبعد إعادة إدماجها سنة 1992، قامت بتنظيم كأس إفريقيا للأمم سنة 1996. القوة الاقتصادية والمالية - المغرب: منذ بداياتها الأولى، جعلت الفيفا- أحد أكبر المراكز المالية في العالم- من الربح المالي هاجسها الأساسي، حيث تحصد من كأس العالم الذي تضاعفت ميزانيته ثلاث مرات ما بين 1998 و 2002، أرباحا طائلة. ومن هذا المنطلق، فإنها ستختار المرشح الأكثر قدرة على الوفاء بالتزاماته المالية. وقد أدرك المغرب مدى حساسية هذا الجانب، وعين على رأس لجنة ترشيحه رجل مال وأعمال من المستوى الرفيع، وهو السيد سعد الكتاني، رئيس سابق لتأمينات الوفاء، ونائب رئيس مجموعة بنك الوفاء (التي أسسها والده مولاي علي الكتاني) فضلا عن كونه رئيس مجلس الأعمال المغربي- الإسباني. وفي يونيو 2000، أشار الأمريكي آلان روتنبرغ، رئيس فريق التفتيش بالفيفا آنذاك في تقريره أنه " من الصعب مناقشة الأمور الحاسمة مع المسؤولين المغاربة، خاصة المالية منها، وأن الضمانات الحكومية وعقود الفنادق غير كافية...". وبعد أربع سنوات من ذلك، تصدت اللجنة الوطنية لترشيح المغرب 2010 لنقاط الضعف هذه، لدرجة أنها عينت السيد روتنبرغ مستشارا لديها! وبعد حصول السيد كتاني على التزامات جدية من سلطات المملكة، أودع ضمانا بقيمة 140 مليون أورو لدى البنك السويسري بزوريخ. وسيخصص هذا المبلغ لتمويل لجنة تنظيم كأس العالم وتغطية أي عجز محتمل، والذي قد يصل إلى 107 مليون أورو. بالنسبة لمداخيل التذاكر، فتقدر ب 271 مليون أورو، أما النفقات فتقدر ب 250,68 مليون أورو. ويتراوح ثمن التذكرة الواحدة ما بين 750 و15 أورو. وتتوقع دراسة نشرت شهر سبتمبر 2003 خلق استثمار بقيمة 2 مليار أورو، وهو استثمار قد يحقق عائدا ماليا بقيمة 4 مليار أورو، ومداخيل ضريبية تناهز مليار أورو، إضافة إلى خلق ما بين 300000 إلى 400000 منصب شغل. جنوب إفريقيا: رصدت جنوب إفريقيا مبلغ 5,8 مليون أورو كتأمين لمونديال 2010. وسيدر بيع التذاكر أرباحا تناهز 389,5 مليون أورو، و يتراوح ثمنها ما بين 902,5 و16,7 أورو للتذكرة الواحدة. وإذا ما نظم مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، فإنه " سيمول من جانب كبير من طرف كبريات الشركات المتعددة الجنسية" وسيمكن من خلق 160000 منصب شغل. الأمن والمشاكل الصحية - جنوب إفريقيا: يعتبر الجانب الأمني أحد نقاط ضعف الملف الجنوب إفريقي، ولا غرابة في ذلك، حيث تعتبر نسبة الإجرام في هذا البلد هي الأولى في العالم، ويصل عدد جرائم القتل إلى 20 ألف جريمة. لكن السلطات تقلل من أهمية هذا المعطى باعتبار أنها نظمت منذ سنة 1995 عدة تظاهرات رياضية وسياسية كبيرة، وأنها ستشكل جهازا أمنيا خاصا مكونا من قوات الأمن ومؤسسات خاصة (245000 فرد) لحماية الفرق وأعضاء الفيفا وممثلي وسائل الإعلام والمشجعين. لكن يظل مشكل وباء السيدا هو الأخطر، حيث تراوحت نسبة انتشاره بين الساكنة في نهاية سنة 2003 بين 15% و39% ( مقابل 0,1 % و 0,5% بالنسبة للمغرب). وتشير دراسات مؤكدة أن عدة ملايين من شباب جنوب إفريقيا سيموتون خلال العشر سنوات القادمة. - المغرب: كتب روتنبرغ في شهر يونيو من سنة 2000، أن " المسألة الأمنية لا تثير أي قلق بالمغرب ". ثم جاءت تفجيرات الدارالبيضاء، وتلتها تفجيرات 11 مارس المنصرم بمدريد. إلا أن روتنبرغ يقلل من أهمية هذه الأحداث قائلا: " منذ ألعاب ميونيخ 1972، لم تعد أي تظاهرة رياضية دولية بمنأى عن التهديد الإرهابي. لكن واضعي القنابل يقصدون الأماكن الأكثر هشاشة من الناحية الأمنية. إنهم ليسوا أغبياء حتى يحاولوا اختراق جهاز أمني متطور. ثم إن المغاربة مدربون على مكافحة الإرهاب. وقد شاركوا قوات الأمن الفرنسية في إنجاح مونديال 1998 ". الرهان السياسي - جنوب إفريقيا: يرى لنلسون مانديلا وتابو مبيكي أن منح بلادهم فرصة تنظيم كأس االعالم، سيشكل تعويضا عن الإجحاف الذي لحق بها في السابق، وترسيخا لديمقراطية ما بعد الميز العنصري، التي احتُفل بذكراها السنوية العاشرة في 27 أبريل الماضي. و يتبنى هؤلاء خطابا مجردا يرتكز على مفاهيم النهضة الإفريقية والتنوع الثقافي والسلم. - المغرب: يستند السيد سعد الكتاني على الشرعية التاريخية لترشيح المغرب الذي كان سباقا في وقف احتكار أوروبا وأمريكا لتنظيم كأس العالم وناضل من أجل التناوب بين القارات في هذا المجال. كما أنه يركز على تقاليد " كرم الضيافة والتسامح" اللذان يميزا المغرب مشددا على " القيم العالمية لكرة القدم ". ترجمة بتصرف: رشيد المتوكي عن مجلة " جون أفريك لانتيليجون"