لم تجد بعض وسائل الإعلام ما تستهزئ منه سوى تصريحا لرئيس الحكومة حول ملكة السويد التي لم تجد مرحاضا عموميا حينما كانت في جولة سياحية بمراكش. المرحاض يا سادة، أو "بيت الما" كما نسميه في لغتنا الدارجة، يمكن اعتباره من أهم المرافق الحيوية في حياتنا اليومية. تخيلوا معي مثلا بيتا محترما بغرف جميلة، ومطبخا رائعا، وشرفة رومانسية، لكن بدون مرحاض؟ تخيلوا معي أيضا المشاريع الكبرى التي أطلقت في مختلف مدننا المغربية من حدائق وملاعب للقرب ومنتزهات لكن بدون مراحيض ؟ وهنا أحيي عاليا المستثمر الذي أقام مشروعا بمدينة مراكش وهو عبارة عن مراحيض عمومية نظيفة ونموذجية انطلقت خلال هذا الأسبوع تحت اسم "دار لوضو". وقد استغربت في بادئ الأمر لكون هذه المراحيض تدخل في إطار الخدمات العمومية التي من الواجب على القائمين عن الشأن العام بالمدينة السهر على بنائها وتسييرها، لأن مسؤوليتهم قائمة في توفير البنية التحتية اللازمة لضمان سيادة ثقافة احترام المدينة واحترام آدمية الانسان. لكن مجرد تأثيث مدننا بهذه المشاريع، ولو كانت خاصة، من شأنها تغيير سلوكيات بعض المواطنين، فمساحات شاسعة من مدننا أصبحت، مع الأسف، مرحاضا عموميا مفتوحا، وأسوارنا التاريخية باتت مهددة بالانهيار من كثرة التبول عليها. أظن أن تعميم مبادرة "دار لوضو" المتميزة على مدننا المغربية من شأنها الحد من ظاهرة سلوكية مشينة. فمن العيب والعار أن تكتب عبارة "ممنوع البول" على جدران منازلنا وفي أحيائنا وحتى على أسوار مدننا التاريخية. وأصبح السياح من كثرة قراءتهم لهذه العبارة يظنونها اسما لهذه الأسوار.! ويبقى هذا رهانا صغيرا من بين الرهانات الكبرى التي ما زالت تنتظر بلدنا الذي يطمح إلى تحقيق هدفه الاستراتيجي باستقبال 20 مليون سائحا بحلول 2020.