لقطتان في ليلة واحدة (الجمعة 9 أبريل 2004) لم يفصل بينهما سوى وصلات إشهارية، الأولى كانت في برنامج، الإسلام، سلوك ومعاملات، والثانية في فيلم ليلة ممطرة، وبقدر اجتهاد المصطفى الصمدي، لتبليغ قصة سيدنا موسى على حلقات وما تتضمنه من عبر وعظات، أعقبه بلحظات قليلة فيلم ليلة ممطرة ليمحو بطريقة مباشرة ممجوجة أثر ما تأكد سابقا، باعتبار قصة سيدنا موسى ليست سوى خرافة لا يمكن حكيها بالنهار لكي، لا يخرج أولادك قورع كما جاء على لسان إحدى الممثلات جوابا على طلب طفل صغير لما ترجاها أن تحكي له قصة سيدنا موسى. في هذا الإطار، يتحتم الوقوف عند مجموعة من الملاحظات في شكل تساؤلات: هل من الصدفة بومجة هذا الفيلم مباشرة عقب حلقة البرنامج الديني اليتيم، الذي تناول فيه صاحبه إشارات من قصة سيدنا موسى وبالضبط ما يتعلق بفراره واعتصامه بظل شجرة بالقرب من مورد مائي، ونيابته عن بنتي شعيب عليه السلام إلى زواجه من إحداهما إلى تكليم الله له تكليما، وما خص به من معجزات واجه بها طغيان فرعون. كل هذا وغيره، يأتي الفيلم المذكور بما تضمنه من خلط مكشوف وتغليط ممجوج بين القصص القرآني والخرافة. عنصر الترتيب في تقديم المواد المبرمجة، ألا يمكن اعتبار الفيلم بتركيبه مباشرة بعد البرنامج وبالتحديد قصة موسى عليه السلام، جاء بعده ليسفه ما قرره البرنامج، الذي يجتهد صاحبه في عرض قصص الأنبياء وإبراز ما تحتويه من أسرار ربانية ما يزال العلماء وسيظلون يجتهدون في الكشف عنها، أو على أقل تقدير التشويش والبلبلة بإقحام قصة نبي الله موسى في دائرة الأحاجي التي يمنع سردها نهارا، وإلا أنجب الحاكي أولادا قورع، كما هو شائع عند العامة من الناس. الطفل المخاطب بهذه العبارة المشينة في حق قصة نبي من أنبياء الله، ما هو سوى نموذج، وإلا فالمقصود، كل الأطفال في سنه، كان بالإمكان التماس بعض العذر لما ورد على لسان الممثلة وذلك مثلا بتأويل طلب الطفل عندما قال لها احك لي قصة سيدنا موسى بأن المطلوب شخصية بهذا الإسم، ولكن أن تؤكد الممثلة نفسها بأن المعني هو النبي موسى، وذلك بقولها عليه السلام قبل أن يلهج لسانها بما لو مزج بماء البحر يطرح أكثر من علامة استفهام. ترى من يتحمل المسؤولية في عرض مثل هذه الأمور المتعارضة كلية مع معتقد عموم المغاربة، هل هي المخرجة؟ أم هو المخرج؟ أم هو المنتج؟ أم هي لجنة المراقبة التي عادة ما يحملها مسؤولو القناة مسؤولية ما يعرض وبأنها هي المؤهلة بما تضمه من كفاءات لتقييم الأعمال. إذن فما رأيها في مثل هذه الانزلاقات الخطيرة؟ أم أن الجميع يتحمل المسؤولية كل من موقعه. وأخيرا، ما رأي القناة الموقرة في قول الله عز وجل في حق الأنبياء والرسل عموما وفي حق موسى على الخصوص (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) النساء/الآية ,164 أم أن لها تأويلا آخر يفيد ما ورد في الفيلم المعلوم على لسان الممثلة المقتدرة؟ وفي الختام أتساءل إلى متى سيظل تعاملنا مع أطفالنا بمنطق لن نحكي بالنهار لكي لا ننجب أطفالا قورع لصرفهم عن التمتع بالحكايات نهارا. إذا كان هذا المنطق هي وسيلة الأجداد مع الأطفال، فما بال الحداثة التي تطرق أسماعنا صباح مساء بقناتنا على أكثر من لسان وفي أكثر من برنامج بمناسبة وبغير مناسبة، أم أن الشعار شيء والممارسة شىء آخر؟! بوسلهام عميمر