أكد تاج الدين الحسيني لالتجديد بأن الصور البشعة التي بثتها شاشات التلفاز للجنود الأمريكيين وهم يهينون ويعذبون أبناء الشعب العراقي هي جريمة حرب يجب على العالم أجمع بمختلف هيئاته ومنظماته إدانتها وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق فيها، ومحاكمة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عنها. وذكر الحسيني أستاذ القانون الدولي بالرباط، ورئيس منتدى 21 للحوار والتنمية أن انعدام رد فعل سريع من طرف هيئات المجتمع المدني بخصوص تلك الجرائم هي نتيجة مباشرة لسياسة مؤامرة الصمت التي تحيط بهذا الملف من مختلف جوانبه، ونص في هذا السياق على ضرورة أن تتحرك تلك المنظمات لفضح هذه الجريمة النكراء، وللمطالبة بمحاكمة المسؤولين الحقيقيين عنها، وعدم الركون إلى السكوت في التعامل مع هذا الملف الملتهب. وقال الحسيني إن بشاعة الجريمة تكمن في كونها تعدت إطار التعذيب لتصل لدرجة إهانة الشعب العراقي، ومعه الأمة التي ينتمي إليها والإنسانية جمعاء، مبرزا بأن عمليات التعذيب تلك تمت بشكل ممنهج، ولم تكن أبدا مجرد حوادث معزولة، كما صرح بذلك بعض الجنود الذين شاركوا في تلك الجرائم البشعة للصحافة. وأبرز أستاذ القانون الدولي أن هذه الجريمة ستؤثر بشكل كبير على السياسة الأمريكية في المنطقة العربية بشكل خاص، بحيث إن واشنطن فقدت بسبب هذه الصور كل الادعاءات التي كانت تبني عليها سياستها تلك. وضرب في هذا الإطار مثال مشروع الشرق الأوسط الكبير وكيف يتفادى المسؤولون الأمريكيون في الوقت الحاضر الحديث عنه، بعدما كانوا يروجون له بقوة خلال الشهور الأخيرة. ومما زاد من حدة ورطة الأمريكيين يضيف الحسيني هو أن الإدارة الأمريكية لم تحرك ساكنا رغم علمها بما يحدث في سجن أبو غريب منذ مدة طويلة، بعد أن بعثت كثير من المنظمات الحقوقية الدولية برسائل موثقة للإدارة الأمريكية تحثها على اتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لتلك الجرائم، ومحاكمة المسؤولين عنها. واعتبر خالد السفياني، من جانبه، ما قام به جنود الاحتلال الأمريكي البريطاني في العراق مجرد تعبير عن قمة جبن ونذالة القوات الغازية عموما، مضيفا أن ما وقع فضح بشكل واضح زيف القيم التي تبشر بها الإدارة الأمريكية، والتي حاولت فرضها فرضا على العرب من خلال المشروع الذي سمي بالشرق الأوسط الكبير. ونوه المنسق العام لمجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين في تصريح لالتجديد إلى أنه يجب محاكمة الرئيس الأمريكي جورج بوش ومعه نظيره البريطاني طوني بلير، باعتبارهم المسؤولين المباشرين عن تلك الجرائم التي ارتكبت في بلاد الرافدين. وفسر السفياني غياب رد فعل مباشر لهيئات المجتمع المدني الوطني خلال الأيام الماضية بكون تلك الجمعيات قررت التريث للتأكد مما يجري واستيعابه، واتخاذ القرارات والمبادرات المناسبة دون تسرع. وأعلن في هذا الاتجاه أن مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين أعلنت في بلاغ لها عن تنظيم وقفة احتجاجية غدا الخميس على الساعة السادسة والنصف، أمام مقر الأممالمتحدة للاحتجاج على الإهانة التي لحقت بالأمة جراء تلك الوحشية الأمريكية، وكذلك للتنديد بالصمت المريب الذي أظهره الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان تجاه مايجري في العراق. وأبرز السفياني لالتجديد بأن هذه الوقفة هي مجرد بداية لمبادرات أخرى في السياق نفسه سيعلن عنها في حينها. ومعلوم أن وكالة قدس برس قد ذكرت قبل أربعة أيام نقلا عن أحد أعضاء مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين أن المجموعة ترفض إصدار بيان أو القيام بخطوات للتنديد بالجرائم الأمريكية، مضيفا في تصريح لمراسلة الوكالة بالرباط أن اتخاذ هذا الموقف جاء بسبب غياب عنصر المفاجأة في هذه الصور، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن الذين تحركوا بعد نشر هذه الصور هم أولئك المخدوعون في أمريكا، الذين صدقوا أن قواتها جاءت للعراق لتحرر شعبه. تجدر الإشارة إلى أن الصحافة الدولية ماتزال تنشر صورا متتابعة لجرائم الاحتلال في حق الأسرى والشعب العراقي، وهو ما يوضح بأن الملف سيعرف تطورات مهمة خلال الأسابيع المقبلة. أحمد حموش