شدد باحثون في مجال القيم على ضرورة جعل المدرسة والإعلام والأسرة دعامات أساسية لبناء القيم لدى الناشئة، معتبرين أن هناك حاجة ماسة لإنجاز دراسات اجتماعية ونفسية ميدانية تعكس واقع الطفولة اليوم. واعتبر عبد الصمد غازي، رئيس وحدة مسارات في الرابطة المحمدية للعلماء، أن مسألة القيم أصبحت اليوم شأنا تربويا يقض مضجع الجميع، مشيرا إلى أن موضوع تنشئة الطفل، موضوع لن ينتهي من البحث في تغيير مناهجه والرؤى التي يصدر عنها نظرا لتغيير السياق المعاصر. ونبه غازي خلال ندوة نظمتها الرابطة بالمعرض الدولي للكتاب الخميس 18 فبراير 2016، على أن طفولتنا اليوم تعاني عنفا خطيرا جراء ألعاب العنف التي قال إن الغرب فتح بسببها منصحات صحية نفسية لضحاياها من الأطفال. وأضاف أن برامج الألعاب اليوم ووسائل التواصل الاجتماعي، تصنع رموزا صادرة من ثقافة رسمت قيمها الخاصة، والتي تعمل اليوم على الترسب والتسلل عبر المخيال لدى ناشئتنا، معتبرا أنه لا حل إلا أن يتم ابتكار الآليات الخاصة لاستنبات قيمنا الخاصة في بيئتنا. ويرى الباحث أن الرهان في هذا المجال، هو كيف يمكن أن نخرج من خلال المنظومة التربوية ليس كفاءات مهنية فحسب، وإنما إيجاد كفاءات منتجة قيميا وأخلاقيا، أي إيجاد مخرج للجمال في مقابل القبح بمعناه القيمي. وقال المتحدث إن اللعب بمثابة آلية إدراكية معرفية وقيمية، ينبغي على المدرسة أن تواكب التعليم والتربية عن طريقها، مشيرا إلى كثير من المخرجات السلبية التي تتولد في غياب ذلك مثل العصبيةوالنفور والقلق من المدرسة. وركز المتدخل على مركزية التخييل لدى الأطفال، معتبرا ان الخيال له مضامين معرفية وهو الذي يصنع عوالم الامكان، باعتبار ان الانسان لا يمكنه أن يشكل عالمه إلا من خلال المعابر الرمزية. وخلال الندوة ذاتها التي حملت عنوان "استراتيجية بناء القيم لدى الناشئة"، قال رئيس مركز البحث في القيم التابع للرابطة المحمدية للعلماء، محمد بلكبير إنه قلما ينتبه التربويون اليوم إلى أهمية المخيال في البناء التربوي والقيمي لدى الأطفال، مشيرا إلى أهمية الخيال واللعب في إكساب الناشئة أهدافا قيمية. وانطلاقا من ذلك انتقد رئيس مركز البحث في القيم، الفكرة السائدة بكون مرحلة الطفولة مرحلة حرجة ينبغي المراهنة فيها على أن تمر بسلام فقط، معتبرا ذلك بمثابة هدر لأهم مرحلة في عمر الانسان، ما يتطلب إيلاءها العناية والتعهد اللازمين. وقال بلكبير إنه في السابق كان الحديث عن ذكاء واحد فيما اليوم الدراسات تتحدث عن ذكاءات كثيرة أو عن ذكاء متعدد، وهو ما ينبغي الوعي به عندالاشتغال مع الأطفال لتوجيههم نحو ذكائهم الخاص. من جهتها، قدمت عزيزة بزامي المشرفة على سلسلة للأطفال ضمن أحد مراكز الرابطة، تجربة الرابطة في الاشتغال على هذه الاهداف عبر اقامة لقاءات مع مبدعين وورشات للتعلم الذاتي وتحبيب القراءة وربط الاطفال بالقصص ووسائل الابداع. وأضافت المتدخلة أن كل تلك الانشطة التي من ضمنها نادي للفطرة تراهن على بناء قيم قائمة على الريادة والتفكير الابداعي. وأشارت المتدخلة إلى أن الاشتغال مع الاطفال بين أن العديد منهم يتمتع بمهارات وذكاءات مختلفة لكن المدرسة لا تسمح لهم بإطلاقها وتنميتها.