لجنة حماية المعطيات الشخصية تنظم جلسات استماع حول استخدام كاميرات المراقبة    هكذا كان أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز الصعب على النيجر    أسود الأطلس يقلبون الطاولة على النيجر ويقتربون من المونديال    المنتخب المغربي يقلب الطاولة على النيجر ويحقق فوزًا ثمينًا في تصفيات مونديال 2026    "العون والإغاثة" تطلق من طنجة تحدي كفالة 250 يتيمًا جديدًا في إطار احتفائها بثلاثين سنة من مواكبة الأيتام والأرامل    ارتفاع حصيلة حادثة السير بطنجة.. وفاة شقيق الضحية الأولى متأثراً بجروحه    توقيف شخص بمراكش بحوزته أكثر من 20 ألف قرص مخدر    ضحايا الترقيات وأساتذة الزنزانة 10 تنصل الحكومة من التزاماتها يؤجج غضب المتصرفين التربويين    بركة ولقجع يوقعان بروتوكول اتفاق لتطوير البنية التحتية الطرقية للمملكة    بيوكرى.. توقيف شخصين بينهما قاصر متهمين بنشر فيديو "لانفجار وهمي"    طقس متقلب وأمطار مرتقبة شمال البلاد نهاية هذا الأسبوع    الإفطار عند المرأة الحامل جائز في حالة مرض مزمن أو حاد    هذه تشكيلة "الأسود" أمام النيجر    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر لهذه السنة    إقبال خاص على المنتجات المحلية في شهر رمضان    من بينها "المينورسو" في الصحراء.. دعوات لإنهاء عمليات حفظ السلام "الفاشلة" لتقليل الهدر المالي    استمرار تعليق الرحلات البحرية بميناء طنجة المدينة    طنجة..تنظيم حفل إفطار جماعي لفائدة أطفال سجناء وسجناء سابقين    رحيل مخرج "وادي الذئاب" "دموع الورد".. نهاية أسطورة الدراما التركية    مجموعة "أكديتال" تتصدر معاملات البورصة متقدمة على "التجاري وفا بنك" و"اتصالات المغرب"    المجلس العلمي الأعلى يحدد قيمة زكاة الفطر لعام 1446 ه في المغرب    أمطار الخير تُعيد الحياة لفلاحة الشمال وسدوده!    بشرى لفلاحي جهة الشرق.. سدود حوض ملوية تستقبل حمولات مائية مهمة    تأجيل جلسة الاستماع للناصيري في ملف "إسكوبار الصحراء" ودفاعه يعلمن تفاؤله ببراءته    اختيار 15 حرفة للمشاركة في النسخة الثالثة من برنامج "الكنوز الحرفية المغربية"    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    "غزة منا ونحن منها".. وقفات بمدن مغربية تنديدا باستئناف الإبادة الإسرائيلية    ارتفاع أعداد المعتمرين بنسبة 31 بالمائة    الإمارات تستثمر ب1.4 تريليون دولار بأمريكا    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    جمال السلامي يعيد الأردن إلى سكة الانتصارات    بريطانيا.. شرطة مكافحة الإرهاب بلندن تفتح تحقيقا بشأن حريق تسبب في إغلاق مطار هيثرو    الأفضلية لكرواتيا وألمانيا والدنمارك وتعادل قاتل لإسبانيا في دوري الأمم الأوروبية    عمر نجيب يكتب: القومية الاقتصادية والحماية التجارية الصارمة معالم نظام عالمي جديد..    المدارس الخاصة.. 2.5% فقط تتبنى تدريس الأمازيغية    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    قيس سعيّد يقيل رئيس الحكومة    محاكمة الفريق الطبي لمارادونا .. شهادات صادمة عن "الإهمال القاتل"    أسعار الذهب تستقر عند أعلى مستوى    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    من أجل فلسفة جذرية    طوفان الأقصى: لا أمن بلا سلام    تعاون أمني بين المغرب وإسبانيا يوقف عنصر موالي ل"داعش" في قرطبة    استشهاد 591 فلسطينيا من بينهم 200 طفل وإصابة أكثر من 1042 خلال 72 ساعة    الحكومة تستعد لمؤازرة "الكسابة" بعد منع ذبح إناث الأغنام والماعز    فعاليات دينية مغربية في كوبنهاغن    موقعة الحسم بين المغرب والنيجر .. الركراكي والزاكي في صراع التأهل إلى مونديال 2026    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    ميناء المضيق : ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 28 % مع متم فبراير الماضي    جنوب أفريقيا.. مجموعة الدفاع عن استقلال كيب الغربية تتوجه إلى الولايات المتحدة لمناقشة تقرير المصير    عمرو خالد: هذه شفاعات كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم تنجي من أهوال يوم القيامة    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    









اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي
نشر في التجديد يوم 17 - 02 - 2016

يوم الخميس في الخامس من فبراير 2016 عقد اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادي"، في أوكلاند عاصمة نيوزيلندا. وذلك بمشاركة 12 دولة آسيوية بزعامة أمريكا.
الهدف المعلن منه إنشاء أكبر منطقة للتبادل الحر في العالم تحت حجة إرساء قواعد التجارة الدولية. ولم يزل بحاجة إلى التصديق الرسمي عليه، خصوصا، موافقة الكونغرس.
أما الهدف الحقيقي فهو حصار الصين والتصدي لتعاظم قوّتها. وقد ألمحت أمريكا لهذا، بصورة كادت تكون معلنة كذلك. ومن ثم يجب أن يعتبر جزءا هاما في الاستراتيجية الأمريكية التي نقلت الأولوية إلى منطقة المحيط الهادئ ضدّ الصين. وذلك بعد أن كانت الأولوية متأرجحة بعد انتهاء الحرب الباردة بين التركيز على قضايا إقليمية: البلقان، وحصار العراق، وإنجاز تسوية في مصلحة الكيان الصهيوني في عهدَيّ الرئيس بيل كلينتون. وقد استمرت تلك الأولوية بتخبّطها في عهدَيّ جورج دبليو بوش وهو يعلن شنّ "الحرب العالمية على الإرهاب" مترجما ذلك باحتلال أفغانستان والعراق في 2001 و2003 على التتالي، وبالعمل لبناء شرق أوسط كبير- جديد. واستمر هذا الخلل طوال العهد الأول لأوباما.
الأمر الذي أدّى إلى اهتزاز استراتيجي فاضح في تحديد الأولوية؛ وذلك بترك روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تعمل لاستعادة دورها وقوّة دولتها، لا سيما في عهود بوتين، كما بترك الصين تمضي في تطوير قدراتها الاقتصادية والعسكرية والعلمية والتكنولوجية بنموّ مذهل زاد عن 13 بالمئة اقتصاديا سنويا، وبنسب كبيرة غير معلنة في المجالات الأخرى، وهو ما أدّى إلى أن تدفع ثمنه غاليا بعد عقدين من الزمن. وقد ثبت ذلك بما لا يقبل الشك خلال الخمس سنوات الماضية. وتكفي نظرة سريعة إلى روسيا اليوم والأسطول الروسي يمخر عباب البحر الأبيض المتوسط، والأسطول الجوي الروسي يسيطر على أجواء سورية، كما تكفي نظرة سريعة إلى صين اليوم وهي تملأ أسواق العالم ببضائعها، أو هي تعقد الاتفاقات الاقتصادية الاستراتيجية مع عشرات الدول أو هي تصطاد قمرا صناعيا كما لو كان تصوّب بالقوس والنشّاب.
حاولت إدارة أوباما لا سيما في عهدها الثاني أن تستدرك هذا الخلل الاستراتيجي الذي فشل حيث حدّد كلينتون وبوش الابن أولويته في مكافحة الإرهاب أو التوصل إلى التسوية، أو احتلال أفغانستان والعراق، أو العدوان الصهيوني على لبنان 2006 وقطاع غزة 2008/2009. ومن هنا جعلت الاستراتيجية الأمريكية، كما أعلن، تتجّه نحو المحيط الهادئ أو بالتحديد لمواجهة الصين.
على أن هذه الانتقالة في العهد الثاني لإدارة أوباما لم تُخرج الاستراتيجية الأمريكية من تخبّطها وارتباكها. لأن وضع الأولوية الجديدة لم يصحبه تماسك استراتيجي على مستوى إقليمي وعالمي، كما كان الحال ما قبل انتهاء الحرب الباردة. فعلى سبيل المثال لم تحدّد بالضبط ما هو الموقف من روسيا، مثلا، هل تستمر في مواجهتها أم تحاول مهادنتها، أم مساومتها، على حساب الصين. أو مثلا كيف ستنتقل الأولوية السابقة من "الشرق الأوسط" إلى الصين. وذلك بمعنى ما هي السياسات التي يجب أن تُنتَهَج في هذه المنطقة إذ استمرت متخبّطة كمن يقدّم "رجلا ويؤخر أخرى". ويظهر هذا في كل مواقفها حتى في علاقاتها بحلفائها.
لا شك في أن اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادي" الذي وقعته 12 دولة وهي أستراليا وبروناي وكندا وتسيلي واليابان والمكسيك وماليزيا ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام، يدخل ضمن الأولوية الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ويخدمها لا سيما في مجال التنافس الاقتصادي مع الصين، ويرمي، كما قال أوباما، تعليقا عليه، إلى أنه "يسمح للولايات المتحدة وليس للصين، بوضع خريطة طريق للقرن الحادي والعشرين" فضلا عن تعزيز قيادة أمريكا خارجيا، فضلا عن دعم الوظائف داخل الولايات المتحدة.
إن الأسواق التي يشملها الاتفاق تشكل نحو 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وقد استثنى الصين التي تمثل في الوقت الحاضر ثاني اقتصاد في العالم. ولكنه من ناحية أخرى لم يُواجه الردّ الصيني المقابِل. ومن ثم فإن الذي يُراهِن عليه أوباما لا يتعدّى أن يكون مجرّد أمانيّ ما لم يُثبِت في ميدان المنافسة تفوّقه فعلا.
أما من جهة أخرى فإن الأولوية الاستراتيجية الأمريكية إذ انتقلت إلى المحيط الهادئ فهي ذات أبعاد استراتيجية عسكرية وسياسية قبل أن تكون ذات بُعد اقتصادي. بل أن نجاح البُعد الاقتصادي يتوقف على نجاح البُعدَيْن العسكري والسياسي، وهذا قانون معاكس لما يعتقده الكثيرون ممن يعطون الأولوية للاقتصاد على المكانة في ميزان القوى العسكري والسياسي. ولكن الأهم أن مراكز القرار في الولايات المتحدة الأمريكية لم تصل بعد إلى تحديد أولوية الاستراتيجية الأمريكية العالمية. لأن الأولوية الاستراتيجية العالمية بحاجة إلى إجماع داخلي حين يكون بالإمكان أن تمضي بقوّة وسلاسة وتماسك كما كان حالها دائما ما عدا وضعها المضطرب في العقدين السابقين أو قل في العهود الثلاثة لكل من كلينتون وبوش الابن وأوباما.
وهذا ما يجعل من المبكر اعتبار الأولوية الاستراتيجية التي وضعتها إدارة أوباما تعبّر عن إجماع داخلي أمريكي، لا سيما إذا نجح في الانتخابات الرئاسية القادمة رئيس جمهوري. أما الأخطر فالتأكد من أن هذه الأولوية جاءت مناسبة مع ما حدث من تغيّر في ميزان القوى العالمي في غير مصلحة أمريكا؛ فقد أضاعت أمريكا عقدين من الزمن وهي غارقة في أولويات استراتيجية أخرى فشلت فيها، فيما كسبت كل من الصين وروسيا وقتا طويلا، وهي غافلة عما تحدثه الصين من تطوّر هائل في وضعها في ميزان القوى العالمي والإقليمي الآسيوي أو عما أحدثه بوتين في استعادة موضع روسيا كدولة كبرى بعد أن كانت في عهد يالتسين ذاهبة إلى الانحلال. ثم أضف ما تحقق من تطوّرات في مكانة الهند والبرازيل وإيران وتركيا وجنوبي أفريقيا ودول أخرى في موازين القوى الإقليمية.
بكلمة لم يعد من السهل، أو المضمون، أن تنجح أمريكا في حصار الصين أو احتوائها، ولا سيما إن استمرت تحالفات الصين مع روسيا، أو إن استمرت التناقضات الأمريكية-الروسية على ما وصلت إليه الآن، ناهيك عما نشأ من وضع عالمي سمح للصين أن تعقد اتفاقات استراتيجية، أولا في المجال الاقتصادي، ولعشرات السنين مع عشرات من الدول ذات التأثير كما فعل الرئيس الصيني، على سبيل المثال لا الحصر، في جولته الأخيرة مع كل من السعودية ومصر وإيران.
وبالمناسبة، كانت الصين قد استبقت أمريكا خطوة عندما أطلقت إقامة "البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية"، وقد جاء منافسا للبنك الدولي، وإن أكدت الصين بأن الهدف منه غير ذلك. وأصرّت على ضرورة التعاون والتنسيق في ما بين المؤسسات المالية الكبرى في آسيا.
فالعالم كله يمر في مرحلة تغيّرات هائلة بعيدة الشبه عما كان عليه الوضع العالمي طوال قرنين من الزمن. ولكن هذه التغيّرات لم تتبلور اتجاهاتها في تشكّل المحاور والتكتلات، أو في إرساء نظام عالمي جديد راح يتسّم بتعدّد القطبية المتصارعة والمتعايشة في آن حتى الآن.
وبالمناسبة، وبلا انسجام مع ما تقدّم، لا بدّ من أن يحزن المرء وهو يجد اسم فيتنام من بين المتحالفين مع أمريكا ضدّ الصين. وهي التي فقدت حوالى ثلاثة ملايين من شعبها وعانت دمارا شبه كامل في حربها التحرّرية ضدّ أمريكا. وكانت الصين الداعم رقم 1 لها، إن لم تكن الداعم الرئيس الوحيد في بعض المراحل، فيا قسوة ما تؤول إليه الحال في بعض الأحوال. فمن ذا يمكنه تصوّر هذا المآل لفيتنام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.