أثار فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب الأربعاء الأخير العديد من الانتقادات والتراجعات في مجال الصحافة والإعلام الوطني. وقال محمد يتيم عضو الفريق، في إطار المادة 66 من القانون الداخلي للمجلس: "تعرض في الآونة الأخيرة عدد من الصحفيين للاعتقال والمتابعة وفق مقتضيات قانون الصحافة والقانون الجنائي، بل وقانون مكافحة الإرهاب". وأضاف يتيم، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة( 30 ماي)، أن مفهوم الإشادة الذي تبناه القانون الأخير فتح مجالا واسعا للتأويل، وجر إلى تحقيقات ومتابعات وأحكام قاسية ذهب ضحيتها ستة صحافيين في ثلاث ملفات مختلفة، مما أثار يزيد المتحدث نفسه جوا من التوتر والخوف والترقب في أوساط الصحافيين. ورأى النائب محمد يتيم أن هذه الوضعية عكست >عودة هاجس إرادة الضبط ومراقبة حرية الصحافة، ووضع الخطوط الحمراء غير القانونية، والاستعمال المتعسف للنصوص القانونية والمحاكمات الجائرة<. وأثار يتيم العديد من المخاوف التي عبر عنها المهنيون والمهتمون بالحقل الإعلامي حيال تشكيل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومن ذلك عدم مراعاة المعايير المتبعة دوليا في تشكيل مثل هذه الهيئات. ولاحظ المتدخل نفسه أن الترخيص لإذاعة سوا قبل تعيين الهيئة المذكورة وقبل صدور القانون التنظيمي للفضاء السمعي البصري، وفي غياب أي دفتر للتحملات، يثير عدة ملاحظات حول استمرار خضوع تدبير القطاع لاعتبارات سياسية تتعارض مع مبدأ التنافسية وتكافؤ الفرص. وسجل يتيم الاستعمال غير المنصف للإعلام العمومي بهدف النيل من حزب العدالة والتنمية والتعتيم على موقفه الواضح من أحداث 16 ماي، ونبه على الوضع المأساوي الذي تشهده الصحافة المكتوبة جراء محدودية القراءة وضعف الانتشار، مشيرا إلى أن ضعف التأهيل المهني، والتحيز في الدعم الحكومي، والاستخدام غير العادل لتوزيع الإعلانات التجارية تعكس بعض أسباب هذه الوضعية، كما أشار إلى الخلل الذي يميز التدبير والتسيير للأوضاع الإدارية والهيكلية للإذاعة والتلفزة المغربية، في انتظار يضيف يتيم الإصلاح والتأهيل الذي كثر الحديث عنه. وعبر عضو فريق العدالة والتنمية عن قلقه وإدانته لتنامي الانتهاكات والخروقات لأخلاقيات مهنة الصحافة، على خلفية التهجمات التي طالت، في الآونة الأخيرة، شخصيات وطنية وسياسية، فضلا عن انتشار ظاهرة القذف والتشهير والمس بكرامة الناس وانتهاك حرمة أعراضهم، ونشر الإشاعات والمتاجرة بدغدغة غرائز المراهقين. ودعا يتيم، في نهاية مداخلته، الحكومة إلى مراجعة الانتهاكات والتضييق على حرية الصحافة، وتحسين الشروط المادية والمعنوية وظروف عمل الصحافيين، مطالبا بضرورة حماية حق الجمهور في إعلام صادق ونزيه، وكذا تفعيل ميثاق أخلاقيات وآداب مهنة الصحافة ودور الهيئات المهتمة، في إطار من التوازن بين الحقوق والواجبات والحرية والمسؤولية في الممارسة الصحفية. وكان فريق العدالة والتنمية قد طرح الأربعاء قبل الماضي سؤالا شفهيا حول الترخيص لإذاعة سوا، تحدث فيه عن مسألة تكافؤ الفرص ومدى احترام عملية الترخيص للإذاعة الأمريكية لها، كما تحدث عن مضمون ما تبثه الإذاعة المذكورة، ومدى تطابقه مع القيم والهوية المغربية. وأفاد بعض الملاحظين أن جواب الوزير كان فضفاضا، بحيث تحدث بعمومية مفرطة عن موضوع تحرير الإعلام، دون أن يرد بشكل دقيق على النقاط التي جاءت في جواب فريق العدالة والتنمية. يذكر أن إذاعة سوا بدأت بثها بعد أن استطاعت السفيرة السابقة مارغريت تتوايلر تحقيق هذا المكسب قبل رحيلها. وتبث الإذاعة المذكورة في دول عربية أخرى مثل سلطنة عمان، والكويت وكذا بعض ولايات الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى المغرب. ويركز مضمون الإذاعة على الترويج للمبادئ والقيم الأمريكية، محاولا في هذا السياق تحسين صورة الأمريكيين لدى العرب عامة. والإذاعة نتيجة لذلكتيصف عمليات المقاومة العراقية بالعمليات التخريبية التي يقوم بها إرهابيون، كما يصف المجاهدين في فلسطينالمحتلة بكونهم مجرد متطرفين يعرقلون عملية السلام في الشرق الأوسط. وتعد إذاعة سوا واحدة من الخدمات الدولية الأمريكية التي يشرف عليها ويمولها مجلس أمناء الإذاعات الدولية الأمريكية، وقد رصد لها 35 مليون دولار. وعلى الرغم من أنها قد بدأت إرسالها برعاية الشقيقة الكبرى صوت أمريكا، فإنه سرعان ما تخلت واشنطن عن صوت أمريكا لصالح إذاعة سوا الجديدة لكسب الشباب العربي، الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما، وهو الهدف الذي لم تستطع سوا الوصول إليه لحد الآن. محمد أفزاز