شارك آلاف العمال والعاملات في مسيرة فاتح ماي، التي نظمت صبيحة أول أمس (السبت) بالمدن المغربية، احتفاء بذكرى عيد الشغل الأممي. وخيمت الأوضاع المزرية في العراق وفلسطين المحتلين على أجواء الاحتفال بالذكرى. مثلما ركزت أغلب كلمات قيادي النقابات بالمناسبة على أحداث 16 ماي الإرهابية، لكنها توحدت جميعها في المطالبة بحل المشاكل العالقة التي تعانيها الطبقة العاملة المغربية. وفي العدد نقدم تغطية لوقائع الاحتفال بعيد الشغل في كل من الدارالبيضاءوالرباط، كما نقدم قراءة للحصيلة الاجتماعية للسنة الماضية أعدها الأستاذ سعيد مندريس عضو المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. عمال المغرب يتوحدون في مسيرة حاشدة بالرباط في فاتح ماي:كلنا فلسطينيون وعراقيون هيمنت عموما أحوال المسلمين في فلسطين والعراق على شعارات مسيرة فاتح ماي، إذ ردد المشاركون شعارات مستنكرة للاحتلال الأمريكي للعراق، مطالبين بضرورة جلاء قواته ومنح السيادة الكاملة للعراقيين، كما تم التنديد بجرائم الصهاينة في فلسطين، قبل أن يقدم عدد من العمال الشباب على إحراق علم الصهاينة والدوس على صور السفاح شارون. إلى جانب ذلك، رفع المشاركون في المسيرة، التي توحدت بجميع فصائلها النقابية عند شارع علال بن عبد الله بالرباط قبل أن تنتهي عند الساحة المجاورة لمحطة القطار (الرباطالمدينة)، لافتات تطالب الحكومة بإخراج الاتفاقيات التي وقعتها المركزيات النقابية معها إلى حيز الوجود، كما تدعوها إلى تفعيل بنود مدونة الشغل قريبا. وشاركت في المسيرة جميع المركزيات النقابية، ضمنها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، واستثنت الفيدرالية الديمقراطية للشغل نفسها من المشاركة، إذ اكتفت بتجمع خطابي احتفالي بالقرب من ساحة المامونية بالرباط. وكانت المركزيات النقابية قد أقامت كل واحدة لنفسها منصة في الساحات القريبة من باب الأحد بالرباط، وذلك قبيل انطلاق المسيرة، وألقيت من عليها كلمات بالمناسبة. وقال بلاغ للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في هذا الصدد، إن الحكومة الحالية بالرغم من تناولها للملف الاجتماعي (إصلاح أنظمة التقاعد والتغطية الصحية ومدونة الشغل) فإن تدبيرها لهذا الملف لم يرق إلى مستوى وطموحات وتطلعات الشغيلة. وطالبت النقابة نفسها، التي اختارت تخليد المناسبة تحت شعار جميعا ضد الإرهاب، كلنا مع الوحدة والتنمية، بالتعجيل بتنفيذ مقتضيات الجولة الأولى من الحوار الاجتماعي ( 28 يناير2004) والزيادة في الأجور بما يتلاءم مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتقليص الفوارق بين الأجور. واستعرض محمد مرفوق، الكاتب الجهوي لنقابة الاتحاد الوطني للشغل أوضاع العاملين في قطاعات التعليم والصحة والبريد وفي مؤسسات أخرى، خاصة وعامة وشبه عامة، وبعض إنجازاتها في مؤسسات وشركات أخرى. أما عبد الله باها، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فدعا من جهته، إلى إنصاف الطبقة العاملة وتوزيع الثروة بشكل عادل، وتظافر جهود كل الفرقاء لتحقيق تنمية منتجة ومحاربة عقلية الريع وتسهيل إجراءات الاستثمار. في حين أكد عبد الرحيم الشيخي باسم حركة التوحيد والإصلاح أن الحركة جعلت العمل النقابي أحد مجالات عملها لرفع الظلم الاجتماعي وتحسين أوضاع المسلمين، مذكرا بموقف حركته من الغلو في الدين والتطرف بكل أشكاله، من مثل ما حدث في 16 ماي، وتضامن الحركة مع عائلات الضحايا. مثلما شدد على أنالإرهاب غريب عن المجتمع المغربي وأنه مرتبط بأجواء التوتر العالمي والقهر الدولي. واعتبر الاتحاد الجهوي لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بالرباط محطة فاتح ماي محطة لتقييم ما حققه النضال الوطني من تقدم، داعيا الحكومة بالإسراع إلى بلورة استراتيجية دقيقة وواضحة للنهوض بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بشكل شمولي. وخاطب نداء الاتحاد الجهوي المسؤولين بقوله إنه: لا نمو اقتصادي ولا تنمية اجتماعية إلا بمحاسبة أولئك الذين أوصلوا البلاد إلى هذا الوضع، ولا إصلاح ولا تحديث للقطاعات العمومية إلا بمراجعة وتحيين قوانين الأنظمة ومراجعة نظام الأجور. وسجل عبد العزيز السياسي، عن هيئة المتصرفين، استياءه من خطاب وزير التشغيل بإهمال وتجاهل الحديث عن فئة المتصرفين، واعتبره منكرا وكذبا بشأن الإصلاح الإداري، وطالب بتحقيق المساواة مع الفئات الأخرى. وقال، من جهة أخرى، عبد القادر أزريع عن المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن الطبقة العاملة المغربية تحتفل بعيدها السنوي هذه المرة في لحظة تاريخية تراجيدية نتيجة الحملة الامبريالية العالمية التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحليفها الكيان الصهيوني، لذلك وجب، يقول أزريع، الإعداد لهذه التحديات وعلى رأسها تأهيل الذات المغربية التي لن تتأتى إلا بثورة هادئة تروم الإصلاح الشامل. أما كلمة الاتحاد المغربي للشغل بالمناسبة فاختارت تسجيلالموجة الواسعة من الاضطهادات التي عرفتها هذه السنة، والتي استهدفت أعضاء في الاتحاد المغربي للشغل صدرت في حقهم أحكام، لا لسبب إلا لأنهم مارسوا حقهم في الإضراب، على حد قول خطاب المحجوب بن صديق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، والذي أضاف أن القانون ينتهك على أوسع نطاق عندما لا يطبق الحد الأدنى للأجور وعندما يتم الغش في تسديد الاشتراكات الاجتماعية. وأخذت أحداث 16 ماي الإرهابية حيزا مهما من كلمة ممثل الفيدرالية الديمقراطية للشغل، إذ أشار، في هذا السياق، إدريس الفينة، عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية، إلى أن الطبقة العاملة المغربية تحتفل على بعد أسبوعين عن تاريخ 16 ماي، تاريخ العمليات الإرهابية التي استهدفت الدار البييضاء العام المنصرم، من ثم، يضيف المتحدث، غدا ضروريا إصلاح الشأن الديني وإعادة النظر في البرامج التربوية لنبذ كل أشكال التطرف، واضطلاع المجتمع ككل بدور محاربة التطرف الديني والاستغلال الديني. يونس البضيوي عبد اللاوي لخلافة محمد بنكَاسم