مغربيان يخترعان ملتقطا للإرسال والاستقبال بدون صحن هوائي في ليلة مطيرة من شتاء السنة الماضية، حركت الرياح القوية التي هبت على العاصمة الرباط الصحن الخاص بالتقاط القنوات الفضائية للسيدة خليلة زيزي. صعدت المخترعة خليلة لتوها لسطح المنزل، لعلها تعيد الصحن لمكانه الطبيعي، لتشاهد باقة قنواتها المفضلة مستريحة البال. أمطار تلك الليلة، والهبوط والصعود إلى السطح في دوامة مملة، أوحى لها بفكرة اختراع آلة تحل محل الصحن البارابول، يمكن وضعه في فناء البيت، ولم لا اصطحابه إلى نزهة عائلية، أو تستفيد منه القرى والبوادي. فالحاجة أم الاختراع، أو الحرمان يولد الموهبة حسب تعبير عبد الرحيم كريم، زميل زيزي، ورفيقها في مجال الاختراع. فائدة هذا الاختراع، حسب خليلة زيزي لا يكمن في حل مشاكل الصعود والهبوط إلى سطوح المنازل، أو تثبيت الصحن المقعر على واجهات شرفات العمارات، بل في إضفاء جمالية على المدينة التي أصبحت سطوحها شبه حقل للفطر. خليلة بنزيزي، وزميلها في ميدان الاختراع عبد الرحيم كريم، لم يجدا في بداية حياتهما من يوجههما التوجيه السليم في مجال البحث العلمي، ومجال الاختراع، فخليلة المنحدرة من عائلة متواضعة بالعكاري، درست في مدرسة عمومية إلى غاية الباكالوريا، لظروف عائلية تزوجت صغيرة السن، تعمل في كلية العلوم محضرة بمختبر لأزيد من 19 سنة، وهي أم لابنين، إلا أنها لا تخفي أنها كانت مولعة بالاستطلاع وحب الاستكشاف. روح الشباب تسري في عروق خليلة، فهي تتكفل بكل أمور البيت، بدءا من العمل خارج البيت، وانتهاء بتحضير كل ما يلزم من رعاية الأبناء، والإشراف عليهم، وأعمال الصيانة لكل ما يحتاجه البيت. فخليلة في غنى عن الرصّاص، والنجار، والكهربائي. أما زميلها عبد الرحيم كريم، المنحدر من عائلة متوسطة، حصل على شهادة في الإلكترونيك مكنته من ركوب مغامرة الاختراع مع زيزي. واختراع الملتقط الهوائي لم يكن العمل الوحيد المشترك بينهما، بل سبقه اختراع لمنظار بواسطة هاتف متنقل، ويعد الاثنان باختراعات أخرى في الطريق. يستعرض عبد الرحيم أثناء حديثه بعض الصور العفوية التي قد تصنع في المستقبل مخترعين عظاما، مثل الأطفال الذين يخترعون لعبا يلهون بها، مثل صناعة سيارة من علب السردين الفارغة، أو قيثارة من علبة مسطحة فارغة موصولة بأوتار مكبح الدراجات. وفي لحظة من اللحظات قال: أنا عندي حل مشكل الجراد، لو اتصلت بي الجهات المعنية فإن مشكل الجراد سينتهي إلى الأبد، بأسلوب بسيط، بعيدا عن الأدوية، والطائرات والمبيدات. ورغم إلحاح التجديد في السؤال عن هذه الوصفة العجيبة التي لا تبقي ولا تذر أثرا للجراد، فإنه لم يكشف عن وصفته السحرية. غير أن الاثنين يبديان تذمرهما من عدم الاهتمام بالمخترعين، والاختراعات، رغم إبداء بعض المسؤولين للإعجاب بعمليهما الذي لا يسمن، حسب تعبيرهما، ولا يغني من جوع. فالإثنان يطالبان بضرورة الاعتناء بالباحثين، والمخترعين، والاستفادة منهم، بدل أن تقطف الدول المتقدمة ثمارهم. أكد المخترعان أنهما اشتغلا على الجهاز مدة سنة ونصف، وطورا حجمه وقطره وسرعة الالتقاط ونظام وحدة توجيهه صوب الأقمار الاصطناعية، في ظروف صعبة، كانا في بعض الأحيان يقتطعان من مصروف عائلتيهما على حسب المولود الجديد: الملتقط الهوائي. المخترعان معجبان باختراعهما الملتقط الهوائي الخفيف الوزن، المتوفر على طوقين، واحد للرفع من عملية الالتقاط، والثاني للتخفيض منها مما يسمح بتسديد دقيق صوب الأقمار الاصطناعية، كما أنه يمكن أن يتحرك في جميع الاتجاهات، ويتوفر على محرك صغير يمكنه من إرسال والتقاط كل الذبذبات والموجات الترددية. كما يتوفر على مكونات تقاوم جميع التغيرات المناخية من حرارة مفرطة إلى الثلوج، مرورا بالأمطار والرياح . الملتقط الهوائي حسب المخترعان، متعدد الاستعمالات، إذ يمكن من اكتشاف الألغام ويقوم بدور المراقبة والحماية كرادار سواء في المجال البحري أو غيره، كما يمكن استعماله في البث الاذاعي والتلفزي والإنترنت وفي المجال الطبي، بل يتعدى ذلك إلى الكشف عن الإشعاعات النووية وغيرها من الأغراض اليومية. عبد الغني بوضرة