الواضح أن المجال السمعي البصري المغربي في مجموع تمظهراته يشكل، منذ مدة، عنوانا بارزا للمفارقة التي يعيشها المغرب بين المدينة والقرية، وكذا لمدى استيعاب الساكنة المغربية لكل التطورات التي يعرفها مجال الاتصالات في القطاع السمعي البصري. في ظل هذا الوضع يمكن التأكيد أن المغاربة شعب تواصل، والارقام الأخيرة التي أعلنتها المندوبية السامية للتخطيط، تشير إلى الانفاق على كل الأشكال التواصلية من مجموع ميزانية استهلاك الأسرة المغربية يصل حوالي 11.7 بالمائة من الميزانية المنزلية وذلك بنمو نسبته 112 بالمائة حيث انتقل من 617 درهما إلى 1311درهما. هذا الأمر يظهر جليا أيضا من خلال مؤشرات ولوج المغاربة إلى تكنولوجيا الاعلام. وتشير الاحصائيات الأخيرة المتوفرة لدى المندوبية السامية للتخطيط في هذا الصدد، والتي تضمنتها دراسة حول«اشكالية العلاقة بين الانتقال الحضري والانتقال الديمغرافي بالمغرب» للباحث سعيد شهوة، نشرت في العدد قبل الأخير ل«دفاتر التخطيط»، إلى أن السواد الأعظم من المغاربة يتوفرون على جهاز تلفزيون. فمن بين ما مجموعه 307 مدن ومراكز حضرية شملها التحليل الإحصائي الأخير تأكد بالملموس، انطلاقا من خلاصات ذات التحليل، أن معدل توفر الاسر المغربية المقيمة على جهاز تلفزيون يتجاوز نسبة 85 في المائة في نصف المدن التي شملها الاحصاء. فيما لا تتجاوز هذه النسبة 58 في المائة في النصف المتبقي من المراكز الحضرية. مع الاشارة إلى أن هذه النسب تتراوح ما بين 58.4 بالمائة و95 بالمائة في كل من مركز كهف النسور بإقليم خنيفرة ومدينة الرشيدية على التوالي. كما أن نسبة تكاد تكون مماثلة تم تسجيلها في الوسط القروي. بحيث شمل الاحصاء 640 جماعة قرية من أصل 1272 أي تقريبا النصف إذ نسجل حضر جهاز التلفاز لدى 56 بالمائة من الأسر القروية. كما أن معدل توفر الأسر المغربية المقيمة في الوسط الحضري على صحن لاقط للبرامج الفضائية يتجاوز في أقصاه، حسب خلاصات ذات التحليل الاحصائي في بعض المدن المراكز الحضرية ال307 التي شملها العملية الاحصائية نسبة 84 بالمائة. فيما لا تتجاوز في مدن اخرى كمعدل متوسط نسبة 44.3 في المائة. وتكاد تكون نسبة توفر الأسر المغربية المقيمة في الوسط الحضري على صحن لاقط للبرامج الفضائية مماثلة للتي تم تسجيلها في الوسط القروي، بحيث يسجل حضور «البارابول» حضور الصحن اللاقط للبرامج الفضائية في أعلى نسبه لدى 84.8 بالمائة من الأسر القروية شملها الاحصاء في 1272 جماعة قروية هذا في الوقت الذي لم تتجاوز هذه النسبة كمتوسط في مراكز قروية أخرى ال9.1 بالمائة. الجزم بأن المغاربة شعب صورة وصوت تؤكده بالموازاة مع نسب حيازتهم سواء في المجال الحضري أو القروي لجهاز تلفاز أو صحن لاقط نسب المشاهدة التي التي اعلنت عنها «ماروك ميتري»، المؤسسة المختصة في قياس نسب المشاهدة في قنواتنا الوطنية. المعدلات المسجلة تؤكد أن المغاربة منضبطون لمتابعاتهم التلفزيونية الشهرية، ذلك أنهم تابعوا البرامج التلفزيونية الوطنية خلال شهر دجنبر الماضي حوالي ثماني ساعات وعشر دقائق (8.10)، نصيب الفرد الواحد منها ثلاث ساعات وخمس وثلاثين دقيقة (3.35)، وهي نفس المدة الزمنية التي سجلتها المتابعة على الشاشة في المنازل المغربية في شهر نونبر أي ثماني ساعات واثنتي عشرة دقيقة (8.12) مقابل ثلاث ساعات وثلاثين دقيقة (8.30) نصيب الفرد الواحد منها (3.30). مما يعني أن حوالي 16 مليون وتسعمائة ألف متفرج في المعدل كان لهم لقاء مباشر واحد على الأقل مع القناتين «الأولى» و«دوزيم» الخاضعتين لهذه العملية، ومليون ومئتي وواحد وسبعين ألفا (1271000) شاهدوهما خلال الثانية الواحدة. وفي سياق الموضوع فإن نسبة التغطية التلفزية والأمر هنا يتعلق بالإذاعة والتلفزة المغربية لمجموع التراب المغربي فإن النسبة المتوفرة التي تم قياسها بالنسبة لمجموع الساكنة تبلغ حوالي 88 في المائة. ومنذ سنة 1982 ولأجل تغطية الأقاليم الصحراوية الجنوبية اختارت الإذاعة والتلفزة المغربية التكنولوجيا الفضائية لأجل الإرسال والبث الفاعل باتجاهها و تضم 22 محطة ارضية عبر الأقمار الإصطناعية. أما بخصوص التغطية الإذاعية ل«إ.ت.م» بالنسبة لمجموع الساكنة بالمغرب فتصل فيما يتعلق ببرامج الإذاعة الوطنية إلى 95 في المائة بالنسبة للموجات الطويلة، و84 في المائة بالنسبة للموجات المتوسطة، و46.6 بالمائة لموجة إف.إم. اما بالنسبة لبرامج اللهجات فتصل نسبة التغطية إلى 50 بالمائة بالنسبة للموجات المتوسطة و6 بالمائة بالنسبة لموجة إف.إم. اما برامج اللغة الأجنبية فنسبة التغطية تصل إلى 35 في المائة بالنسبة للموجات المتوسطة و 46 بالمائة بالنسبة لموجة إف.إم. للإشارة فإن الإذاعة والتلفزة المغربية تتوفر على حوالي 14مركزا تشتغل بالأمواج المتوسطة لبث البرامج الوطنية، بالعربية واللهجات واللغات الأجنبية. بالإضافة إلى ما يقارب 36 مركزا تعمل بالتسجيل الترددي ومركز آخر يعمل بالأمواج القصيرة. وتعيش شبكة الإرسال الإذاعي وضعية مقلقة إذ يفوق عمرها 20 سنة وأجهزتها جد متقادمة كما أنها تعمل بالنظام التماثلي بدلا من الرقمي. وتصل نسبة تغطية القناة الثانية بالنسبة للساكنة إلى أزيد من 80 بالمائة، ونظرا للتكلفة العالية للربط الهرتزي الأرضي اعتمدت القناة على استغلال تقنيات البث الفضائي حيث تبث شارة برامجها الوطنية إلى عدد من المدن المغربية عبر القمر الاصطناعي «سيسات» و«أوتيلسات» 36 درجة شرقا، معتمدة في ذلك على أجهزة للدفع لأجل إرسال الشارة. وعلى المستوى الإذاعي يذكر ان القناة الثانية أطلقت كانت قد اطلقت «راديو دوزيم» على موجات إف.إم. وعلى مستوي البث الفضائي اختارت القناة الثانية قمرين اصطناعيين لتغطية افريقيا وأوروبا و الشرق الأوسط، الأول «بانمسات» 45 درجة غربا والثاني «هوت بيرد» 13 درجة شرقا بتكلفة وصلت عشرة إلى ملايين درهم.