مدونة الأسرة الجديدة لا ننكر سدها لكثير من الثغرات كانت تعرفها مدونة الأحوال الشخصية، وإن أي إشكال عملي قد يطرحه التطبيق الفعلي للمدونة، وهو ظاهرة صحية ستسهم في تفعيلها وفق تطلعات المشرع، وأن العمل والاجتهاد القضائي كفيل بتدليل كل إشكال وسد الفراغ.. بهذه الكلمات بسط الأستاذ عبد العزيز الفتحاوي رؤيته العامة لمدونة الأسرة والخلفية التي تحكم قراءته النقدية والتقييمية للمدونة من خلال الكتاب الثاني. وأوضح رئيس المحكمة الابتدائية بابن سليمان في مداخلته التي ساهم بها في تأطير أشغال اليوم الدراسي الثاني ضمن الندوة الوطنية في موضوع: قضاء الأسرة: الواقع والآفاق الإشكالات التي يرى أنها قد تعيق تطبيق بنود المدونة، كسوء استعمال بعض البنود بسوء نية، وعدم تحديد شكل الطلاق وإثباتاته، وتساءل عن دور غرفة المشورة غير الواضح... واعتبر الأستاذ الفتحاوي أن الممارسة العملية اليومية كفيلة بإفراز العديد من المشاكل، وقال بهذا الصدد: أن تلمس هذه المعوقات ظاهرة صحية ستمكننا من الوقوف على كل شائبة والحرص على تذليلها. وفي ارتباط بالموضوع وقف الأستاذ عبد العزيز الفتحاوي على إشكالية الازدواجية في صياغة وخطاب المدونة، موضحا لها من خلال تراجع المدونة عن بعض المصطلحات الفقهية وازدواجية الخطاب القانوني. فيما انطلق الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بالمحمدية محمد الأزهر في طرح الإشكالات من خلال قراءته في مدونة الأسرة الجديدة في إطار محور اليوم الثاني المستجدات في مدونة الأسرة، وأوضح هذه الإشكالات عبر مجموعة من القضايا إذ تناول رؤيته التقييمية لها بالشرح والتفصيل، مشيرا إلى الثغرات التي تكتنف التشريع القانوني المغربي. وأشار الأستاذ محمد الأزهر إلى اجتهادات المدونة المرفقة، وإلى الإشكالات السلبية التي تثير كثيرا من التساؤلات والنقاشات، ويرى بخصوص ذلك أنها تحتاج إلى اجتهادات أخرى وإلى إعادة النظر وإعادة الصياغة لسد هذه الثغرات. وتناول الأستاذ رشيد الديب، قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية ابن سليمان، نماذج من المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة، وتساءل من خلال قراءته في الكتاب الثالث من المدونة حول الإمكانات المتاحة لتفعيل مقتضياتها على مستوى التعديلات الجديدة وأيضا على مستوى القضاء المغربي، ثم على مستوى مدى استعداد فاعلي المجتمع المدني لإنجاح هذه التجربة إلى جانب القضاء. ويختم رشيد الديب مداخلته بقوله: تلك مجموعة من الأسئلة والإرهاصات ستجيب عنها المرحلة التاريخية المقبلة. وتناولت الندوة الوطنية في محورها الثالث قضاء الأسرة بالمغرب: تجربة المحكمة الابتدائية ابن سليمان، وقدم هذه التجربة الأستاذ مصطفى الفنش قاضي الأسرة بنفس المحكمة، وتحدث عن أهمية قسم القضاء الأسري وعن مكوناته ووسائل عمله، ثم عن النتائج الإيجابية مؤكدا كلامه بإحصائيات مفصلة تدعم التوفيق في هذه التجربة رغم حداثتها، والتي يمكن إجمالها بقول الأستاذ مصطفى الفنش في نقطتين: أولهما تمثلت في تكسير الحواجز بين الجهاز القضائي والمتقاضين، وثانيهما في نشر ثقافة التقاضي بين المتقاضين. واستقصى الأستاذ سعيد الزيتوني، وكيل جلالة الملك لدى ابتدائية ابن سليمان، الأدوار التي نصها المشرع للنيابة العامة في مدونة الأسرة، وحصرها في ثلاثة أدوار تتوزع بين دور المساعدة للمحكمة والدور الزجري إضافة إلى دورها الأصلي وسماه بالدور الانضمامي، وتحدث عن الآثار المترتبة عنه. وشرح وكيل جلالة الملك في مداخلته دور النيابة العامة في مدونة الأسرة مبررات ومجالات تدخل النيابة العامة في قضايا الأسرة، محددا شكل هذا التدخل وكيفيته، وختم كلامه في هذا السياق بتوضيح الصعوبات التي تعترض تدخل النيابة العامة، مقترحا لبعض الحلول التي يرى أنها من شأنها أن تساهم في تفعيل دور النيابة العامة. للإشارة فالندوة الوطنية حول قضاء الأسرة: الواقع والآفاق تأتي في سياق التجاوب مع التغيرات الاجتماعية والقانونية التي عرفها المجتمع المغربي، واستجابة للدور الثقافي والإشعاعي الذي تقوم به كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية في ربط الجامعة بمحيطها. وسهرت وحدة البحث في التكامل المعرفي بين العلوم الإسلامية بتعاون مع الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد الأطفال على تنظيمها وذلك يومي 22 و 23 أبريل .2004 عزيزة الزعلي المحمدية