أكد فانسان جيسير، الباحث الفرنسي في علم الاجتماع، أن الخطاب المناهض للإسلام يتغذى من مخاوف لا مبرر لها وترتبط في غالب الأحيان بالهذيان بمخاطر أسلمة فرنسا. وأوضح الباحث الفرنسي، خلال ندوة نظمتها جمعية المسار بالدارالبيضاء يوم الجمعة الماضي، وفي ندوة ثانية احتضنتها مساء الاثنين الماضي قاعة مصطفى الخوضي التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط، ونظمت بمبادرة من مركز طارق ابن زياد، أن المخاوف التي تعبر عنها فئة من الرأي العام المثقف الفرنسي بشأن أسلمة الفضاء العمومي الفرنسي لا أساس لها ولا تساهم إلا في تكريس مناهضة جديدة للإسلام تغذيها حركة مثقفة لائكية. ويعتبر جيسير مؤلف كتاب حول الموضوع بعنوان الإسلاموفوبيا الجديدة (منشورات لاديكوفيرت ماي 2003) أن الأسباب التي تفسر هذه المناهضة للإسلام لا صلة لها بالعامل الديني، وإنما ينبغي البحث عنها في السياسات الأوروبية، مشيرا إلى أنه إذا كان الخوف من الإسلام كدين قد حفزته في الماضي طروحات مسيحية، فإنه اليوم يغذيه خطاب يروج له الفضاء اللائكي ينبني على الإفراط والإثارة بشأن أسلمة فرنسا. وقال الباحث الاجتماعي، في هذه الندوة بعنوان أوروبا والظاهرة الإسلامية بين الحذر والاعتراف، إن فئة عريضة من المناهضين للإسلام لا تريد أن تعترف أنه ما زالت هناك عنصرية مناهضة للإسلام في الوقت الذي أثر فيه الإسلام، كما قال المستشرق ماكسيم رودونسون، على عدد كبير من الباحثين الغربيين. وأضاف أنه قبل الحديث عن العنصرية والكراهية، فإن الإسلام يشكل معطى أبهر أوروبا. وفي معرض تطرقه للنقاشات التي تهيمن على الفضاء العمومي الفرنسي والأوروبي عموما، خاصة النقاش حول قضية الحجاب، أشار عالم الاجتماع الفرنسي إلى أن عددا قليلا من المثقفين الذين تدخلوا ليقولوا إنه من الضروري توقيف هذا الهذيان، مضيفا أن غالبية الفئة المثقفة منشغلة حاليا بالمواضيع نفسها التي كانت سائدة في الفترة الاستعمارية. واعتبر المحاضر أن هوية جزء من أوروبا على الأقل انتظمت في علاقتها مع الآخر، الذي ليس سوى الجالية المسلمة وأن الاوروبيين يواصلون حاليا انتظامهم بالرؤية نفسها، ولكن فقط في إطار جديد وبواسطة مقاربة جديدة. وأشار جيسر إلى وجود أزمة هوية حقيقية بفرنسا، ذلك أنه عوض إيجاد حلول للمشاكل العملية يتم الاتجاه إلى البحث عن مشجب عبر خلق جو انفعالي يهيمن فيه الجدال حول الإسلام على النقاش العام. ولاحظ أنه في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تعيش أزمة على مستويات التعليم العمومي والصحة والعنف، فإن النقاش العام غير اتجاهه، خاصة بعد 11 شتنبر، وفجأة بدأت وسائل الإعلام في اجترار خطاب يحمل الجالية المسلمة جميع السلبيات. وخلص الباحث الفرنسي إلى الإعراب عن التفاؤل والاطمئنان، حيث اعتبر أن مأسسة الميدان الثقافي بفرنسا يحمل في طياته اعترافا بهذه الجالية التي عرفت كيف تتجاوز، لفائدة الانفتاح وخلق فضاءات الحوار، وضعية أضرت بها. ح. ص