من المفرح أن نجد رجالا لا يرتاح لهم بال، ولا يغمض لهم جفن إلا وقد ربوا فتياتهم أحسن تربية، وأشرفوا على تزويجهن من الصالحين، متتبعين كل خطوة من خطوات حياتهن ليمدوا لهن يد المساعدة كلما تطلب الأمر ذلك، رغم أن أصواتا ارتفعت من أجل رفع الولاية عنهن. وبالمقابل كم يحز في النفس أن تتحول الابنة في حسابات والدها إلى رقم مربح ومشروع استثماري ناجح، خصوصا إذا كان هذا الوالد قد تجرد من مشاعر الاحترام لمن يفترض أنه حامي سره وشرفه. وأصدق مثال على ذلك ما حدث مع سامية، التي فقدت الإحساس بشيء اسمه رابطة الأبوة حين أصبح والدها يهيئها كل سنة لقبول صفقة زواجها من أحد شباب قريتها بصداق ثمنه عقد العمل في الخارج، على أن يتم فك عقد زواجها منه حين تعبر به شط الأمان إلى أوروبا. سامية هذه، كما جاء في مجلة سيدتي، مواطنة مغربية تحمل الجنسية الفرنسية، ووضعيتها هي أقصر الطرق التي تضمن لمن يتزوجها الهجرة بطريقة قانونية ومشروعة. بلغ عدد أزواجها خمسة أزواج لم تقض معهم إلا فترة الاحتفال الذي يحضره الأهل والجيران، ويمضي عليه العدلان، وظلت سامية تتمنى طيلة هذه اللعبة أن يخطئ أحدهم في الاتفاق ويتزوجها الزواج الصحيح بلا طلاق محتوم. فاطمة هي الأخرى، مقيمة مع والديها بفرنسا، قبلت الزواج من أحد أبناء بلدتها بنواحي مراكش لتنقذه من البطالة، مقابل أن ينقذها من حياة العزوبية، وبالمقابل المادي للأب بطبيعة الحال! فاطمة ليست مثل سامية، فقد وصل بها قطار الزواج إلى إنجاب طفلة، وهو ما جعلها تعقد الأمل على أن الرحلة ستستمر، إلا أن مدة الزواج كانت كافية فقط ليعتمد الزوج على نفسه في ديار الغربة، لتعلم فاطمة بطريقة غير مباشرة أن دورها قد انتهى، فيتم الطلاق... والله نسأل السلامة في الصيف المقبل. الأمثلة كثيرة والدرس واحد: كفى من الارتزاق بالفتيات، وخاصة منهن الراغبات في الاستقرار في حياة زوجية لا تلفها أطماع الأوصياء سواء كان الأب أو الزوج! وليحذر المرتزقون على زواج أبيض أن تسود وجوههم في الآخرة، وليحذر كل من يحلم بالعبور إلى الضفة الأخرى أن يعيش جحيم الدنيا قبل الآخرة. ح. أ