فقدت الأمة الإسلامية مساء الأحد الماضي واحداً من أعلامها البارزين خلال العقدين الأخيرين هو الدكتور عبد القادر طاش، ذلك الرجل الذي حمل رسالة الإسلام السمحة منذ نعومة أظفاره وحتى اللحظات الأخيرة من حياته بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلاً فخطفه وهو في ذروة عطائه، وفي وقت تبدو الأمة فيه في أمس الحاجة إلى رجال يحملون مشروعها في التحرر والنهوض ورسالتها العظيمة إلى العالم أجمع. لقد تجاوز الدكتور طاش حدود بلده السعودية التي عاش ومات فيها باستثناء سنوات دراسته في الخارج، حيث عاش للأمة، كما عاش لدينه كل لحظة من لحظات عمره وحمل الهم الإسلامي بكل تحولاته، أكان في الغرب أم في العالم الإسلامي، وجاهد من أجل صياغة خطاب إسلامي قادر على حمل حقيقة الرسالة إلى الداخل والخارج. كان رحمه الله معنياً بصياغة خطاب إسلامي مميز يتعاطى مع روح الرسالة من دون أن يتجاهل حقائق العصر ومعطياته على مختلف الأصعدة، وذلك كي تتحقق عالمية الرسالة التي لم تأت لأمة بعينها بل لكل البشر بكل ألوانهم ولغاتهم. في هذا الإطار تبدو أهمية الجهد الذي كان يبذله الراحل الكبير، والذي يحتاج إلى من يكمله، لأن لدى المسلمين الكثير مما يمكن أن يقدموه للعالم إذا استخدموا لغة العصر وحملوا حقائق رسالتهم لا مجرد قشورها الخارجية. الجانب الآخر في شخصية الراحل الكبير تمثلت في ذلك الحرص الشديد على صياغة خطاب إعلام إسلامي يتعاطى لغة العصر وتقنياته. وقد بذل على هذا الصعيد جهوداً مميزة منذ أن كانت المطبوعات الإسلامية أكثر من نادرة، وصولاً إلى ملامح تطور لا زال أقل بكثير من المأمول. بدأ الراحل الكبير رحلته مع الإعلام منذ دراسته في الولاياتالمتحدة وفي سياق العمل الطلابي، وصولاً إلى تجاربه المتعددة في المملكة. وفي مختلف المراحل ظل وفياً لرسالته ومشروع الأمة في النهوض، إضافة إلى متابعة حثيثة لجراحها النازفة في فلسطين وسواها من صراعات الأمة مع من يستهدفون إخضاعها. يبقى الجانب الأروع في شخصية الراحل الكبير ممثلاً في خلقه الرائع والنموذج الذي يقدمه على هذا الصعيد، فهو لم يكن كاتباً وفكراً فحسب، بل كان نموذج للمعلم الملتزم الذي يحمل الرسالة بالخلق والتعامل قبل الفكر والتنظير. رحل الدكتور عبد القادر باكراً قبل أن يحقق الكثير من أحلامه وهو الرجل المدجج بالطموح، بيد أن نداء الأجل قد حان. فندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يتقبله في الصالحين وأن يخلف الأمة فيه خيراً . إنه سميع مجيب. ياسر الزعاترة - كاتب فلسطيني