يعاني الآلاف من الأطفال المغاربة من أعراض يجهل الأطباء تشخيصها، ويكون في الغالب السبب هي أمراض ضعف المناعة، لكن لم يتم تشخيص سوى 400 حالة في المغرب منذ 2007 وهي مقيدة في السجل الوطني ضعف المناعة. الدكتور عزيز بوصفيحة الذي ترأس الأسبوع المنصرم المؤتمر العربي الأول لضعف المناعة الأولي يشرح في هذا الحوار أمراض المناعة والإكراهات التي يواجهها المرضى وكذا المطلوب لتشخيص المرض وتسهيل العلاج. نظمتم الأسبوع الماضي مؤتمرا حول ضعف المناعة. ماذا تقصدون بهذه الأمراض وكيف هو واقع هذه الأمراض في المغرب؟ لضعف المناعة عدة أسباب فهي إما مكتسبة أو أولية والمقصود بالأولية أنها وراثية أي تخلق مع الإنسان ومكتسبة أي تكون بسبب قلة التغذية أو السيدا، وأمراض المناعة الأولية تتفرع إلى 300 مرض وراثي، وهذا يعني أن مجموعة من الناس يخلقون ولديهم قابلية للإصابة بالعدوى وبالتهابات متكررة وصعبة. بالنسبة للوضعية في المغرب والعالم العربي، فهذه الأمراض منتشرة بكثرة في هذه المنطقة أكثر من البلدان الأخرى، بسبب انتشار زواج الأقارب في المنطقة العربية والذي يرفع نسبة الإصابة بالأمراض الوراثية كلها ومنها ضعف المناعة. في العالم العربي يوجد 4 ملايين مريض، وفي المغرب تم تشخيص 400 حالة فقط وهي موجودة في السجل الوطني لضعف المناعة منذ 2007، في حين أن التوقعات تشير إلى وجود أزيد من 30 ألف مصاب بهذه الأمراض. هذه التوقعات تأخذ بعين الاعتبار أن زواج الأقارب في العالم العربي يمثل 35 بالمائة مقابل 0.1 بالمائة في أوربا، ما يعني أن الحالات في المغرب والعالم العربي كثيرة وهي ضعف عدد المصابين بالصبغي الثلاثي 21 لكن الدولة ليست لها أي برامج موجه لهؤلاء المرضى. ما هي الإكراهات التي يواجهها المصابون بأمراض المناعة بالمغرب؟ أول الإكراهات التي يواجهها المصابون بأمراض المناعة الأولي هي التشخيص، فالعائلات تزور العديد من الأطباء لتعرض أبنائها للارتفاع المفاجئ في درجة الحرارة والالتهابات ولا يتم تشخيص المرض، وبالتالي يجب الاشتغال على التوعية والحسيس في صفوف المواطنين والأطباء والتعريف بهذه الأمراض عن طريق وسائل الإعلام. من جهة أخرى، لا يوجد مختبر في المغرب يجري تحاليل لهذا النوع من الأمراض، لذلك تضطر العائلات إلى إجرائها في الخارج وتكون بالتالي مكلفة، مع العلم أنه يمكن إجراء هذه التحاليل في المغرب وتحديدا في مختبر المناعة في الدارالبيضاء لكن الفوضى التي يعرفها هذا المختبر تحول دون ذلك خاصة وأن رئيسه تقني في حين أن القانون ينص على تعيين أستاذ باحث في الصيدلة او الطب على رأس هذا المختبر حتى تتم متابعة آخر المستجدات العلمية في هذا المجال. الإكراه الثالث يتعلق بمراكز العلاج، فبعد التشخيص يحتاج الأطفال المرضى إلى نوعين من العلاج، 30 بالمائة منهم يحتاجون إلى إجراء عملية زرع النخاع العظمي و 70 بالمائة يحتاجون إلى حقنة من المضادات شهريا وطيلة الحياة حتى يتمكنوا من العيش بشكل طبيعي، لكن كون المغرب يستورد هذه الحقنة من فرنسا يجعل هذا العلاج مرتفع وتترواح ثمن الحقنة ما بين الفين و 8 آلاف درهم حسب وزن الطفل. ومؤخرا قامت الدولة بمجهود وأدرجت هذا الدواء ليستفيد منه حاملو بطاقة "راميد". بالنسبة للمرضى المحتاجين لزراعة النخاع العظمي، فالمغرب يتوفر على وحدة للكبار في مستشفى 20 غشت بالدارالبيضاء وأخرى جديدة في المستشفى الجامعي بمراكش وتجري حوالي 5 عمليات زرع نخاع عظمي في السنة، في حين نحتاج إجراء 80 إلى 90 عملية جراحية سنويا، لذلك يموت ما بين 50 الى 60 طفل سنويا لأنه لا توجد وحدات زرع كافية. ونحن منذ 15 سنة نطالب بفتح وحدة لإجراء عمليات زرع النخاع العظمي للاطفال ولا زلنا ننتظر. وفي الوقت الذي نتوفر على كفاءات علمية لا يوجد مركز وطني متخصص في أمراض المناعة على غرار ما عليه الأمر في تونس والسعودية. ماهي التوصيات التي توصلتم إليها في هذا المؤتمر؟ ما ميز هذا المؤتمر هو أن المحاضرات كانت كلها بالعربية، وقد اخترنا هذا الاختيار لتحقيق هدفين، أولها التواصل بين الجناحين الفرنكوفوني الذي تمثله دول المغرب العربي والجناح الأنكلوساكسوني الذي تمثله دول الشرق العربي وتبادل المعلومات والخبرات. أيضا هذا المؤتمر كان ثلاثي الأبعاد إذ بالموازاة مع مؤتمر الاطباء المختصين في المناعة، اجتمع الممرضون وأيضا المرضى، كما التقى هؤلاء فيما بينهم للتداول بشأن الامراض المناعية. توصلنا في هذا المؤتمر إلى عدد من التوصيات المهمة أولها التأكيد على ضرورة التواصل وتبادل الخبرات، التوصية الثانية وجهناها إلى وزير التعليم العالي والبحث العلم وإلى عمداء كليات الطب وتتعلق بالرفع من ساعات التكوين في الطب حول موضوع المناعة الأولية من ساعة الى 5 ساعات، ودعم البحوث العلمية في هذا الميدان خاصة وأن المرض منتشر بشكل مهم في المغرب. وجهنا كذلك توصيات إلى وزير الصحة دعونا فيها إلى المساهمة في التحسيس بهذا المرض في صفوف المجتمع وتشجيع التشخيص المبكر للمرض لأنه إذا تم تشخيصه لدى المواليد تنجح عملية زرع النخاع العظمي بنسبة 100 بالمائة وتنخفض نسبة نجاع العملية مع التقدم في السن. كما أكدنا على ضرورة توفير وسائل التشخيص والعلاج في المراكز الطبية ووضع حد للفوضى في هذا المجال. الدكتورعزيز بوصفيحة ، رئيس المؤتمر العربي الأول لضعف المناعة الأولي وأستاذ طب الأطفال والمناعة بكلية الطب بالبيضاء