هذه المرة نجدنا متفقين إلى حد ما مع بعض ما ذهب إليه وزير الخارجية الأردني مروان المعشر في حديث له مع عدد من الصحفيين الإسرائيليين بمناسبة احتفالات الذكرى العاشرة لتوقيع اتفاقية وادي عربة. بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فقد أبدى المعشر قلقه من احتمال أن تكتفي الدولة العبرية بخطة فك الارتباط من طرف واحد من دون تطبيق خريطة الطريق، سيما بعد تصريحات دوف فايسغلاس، مدير ديوان شارون حول "تجميد العملية السياسية". واعتبر الوزير في حديثه أن إقامة دولة فلسطينية "ليست مصلحة وطنية فلسطينية بل ومصلحة أردنية أيضاً". لكن أهم ما ورد في اللقاء هو قول المعشر إن "تنفيذ فك ارتباط دون إقامة دولة فلسطينية سيؤدي إلى تقسيم الضفة والقطاع إلى ثلاثة أجزاء يكون العبور بينها صعب جداً، وعندها سيكون الخيار المتبقي لهم هو المغادرة إلى الأردن". من المؤكد أننا نختلف مع رؤية التسوية من أصلها مع مشروع صهيوني له أحلامه في الامتداد والهيمنة، كما نختلف مع تسوية تمنح الإسرائيليين 78% من أرض فلسطين التاريخية، وتدع ما تبقى للفلسطينيين، مع أن ذلك لا يبدو متاحاً أيضاً. والخلاصة أن المعجزة لن تحدث، كما تقول المؤشرات المتاحة، قبل أن يقضموا من ال22% الباقية ما تيسر، وبخاصة أراضي القدسالشرقية والكتل الاستيطانية في الضفة. إننا نعتقد أن تسوية تصل إلى دولة فلسطينية محدودة، فيما تتجاهل حق العودة للاجئين لا يمكن أن تكون مصلحة أردنية بحال من الأحوال، في الوقت الذي ندرك فيه أن مسألة حق العودة لم ولن تكون مضمونة في ظل أية تسوية مقبلة ضمن الظروف والمعطيات الراهنة، سيما بعد وعد بوش الشهير. أما الشق الثاني من حديث المعشر، فهو الجانب الذي نتفق معه، ذلك أن مشروع شارون الذي فضح فايسغلاس حيثياته هو في جوهره، معطوفاً على الجدار الأمني، مشروع ترانسفير للفلسطينيين باتجاه الأردن، لأن تقسيم الضفة الغربية من خلال الجدار وتكريس التجمعات الاستيطانية الكبيرة هو الوصفة الحقيقية للترانسفير، سيما في ظل استمرار حالة الضعف والمراوحة الراهنة في الموقف الفلسطيني والعربي الرسمي الذي لا يقدم شيئاً على صعيد مواجهة المخطط الجهنمي الذي يطبخه شارون. من المؤكد أننا نعول على صمود الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة من أجل إفشال المخطط، لكن واقع الحال يقول إن المواجهة الناجعة ستبقى في حاجة إلى موقف أكثر قوة من طرف السلطة بصرف النظر عن التداعيات، وهو ما لن يحدث إذا بقي الموقف العربي على هزاله الحالي. إن مواجهة مخطط شارون لا يمكن أن تتم بمعزل عن موقف فلسطيني وعربي واضح ومحسوم يرفض التعاطي مع خطته لفك الارتباط التي لن تمر إذا ما رفض الجميع التعامل معها أمنياً، فيما تواصل الحشد السياسي ضدها وضد الجدار الأمني وضد سياسة الاستيطان، وهو ما يحتاج إلى جانب ذلك كله إلى استمرار المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة التي ستكون وحدها الكفيلة بإسقاط شارون ومخططاته بع إقناع الشارع الإسرائيلي أن هواجس الأمن لن تنتهي مع استمرار السياسات المتغطرسة التي يمارسها زعيمه. خلاصة القول هي أن إفشال المخطط لا يكون إلا بالعمل الحثيث على إسقاط شارون ومشاريعه، ولن يحدث ذلك من دون تصعيد المقاومة، ولن تتصاعد المقاومة بالقدر المطلوب من دون توجه رسمي فلسطيني قوي وحاسم، ولن يتوفر هذا التوجه من دون موقف عربي قوي، فهل نساهم في تعزيز المقاومة أم نضعفها ثم نعلن مخاوفنا من مخططات شارون؟! ياسر الزعاترة