أثارت مذكرة جديدة لوزير التربية الوطنية والتكوين والمهني رشيد بلمختار حول تدريس مواد علمية بجذوع مشتركة باللغة الفرنسية؛ انتقادات كبيرة من قبل مهتمين باللغة العربية وجمعيات من المجتمع المدني التي اعتبرت القرار "خطوة انفرداية لا تستند إلى أية اعتبارات علمية أو موضوعية". فقد رفض الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية مذكرة بلمختار واصفا إياها ب"المذكرة الفرنكفونية التي ترهن مستقبلنا التربوي لقرارات انفرادية ومزاجية"، داعيا الحكومة إلى إلغاء المذكرة واحترام المقتضيات الدستورية وهوية المجتمع المغربي. وتنص المذكرة التي وجهها وزير التربية الوطنية للأكاديميات الجهوية على تدريس مادتي الرياضيات والعلوم الفيزيائية باللغة الفرنسية بالمرحلة الثانوية، ابتداء من السنة المقبلة 2016-2017 بالنسبة لشعبتي العلوم والتكنولوجيات الميكانيكية والعلوم والتكنولوجيات الكهربائية. إضافة إلى ذلك أعطى الوزير للأكاديميات الجهوية الحق في البدء بتدريس هذه المواد باللغة الفرنسية بالجذع المشترك التكنولوجي ابتداء من هذه السنة في حالة ما توفرت لها شروط ذلك، مطالبا بتعميم هذه الإجراءات على كل المؤسسات الثانوية التأهيلية العمومية والخصوصية الحاضنة لتلك الشعب. الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الذي تنضوي تحته عشرات الجمعيات المهتمة باللغة العربية، رأى في قرار بلمختار خرقا سافرا للنص الدستوري وقفزا على النقاش التربوي الجاري في لقاءات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. حيث اعتبر في بيان له، أن اتخاذ قرار التدريس بالفرنسية بمثابة تهديد للأمن التربوي واللغوي للمغاربة، واستهزاء بقيمهم وتوافقاتهم المجتمعية والدستورية. وقال رئيس الائتلاف في تصريح ليومية "التجديد"، إن القرار هو استمرار لمسار طويل من الفرنسة التي شرع فيها بلمختار منذ تعيينه في الحكومة، مشددا على أنها ليست المرة الأولى التي تخرج علينا وزارة التربية الوطنية بمثل هذه المذكرات، حيث كانت قبلها مذكرة الباكالوريا الفرنسية، قبل أن يبدأ الوزير في السرعة القصوى لإقرار أحادية لغوية أمام صمت للحكومة والبرلمان، يضيف المتحدث. إلا أن وقع المذكرة لم يكن عاديا في أروقة البرلمان؛ حيث وجه النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية محمد يتيم سؤالا شفويا آنيا لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني على خلفية القرار الأخير؛ مشددا على كون المذكرة تتعارض مع المقتضيات الواردة في الرؤية الاستراتيجية التي صادق عليها المجلس الأعلى للتعليم ، وتشكل تراجعا عن التوجه الذي أقره في مجال لغة التدريس. وسأل النائب البرلماني وعضو المجلس الأعلى للتعليم؛ الوزير عن دواعي إصدار هذه المذكرة مطالبا بتفسير تعارضها مع مقتضيات الرؤية الاستراتيجية، ونوايا الوزارة في التعاطي مع مقتضيات الرؤية المذكورة وتنزيلها على أرض الواقع. ويبدو أن قرار بلمختار لا يتعارض فقط مع الرؤية الاستراتيجية والمقتضيات الدستورية، بل أيضا مع المتطلبات العلمية وحاجة المدرسة المغربية، ذلك ما يذهب إليه الأستاذ بالمدرسة المحمدية للمهندسين محمد كريم بوزوبع الذي رأى أن إقحام اللغة الفرنسية في الشعب العلمية اليوم لا علاقة له براهن المدرسة ولا بمتطلباتها. وأضاف بوزوبع في حديث مع يومية "التجديد" أن الصعوبة التي يواجهها الأساتذة اليوم في تدريس العلوم بالفرنسية هو إشكالية الخليط اللغوي بين اللغة الأم للطلبة التي هي العربية، وبين لغة العلم التي هي الانجليزية ، ولغة التدريس التي هي الفرنسية، وهو ما يزيد الأمر تعقيدا. ولا يرى بوزوبع -الذي يشتغل ضمن مشروع للهندسة اللغوية- أي حل في اعتماد اللغة الأجنبية، مضيفا أنها لو كانت حلا لمشاكل المنظومة لكان الأولى اعتماد اللغة الانجليزية التي هي الآن أصل عدد من العلوم، لكنه يشدد على أن تدريس هذه المواد باللغة العربية سيسهل عملية امتلاك العلم والتواصل مع الطلبة خاصة مع الصعوبة التي يواجهها الطلبة في استيعاب المقررات باللغة الأجنبية ما يضطر معه الاساتذة إلى مجهودات مضاعفة ومكررة. واستشهد الاستاذ بالمدرسة المحمدية للمهندسين بحالة الجامعة في سوريا مشيرا إلى أن بعض المعاهد التي تلقن الهندسة باللغة العربية حيث يتلقى الطلبة تخصص العلوم باللغة العربية الأم وبطلاقة ودون أي إشكالات، في الوقت الذي تعتبر اللغة الثانية لهم هي لغة العلم الانجليزية. قبل أن يضيف "اللغة الفرنسية لا علاقة لها بالموضوع بتاتا".