احتدت الخلافات بين مكونات حزب حركة "نداء تونس" الحاكم، وتضاربت الأنباء القادمة من مدينة "الحمامات" الساحلية في تونس، عن خلافات حادة نشبت صباح يوم الأحد 1 نونبر 2015 في اجتماعات للمكتب التنفيذي للحزب بين مؤيدين لجناح الأمين العام محسن مرزوق ومخالفين له. وكان الأمين العام لحركة "نداء تونس" محسن مرزوق قد أعلن السبت 31 أكتوبر 2015، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء التونسية، أنه لن يستجيب وبقية أعضاء المكتب التنفيذي للحزب لاجتماع الهيئة التأسيسية المرتقب يوم الثلاثاء 3 نونبر 2015، واعتبر أن استدعاء أمين عام الحزب وأعضاء المكتب التنفيذي وهم محمد الناصر، وبوجمعة الرميلي، ولزهر العكرمي، ولزهر القروي الشابي، عن طريق السلطات العدلية "أمر لا يجوز". وأشار مرزوق إلى أن المكتب التنفيذي للحزب سينعقد يوم الأحد في الحمامات للحسم في بعض النقاط بعد اجتماع جربة يومي 17 و18 أكتوبر الماضي. هذا وكانت الهيئة التأسيسية لحزب نداء تونس، قد وجهت يوم الجمعة 20 أكتوبر 2015، استدعاء عن طريق عدل تنفيذ إلى أعضاء المكتب التنفيذي محمد الناصر، وهو رئيس البرلمان الحالي، ومحسن مرزوق ولزهر العكرمي وبوجمعة الرميلي ولزهر القروي الشابي، من اجل حضور اجتماع الهيئة التأسيسية للحزب المخصص لتكريس قرارات اجتماع جربة والحسم نهائيا في موعد مؤتمر الحزب وانتخاب لجنة الإعداد له. واستبعد الكاتب والمحلل السياسي التونسي كمال بن يونس في حديث ل "قدس برس"، أن يؤدي الخلاف القائم بين شقي حزب "نداء تونس" إلى انشقاق في الحزب، وتوقع أن يتمكن الرئيس الباجي قايد السبسي من التدخل لإنقاذ الموقف وتطويق الخلاف والتوصل إلى توافق ينهي الخلاف الحالي، وقال: "الصراع القائم داخل حزب نداء تونس، هو شكل من أشكال الصراع حول خلافة الرئيس الباجي قايد السبسي، وقد نشأ هذا الخلاف مبكرا بعد فوز الباجي قايد السبسي بالانتخابات الرئاسية وتخليه عن رئاسة الحزب وفقا للدستور". وأضاف: "لكن الرئيس الباجي السبسي الذي ذهب إلى قصر قرطاج، ترك ابنه حافظ، وهو شخصية سياسية فاعلة، لكن من المستبعد أن يحل محل والده في منصب رئاسة الحزب، لذلك أعتقد أن الرئيس الباجي قايد السبسي سيتدخل وسيتمكن من الوصول إلى قواسم مشتركة بين الأغلبية من جناحي الحزب اليساري والدستوري، تمكن من تجاوز الخلاف الحالي الذي لا تحتمله البلاد أصلا". وأوضح ابن يونس، أنه بالاضافة إلى معركة الخلافة التي تشق "نداء تونس"، الذي لم يعقد أي مؤتمر له منذ تأسيسه في العام 2012 بمباردة من الرئيس الباجي قايد السبسي، هناك معركة بين تيار توافقي، وصفه بأنه يشكل الأغلبية، وهو تيار قال بأنه يضم أبناء العائلة الدستورية واليسارية، يرى بأن الانتخابات الأخيرة أفرزت فوز "نداء تونس" بالمرتبة الأولى في الانتخابات وتلاها في ذلك حركة "النهضة"، وأنه لا يمكن الحصول على الاستقرار دون توافق بين الحزبين، وبين تيار استئصالي لا يرى بالتوافق مع الإسلاميين أو التعاون معهم، ووصفه التيار الأخير بأنه يمثل "أقلية". ويدور خلاف كبير داخل "نداء تونس" حول موعد المؤتمر الأول للحزب والآلية التي يجب اعتمادها للاعداد له. ويرى عضو المكتب التنفيذي لحزب "نداء تونس" خالد شوكات، وهو من الجناح المقرب من الهيئة التأسيسية، أنه "لم يعد لدى الندائيين (نداء تونس) كثير من الوقت لإيجاد حلّ نهائي ومستدام لأزمة حزبهم، وأن أوّل استحقاق انتخابي سيختبر أحقيتهم باحتلال الموقع الأوّل في المشهد الحزبي والسياسي، لم يعد بعيدا، مدة سنة أو سنة ونيف على أقصى تقدير، والاستعداد له والفوز به يتطلّب استقرارا سريعا ولملمة الشمل وتعبئة الموارد البشرية والمادية واستعادة ثقة الداعمين والمناضلين قبل استعادة ثقة الناخبين، لن يكون متاحا إلاّ بعقد المؤتمر التأسيسي للحزب في أجل أقصاه دجنبر من السنة الجارية. وأشار شوكات إلى أن الندائيين سيندمون إذا لم يعقدوا مؤتمرهم حين لن ينفعهم ندم. وشدد على أن "نداء تونس" ليس حزبا عاديا، "وهو حجر الأساس في بناء ديمقراطيتنا الناشئة وإطلاق مشروعنا الحضاري، وانتشاله من الأزمة مسؤولية وطنية تقع على عاتق الندائيين أوّلا، وعلى أكتاف جميع التونسيين ثانيا، ومن هنا يأتي مؤتمر ديسمبر كضرورة ندائية ووطنية معا"، على حد تعبيره. ويخشى مراقبون من أن يطول الخلاف بين جناحي الحزب الحاكم، وأن يتخذ أشكالا متعددة على عدة مستويات، بالنظر إلى ما يمتلكه جناح الأمين العام للحزب محسن مرزوق من عناصر قوة، وقد كان قد أنهى الجمعة 30 اكتوبر الماضي زيارة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، عقد خلالها سلسلة من اللقاءات مع العديد من المسؤولين الكبار في الإدارة الأمريكية من بينهم مسؤولون في وزارتي الشؤون الخارجية والأمن، على غرار المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية ديفيد بترايوس، لقاء مع مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي اريك بولوفسكي، والسفير الأمريكي السابق بتونس جاكوب والس، ومساعدة وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالشرق الأوسط آن باترسون، وأعضاء من الكونغرس الأمريكي، كالنائبين شويكرت وهاستينغز واللذين يمثلان الرئيسين المساعدين في "Tunisia Caucus" بالكونغرس.