أوضح محمد مستور، أستاذ مبرز في مادة التربية الإسلامية، أنه عندما يتعلق الأمر بالقرآن الكريم فيجب أن ننطلق من منطلق أن الله سبحانه وتعالى عدل، وأنه سبحانه وتعالى حينما يشرع أو يقرر قرارا معينا فلا يمكن أن يُتصور قطعا أن فيه ضررا أو ظلما لأي طرف سواء كان رجلا أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا، وأكد على أن هذا المنطلق ينبغي أن يكون قاعدة أساسية وعقيدة عند المسلم. وأضاف مستور ل"جديد بريس" أنه حتى لو قرأ الإنسان آية من كتاب الله عز وجل وفهم منها أن هناك تمييزا أو تفاضلا لطرف على حساب آخر، فإنه يجب أن يتهم فهمه القاصر، إذ لا يمكن قطعا أن نتصور أن يفضل الله سبحانه وتعالى الرجل على المرأة لأن الرجل والمرأة بالنسبة لله سبحانه وتعالى سواء بحيث أنه إذا كان في الأمر ما يظهر أنه تفاضل فلاشك في أن فيه حكمة. النفقة مرفوعة عن المرأة واجبة على الرجل ومن الحكم التي يذكرها العلماء يردف المتحدث، في تفسير هذه الوصية الواردة في قوله تعالى (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)، هو أن الرجل هو المكلف بالنفقة على المرأة وليس العكس والساهر على رعاية شؤون البيت وتوفير مصاريفه وليس المرأة والرجل هو الذي يقدم الصداق في الزواج وليس المرأة، في حين أن المرأة غير مسؤولة عن النفقة حتى على نفسها سواء كانت بنتا أو أما أو زوجة أو أختا وهي غير ملزمة أن تنفق شيئا على زوجها ولو كانت غنية، إذ أن المرأة في الإسلام محمية إما في الأب أو في الزوج وإما في الإخوة أو في الأبناء أو في الأعمام والأخوال. وأبرز مستور أنه ترك رجل بعد وفاته مبلغا مقداره 9 ملايين سنتيم، فإن ابنته ستأخذ ثلاث ملايين وابنه سيأخذ ستة ملايين سنتيم، ولكن النصيب الذي أخذه الولد سيتناقص في النفقة على البيت أو الصداق وتوفير المسكن إذا أراد الزواج وغير ذلك، بينما ستحتفظ أخته بنصيبها من المال ملكا لها تتصرف فيه كيفما تشاء من دون التزامات النفقة، وإذا تزوجت ستضيف إلى نصيبها من الميراث مقدار المال من الصداق وستكون تحت نفقة زوجها، وبإمكانها أن تستثمر هذا المبلغ من المال وقد تصبح أحسن حالا من أخيها. حالة وحيدة شدد محمد مستور، وهو خريج الدراسات الإسلامية من جامعة محمد الخامس بالرباط، على أن حالة القسمة في الميراث المتعلقة بالأبناء ليست هي حالة وحيدة من حالات قسمة الميراث، وحالة الأولاد هي الوحيدة التي تأخذ الأنثى أقل من الذكر، أما في حالات أخرى فتكون القسمة بالتساوي بين الرجل والمرأة، وفي حالات أخرى يمكن أن تأخذ المرأة أكثر من الرجل وفي حالات أخرى تأخذ المرأة ولا يأخذ الرجل، وبالتالي فإن الذين يجتزؤون حالة وحيدة من فرائض الميراث معتقدين أن فيها تنقيص وإهانة للمرأة إما مغرضين أو لا يفهمون في هذا الأمر، معتبرا أنه من الناحية المنطقية ينبغي أن نتكلم عن جميع حالات الميراث، بما فيها الحالة التي تأخذ فيها المرأة أكثر من الرجل هل ينبغي هنا أيضا الحديث عن المساواة والتنقيص من نصيب المرأة؟ يتساءل المتحدث. وفيما أكد مستور على أن هذه الأحكام الإلهية موافقة للإنسان عبر كل الأزمان والأمكنة، فإنه أشار إلى وجود تجاوزات في تطبيق أحكام الميراث من طرف كثير من الرجال الذين يستولون على نصيب أخواتهن أو بناتهن أو أمهاتهن،وهذا التصرف فيه مخالفة صريحة لشرع الله عز وجل والأحكام الإلاهية، مؤكدا على أن من يقترف هذا العمل آثم عمله، وقد حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله «منْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ.»، أخرجه ابن ماجة من حديث أنس، وهذا وعيد خطير لمن يعتدي على حقوق الآخرين في الإرث، فالله تعالى يقول (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14). واعتبر مستور أن من عوامل استمرار واستشراء هذا المشكل هو صمت المرأة عن حقها وعدم المطالبة بنصيبها، واستسلامها لأحكام العرف والتقاليد هو الذي كرس حالة هيمنة الرجال على النساء في قسمة الميراث، وهذا خطأ كبير من المرأة لأن فيه نوع من التشجيع على تعطيل حكم الله تبارك وتعالى، إذ المفروض عليها أن تطالب بالآداب وبما تقتضيه الأصول، وبالتالي فإنه ينبغي على الذين يدافعون عن حق المرأة التمييز بين حكم الله وبين تنزيله فإذا كان الخطأ في التنزيل، فالعطب في من يعطل حكم الله سبحانه وتعالى وليس في النص الشرعي السليم، أما الحديث عن تفضيل الله الرجل على المرأة فلا يجب أن تخطر ببال إنسان مؤمن صاحب عقيدة صحيحة مستقيمة وفق الحقائق العقدية التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه، وأما اللذين يطالبون بالمساواة فليكن المطلب المساواة في الأجور وفي مجموعة من الحقوق والواجبات التي قد لا تقبل النساء أن تتساوى فيها مع الرجال.