تدخلت قوات الأمن أول أمس الأربعاء بقوة أمام مقر البرلمان بالرباط لتفريق العشرات من المتظاهرين المحتجين للمطالبة بضمان الحق في العلاج، بحكم أن هناك إجراءات، في إطار المسار الذي يعرفه اتفاق التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية الذي أشرف على نهايته، قد تفرض المزيد من التضييقات على الأدوية المغربية، وللمطالبة بضرورة حماية الثقافة المغربية بكل مكوناتها بما في ذلك السينما والمسرح والإعلام، وتحصينها ضد الاكتساح الثقافي الأمريكي، وإطلاع المثقفين والفنانين على المراحل الأخيرة التي قطعتها مسيرة التفاوض بين المغرب وأمريكا في الموضوع، وتجاوز حالة السرية التي تطبعها. وكان تدخل قوات الأمن عنيفا أسفر عن إصابة بعض الفنانين إصابات متباينة، فضلا عن إصابة عبد الحميد أمين، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج. يضاف إلى هذا حالة الارتباك التي خلقها تدخل قوات الأمن بشارع محمد الخامس بالرباط. وناشد الائتلاف المغربي من أجل التعددية الثقافية ومثيله من أجل الحق في العلاج والوصول إلى الأدوية الوزير الأول إدريس جطو بفتح تحقيق في الموضوع، وتحديد كل من كان وراء قرار استفزاز وتعنيف ممثلي القطاعات الثقافية والفنية والإعلامية ومهنيي الصحة والجمعيات الحقوقية والعلمية وهيآت المجتمع المدني. واعتبر حسن نجمي، رئيس اتحاد كتاب المغرب أن مواجهة السلطة لوقفة ينظمها مثقفون وفنانون وصيادلة إهانة للمجتمع كله؛ ذلك أن الوقفة، يقول، هدفها الدعوة إلى حماية الهوية الثقافية والإنتاج الثقافي في إطار الحوار الدائر الآن بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، على غرار الاستثناء الثقافي الذي اعتمدته فرنسا في إطار علاقاتها الفكرية والثقافية مع أمريكا. وذكر نجمي أن الائتلاف المغربي من أجل التعددية الثقافية قام بالعديد من الخطوات واتصل بالعديد من نواب الأمة لتوضيح فكرته والأساس منها، كما اتصل ببعض الوزراء المعنيين بالثقافة المغربية كمحمد الأشعري وزير الثقافة، ونبيل بن عبد الله وزير الإعلام والاتصال، مؤكدا أن هذا السلوك الذي أقدم عليه الفنانون والمثقفون والأطباء لا يتعارض مع مصلحة الدولة ولا مع أفق الحوار مع أمريكا، بقدر ما هو موقف يدعم المفاوض المغربي، ليخلص إلى أن قوات الأمن قابلت سلوكا حضاريا من خلال وقفة سلمية بخطإ فادح يمس بصورة البلاد وبسمعتها في الداخل والخارج. ومن جانبه اعتبر البشير قمري، عضو اتحاد المغرب، الذي أدان تدخل السلطة، أن ما أقدمت عليه قوات الأمن في حق المحتجين سلميا بداية ارتداد في الديموقراطية المغربية، يصيب الفنانين والمثقفين الذين هم رئة المجتمع بالإحباط. يذكر أن الائتلاف المغربي من أجل التعددية الثقافية والائتلاف المغربي من أجل الحق في الولوج إلى العلاج والحصول على الأدوية يسعيان إلى وضع استراتيجية موحدة للدفاع عن الهوية الثقافية المغربية، وإلى الالتقاء بالمسؤولين لشرح مواقفهم وإبلاغ تخوفاتهم، كما يسعيان إلى ضمان عدم التأثير السلبي على مسار صناعة الأدوية بالمغرب، وضمان الحق في العلاج. عبد الرحمان الخالدي