بعد لقاءات آل "القذافي" المعلنة والسرية مع المسؤولين الإسرائيليين، وقبلها زيارات أكثر من مسؤول إسرائيلي للمغرب، ها هو سلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي يبشرنا بوجبة جديدة من المهرولين صوب تل أبيب من دول الخليج العربي وشمال أفريقيا، كما صرح أثناء وجوده في أثيوبيا قبل أيام. وقد نقل عن مصادر صحافية اسرائيلية أن الحديث يدور عن دبي وعُمان واليمن والجزائر، وأن الاتصالات لاتزال سرية لكنها تتم بتنسيق مع رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون. وقد علم لاحقاً أن تونس على وشك إقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية. من المؤكد أن خطوة الثورية الليبية نحو تل أبيب قد شجعت وستشجع آخرين على التقدم على ذات الدرب، سيما من أولئك الذين يؤمنون بأن مفاتيح العلاقة مع واشنطن لاتزال بيد الصهاينة، في ذات الوقت الذي يبدو فيه تقديرهم للموقف السياسي بعيداً عن الواقع، كونه يتحرك على ايقاع الخوف المبالغ فيه. من المؤكد أن أحداً من أولئك الذين هرولوا أو سيهرولون نحو تل أبيب لا يملك مبرراً مقنعاً لما فعل أو سيفعل، وإلا لتقدم نحو هدفه في وضح النهار بدل اختلاس اللقاءات المحرمة في الظلام وصولاً إلى تسريبات تتوالى فصولاً لتدفعه في النهاية نحو إعلان الفضيحة. من ناحية ابجديات الصراع فإن مجموعة شارون لا تقدم أي خطاب تصالحي، لا حيال العرب ولا حيال الفلسطينيين، فيما تستدعي جرائمها اليومية خطاباً قوياً في المواجهة وليس خطاباً باحثاً أو داعياً إلى المصالحة. على الجانب الآخر لا يبدو شارون رغم غطرسته وجرائمه في وضع مريح أو قوي حتى يهرول القوم نحوه، فهو مأزوم على مختلف الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية، الأمر الذي ينسحب على وضع الولاياتالمتحدة في ورطة العراق وأفغانستان. أما الأهم من ذلك فهو أن شارون لم يعد برسم الاستجداء أمريكياً كما كان من قبل، لأن واشنطن ليست في وضع يسمح لها بمجاملته وفق ذات المستوى السابق، سيما وهي تتخبط في وحل العراق. وهنا تبدو النقطة الأهم، إذ أن على من أراد التقدم خطوة باتجاه الولاياتالمتحدة، بما في ذلك صهاينتها، أن يقدم لها المساعدة للخروج من ورطتها في العراق، وليس إنشاء قنوات دبلوماسية مع شارون وحكومته. مؤسف هذا الذي يجري، وهو يدل على تراجع عربي خطير على المستويات الرسمية، والأسوأ أنه يدل على استخفاف من تلك المستويات بالقوى الشعبية وقدرتها على التصدي لهكذا مبادرات أو قفزات يرفضها الضمير العربي والاسلامي، كما تتعارض مع الالتزام بهموم الأمة وصراعها التاريخي مع الد أعدائها. ياسر الزعاترة- كاتب فلسطيني