يقول المثل الشعبي المغربي " مال باك طاح ..من الخيمة خرج مايل" هذا ما يبرر هذه الاستماتة المنقطعة النظير لمجموعة عريضة من المترشحين من أجل ممارسة الغش في امتحانات الباكالوريا باستعمال شتى الوسائل ، الهاتف النقال "التحراز".. ووصلت حد تعنيف المراقبين وتهديدهم إذا لم يتركوهم يمارسون وسيلتهم الواحدة والوحيدة في تجاوز عقبة الباكالوريا ، لأنهم بكل بساطة هم ضحايا سياسة تعليمية تتحكم فيها مقتضيات الخريطة المدرسية ، إذ يتم تنقيلهم (أو تنجيحهم) من مستوى إلى مستوى بمعدلات متدنية ، قد تنحدر إلى 6 على 20 ، وهم يتأرجحون على هذه الحال حتى وصلوا إلى سلك الباكالوريا. لقد حكى لي أحد تلاميذ الباكالوريا بحسرة عندما دخلت معه في حوار حول أسباب عدم اهتمامه بالدراسة وعدم بذل أي مجهود قال لي بالحرف "راه حنا طالعين خاوين ..بدون أساس" ، إذن ماذا تنتظرون أيها المسؤولون من تلاميذ ضحية سياساتكم التعليمية العرجاء ؟ التي بنيت على التنجيح غير المستحق ، وضعتم تلاميذكم في منزلق خطير لم يعد لهم من حل إلا ممارسة الغش بطرق " ذكية", وقد وصلت بهم الحال إلى حد إقدام عدد من التلاميذ على الانتحار لأنهم لم يجدوا ما يكتبون ، ولم يعد لهم من ملاذ إلا استعمال الوسائل الإلكترونية ..فهل تعون يا أصحاب زمام الأمور كيف ان تلميذا اختار الموت وان يضع حدا لوجوده في الدينا مقابل عدم حصوله على حظه من المسار الدراسي الذي رسمتم طريقه بشكل جميل بل هو طريق مزيف حتى وصل إلى منعرجات لم يستطع التغول فيها واستيقظ من أحلام اوهمته منذ سنوات بأن الحياة ليس فيها إلا النجاح . هي معركة حامية الوطيس يخوضها هؤلاء الضحايا من أجل الحصول على شهادة الباكالوريا، و مع من ؟؟مع مدرسيهم ، للأسف الشديد.. ، هؤلاء المدرسون الذين يوضعون في واجهة المعركة ، ويقومون بالمواجهة نيابة عن أصحاب القرارات الجوفاء بدون تعويضات ، التي بنيت على استراتيجيات غير مجدية لم تزد المنظومة التربوية إلا تفاقما وتازما. إن هذا التلميذ الذي اوصلته هذه السياسة التعليمة الفاشلة إلى التعليم الثانوي التأهيلي ، فإن اول ما ستدهسه هي صخرة الامتحان الجهوي الذي تحول إلى "بعبع" يهدد التلاميذ ويشل حركتهم خصوصا في التخصص العلمي "علوم الحياة والأرض " وتخصص العلوم الإنسانية..حيث أن أدنى نسبة نجاح في امتحانات الباكالوريا تشهدها شعبة "علوم الحياة والأرض" وهي أقل بكثير من 20% ووصلت بإحدى جهات المملكة 13 % في الموسم الماضي ، لكن بالمقابل تكون نسبة النجاح مرتفعة في تخصصات أخرى ك " العلوم الفيزيائية" و"العلوم الرياضية" .. .يعني هذا أن إجراء تفريع المسالك هو قرار نخبوي أدى إلى تركز مستويات جيدة بتخصص العلوم الفيزيائية ، والعكس بتخصص علوم الحياة والأرض..هذا الأخير الذي تلتقي فيه اغلبية ساحقة لتلاميذ غير مهتمين بسبب ضعف المستوى والتدني الفظيع في معدل الامتحان الجهوي. من نافل القول أن السنوات الثلاث الأخيرة على ما اعتقد شهدت مجهوذات ملموسة للتقليل من ظاهرة الغش، لا يمكن للمرء إلا أن يثمنها ، انعكست على الواقع بشكل ملحوظ ، لكن السؤال المحرق "من صنع ظاهرة الغش ؟" أليست السياسة "التنجيحية " التي نهجتها الوزارة منذ سنوات ؟ ، أليست هذه السياسة هي من فاقمت هذه الظاهرة.. ونقولها صراحة "إن تعليمنا يحصد ما زرع ..". ليست هناك إرادة حقيقية للإصلاح ، وهنا هوة سحيقة بين ما ينظر له المختصون في علوم التربية وما تنجزه السياسة التعليمية على الأرض ..وهذا الواقع دفع العديد من المدرسين إلى التقاعد النسبي فمنهم من استفاد ومنهم من ينتظر.. لا نيأس، سننتظر نتائج المشاورات الأخيرة وتنزيلها على الواقع التعليمي ونتمنى أن تكون بردا وسلاما على المنظومة التعليمية التي احترقت بإصلاحات غير مجدية.