دعا زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية عباسي مدني الشعب الجزائري كافة "مدنيين وعسكريين ومجموعات منظمة أو غير منظمة أو مؤسساتية أو غير مؤسساتية" إلى إيقاف القتال وسائر أنواع العنف بما فيه عنف السلطة ليلة عيد الأضحى المبارك لسنة 1424ه، ودعا إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية باعتبار أن "الظروف الحالية غير الصالحة" للمواطن والدولة، وحث على انتخاب مجلس تأسيسي سيد من أجل صياغة دستور "الجمهورية الجزائريةالجديدة". جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عباسي مدني عن انطلاق المبادرة الشعبية الوطنية وموقعها على الإنترنت (www.moubadara.net ) بفندق شيرتون في العاصمة القطرية الدوحة صباح أمس الخميس. أكد عباسي مدني في بداية المؤتمر أن البيان الذي ستنطلق منه المباردة هو "بيان السلام والدعوة إلى إنهاء المحنة التي تعيشها الجزائر.. وتأسيس انطلاقة جديدة". ويتطرق البيان الذي أعلن بدء المبادرة الشعبية الوطنية إلى ثلاثة عناصر أساسية للخروج من الأزمة: إنهاء المحنة، حل الأزمة السياسية ثم ما بعد حل الأزمة (انظر نص البيان). وقال إن حل الأزمة يبدأ بتوفير سائر الحقوق للجزائري خاصة الحق في البقاء ذلك أن "الجزائري اصبح مهددا بالموت في كل لحظة وفي كل مكان وكل شبر من الوطن، وكذلك غير الجزائري غير المحمي من طرف السلطة"، منبها إلى أن الأزمة الجزائرية "في جوهرها سياسية ولابد لها من حل سياسي". وأضاف مدني أن هناك متضررين كثيرين من المحنة سواء في داخل البلد أو خارجه، فهناك مواطنون في حالة موت... وهناك مغتربون هاربون من الموت ... ولإنهاء الأزمة لابد من توفير شروط البقاء ليعودوا إلى بلدهم". ودعا زعيم الجبهة المحظورة "كل جزائري وجزائرية أو كل من يوجد على أرض الجزائر أن يمتثل لدعوة الشعب الجزائري، فهذه ليس دعوة عباسي بل هي دعوة وحاجة لكل جزائري بمن فيهم من في السلطة"، مشددا على أنه لابد للشعب الجزائري أن يقف "موقفه التاريخي". وحث على نبد كل أنواع العنف ومن ذلك عنف السلطة، وعلى "إصدار عفو عام يشمل المعتقلين والمتابعين ورفع حالة الطوارئ". وأشار في هذا الصدد إلى أنه بعد المؤتمر مباشرة سيتم رفع لائحة إلى كل المنظمات الدولية للدفاع عن علي بلحاج الذي " يتعرض لمتابعات يومية من طرف الشرطة حتى في أبسط حاجاته اليومية". وشدد عباسي مدني على أن "النظام في الجزائر وصل إلى حالة من الضعف لا توجد في أي بلد من العالم" وأنه لا يوجد في الجزائر صاحب قرار يمكن الرجوع إليه، مشيرا إلى نظام بلاده دخل متهاة من العبثية والقهر والعنف، وأن "الأزمة سياسية ولا تحل إلا بحل سياسي". ودعا إلى تأجيل الانتخابت الرئاسية والبرلمانية لأن "الظروف الحالية غير صالحة ليتنخب المواطن" لأنه "لا يتمتع بحقوقه ومنها حرية التعبير وحرية الانتخاب الذي هو بيعة. فإذا كان الانتخاب كذلك فكيف سيختار من يقوده؟ فلا بيعة لمكره" مؤكدا أن الناس يذهبون للانتخاب خوفا لا اختيارا، وأشار إلى أن نصف الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر وأن المنتَخبين يترشحون كأنهم في دولة من "الروبوات التي لا تطعم ولا تتنفس ولا تتداوى.." وأنهم يكرسون الوضع القائم من خلال الانتخابات. وقال زعيم الجبهة إن الجزائر تنتظر "إما الصوملة إما الحل لا ثالث لهما" ذلك أن "العملية التغييرية في النظم السياسية لا تخلو من حالتين، إذا كانت الأعراض جزئية في النظام السياسي يمكن ضبطها و تغييرها بعملية بسيطة" متسائلا "فكيف هو النظام الجزائري حاليا؟ عندما نطالب بإصلاحه، إصلاح ماذا؟ النظام كله فاسد ومؤسساته كحلها فاسدة" وأكد أن "الحل يكون حتميا كليا... وفي مستوى ما يواجه البلد من تحديات وما ينظره من آمال" وحث على قيام "الجمهورية الجزائريةالجديدة" على أساس الأخلاق والتعددية الحزبية وتدوال السلطة والفصل بين السلطات واحترام حقوق الإنسان. وفي هذا الإطار شدد على أن نجاح هذه المبادرة مرهون بتوفيق الله عز وجل ثم بالشعب الجزائري الذي حرر أرضه من الاستعمار في وقت كان يقال له إنه لن يستطيع إخراج المستعمر، مذكرا بحدثي 11 سبتمبر 1962 و 1985 حيث "انتصرت إدارة الشعب". و أشار إلى أن "المبادرة شعبية وليست حزبية لأن الإشكالية التي تعيشها الجزائر تتجاوز حجم الحزب. والحزبية لم تعد لها أي طاقة في أي مكان لتتحمل المسؤولية وحدها. قل لي أي حزب في أي مكان يستطيع أن يحل أزمة شعب لوحده سواء كانت الجبهة الإسلامية أوغيرها" مؤكدا أن الجبهة الإسلامية ستتجاوب مع المبادرة بدرجة كبيرة. وفي جوابه عن مدى استجابة الجيش لهذه الدعوة، قال إن "الجيش دستوريا يعرف بالجيش الشعبي الوطني وهكذا ينبغي أن يكون"، وإن الجيش حاليا يركز على إيقاف النزيف الدموي مشيرا إلى أن هناك عسكريين لا يعارضون حل الأزمة وأن رئيس أركان الجيش نفسه صرح أنه لن يتدخل في الأمور السياسية، منبها إلى "أن القرار السياسي للسياسي وليس للعسكري". ونفي مدني أن تكون المبادرة قدمت لأي دولة أو جهة أجنبية وقال "إن هذا شأن جزائري محض" وإن أوروبا والغرب عموما لن يكونوا ضد استقرار الجزائر "ولو كان ذلك فالاستعمار كان ضد الاستقلال" لكن الشعب الجزائري فرضه عليهم. وعن سبب الإسراع في تطبيق المبادرة ليلة عيد الأضحى ومدى اطلاع الشعب الجزائري عليها، قال إن الفضائيات والإنترنت قربت كل شيء وكذلك "حتى لا يتدخل الماكرون لإفساد المبادرة". ولدى سؤاله "إذا لم تستجب السلطة للمبادرة"، أجاب أن "الشعب الجزائري سيقف موفق الشعب الجورجي" وأنه "سيقف الموقف المدني الذي يغير الوضع الحالي ولن أقول العصيان المدني، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". الدوحة – عبد الحكيم أحمين