كان شابا هادئا، بلحية قصيرة، يطوف بعربته المتحركة أرجاء حي "القبيبات" بالرباط، التي ينبعث منها صوت أحد المقرئين المشارقة المشهورين بصوته الشجي. خالد شاب تخطّى الثلاثين من عمره، لم يجد فرصة عمل رغم حصوله على شهادة جامعية منذ سنوات خلت، فقرر بيع المصاحف، والأشرطة الدينية، وبعض الكتيبات التي تلقى إقبالاً منقطع النظير من مختلف شرائح المجتمع المغربي، بحلول شهر رمضان. "مع اقتراب رمضان أقوم بشراء بعض كتيبات الأدعية، و مصاحف قرآنية من الحجم الصغير، وأشرطة قرآنية بغرض بيعها في هذا الشهر"، يقول الشاب رشيد، مضيفا أن هذه المقتنيات تلقى إقبالا من طرف المواطنين خلال شهر الصيام، مقارنة مع باقي أشهر السنة بسبب رغبة الناس في التفقه في دينهم، وتحصيل الأجر والثواب خلال شهر القرآن. بيع كتب دينية، سجاجيد الصلاة، وغيرها من المستلزمات الدينية لايقتصر فقط على الباعة المتجولين بالشوارع، بل يشمل أيضا أصحاب المحلات التجارية، حيث ما إن يقترب الشهر الفضيل، حتى تغزو أشرطة بعض المقرئين المغاربة، والمشارقة، الأسواق العمومية، وأرصفة الشوارع، و أبواب المساجد، مضفية بذلك أجواء روحانية على الشهر الكريم. " بطبيعة الحال، الناس في رمضان كتبغي شوية ديال الذكر والتفقه في الدين"، يقول، أحمد، صاحب محل لبيع المنتجات الدينية، بسوق "البويبة" بالرباط، مشيرا إلى أن ما يميز هذه المهنة، مقارنة مع نظيرتها من المهن الموسمية الأخرى، أنها لاتتطلب مجهودا لإقناع الزبون باقتناء مصحف أو شريط ديني، لأنه مقتنع بها ويعلم أنه مهما ارتفع سعر اقتنائها لايوازي قيمتها الدينية والروحية. أما بخصوص مدى إقبال المواطنين على اقتناء المستلزمات الدينية في شهر رمضان، فيؤكد أحمد، أن الإقبال في هذه الفترة يكون بصفة غير مسبوقة مقارنة مع باقي الفترات، كما أن أثمنة الكتيبات والأشرطة الدينية تبقى قارة بل هناك من الباعة من يخفضون أثمانها ليحفز المواطنين على اقتنائها. ويؤكد هؤلاء الباعة أن مهنة بيع المستلزمات الدينية في شهر رمضان، لايعدو أن يكون إسهاما منهم في ترشيد التدين، وتشجيع الناس على التفقه في الدين خلال هذا الشهر المعظم، ولا يحكمها أبدا منطق الربح ، خصوصا وأن أثمنة ما يتم عرضه لايتجاوز في أغلب الأحيان 40 درهما لكتب فقه الصيام مثلا، أو 30 درهما لسجاجيد الصلاة، و 10 دراهم لكتيبات الأدعية. " إلا جيتي تشوف راه مكاينش شي ربح نيت، المهم كتديي درهمين في كل حاجة أصافي"، يقول، أحد باعة المصاحف والأشرطة الدينية، مضيفا أن المواقع الالكترونية، والقنوات الدينية الموضوعاتية، التي تنشط خلال شهر رمضان، باتت تشكل قبلة للمواطنين، ومنافسا لباعة المستلزمات الدينية، لكن رغم ذلك فبيعها يضفي أجواء روحانية على الشهر الفضيل.