خلف إغلاق معمل فلين المغرب، الذي يوجد بحي تابريكت بمدينة سلا ويمارس نشاطه منذ سنة ,1938 ارتياحا كبيرا في أوساط ساكنة المدينة، خاصة سكان الحي المذكور، مسجلا بذلك نهاية لكابوس استمر لمدة طويلة. وتجدر الإشارة إلى أن سكان حي تابريكت الذين كانوا يعتبرون فلين المغرب مصدرا رئيسيا لانتشار عدد من الأمراض بالمدينة، خاصة أمراض السل والربو وصداع الرأس الشقيقة، استعملوا منذ حوالي ثلاثة عقود كافة الوسائل المشروعة الضرورية من أجل استصدار قرار بإغلاق هذه الوحدة الصناعية أو نقلها إلى مكان بعيد يجنبهم وأبناءهم الانعكاسات السلبية لما تفرزه من مواد مضرة بالصحة والبيئة. وقد عمد سكان الحي المذكور في هذا الإطار إلى اتخاذ مبادرات بهدف تحسيس السلطات المحلية والوزارات المعنية، ورفعوا دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بالمدينة، كما شكلوا لجنة محلية أطلق عليها إسم لجنة التنسيق والتضامن من أجل إغلاق فلين المغرب، ضمت أزيد من ثلاثين جمعية وهيئة سياسية ونقابية. واستهدفت اللجنة بالخصوص عقب تشكيلها عرض الموضوع من جديد على أنظار الجهات المسؤولة، وتحسيس الرأي العام الوطني والمحلي بالخطورة التي يمثلها المصنع، والقيام بمجموعة من المبادارت الرامية إلى وضع حد لنشاط فلين المغرب. وقد واصل السكان جهودهم بالرغم من كون عدد كبير منهم اعتقدوا مع مرور الوقت أن إغلاق الوحدة المذكورة يدخل في باب المستحيلات، خاصة بعد أن لاحظوا تعذر تطبيق قرار صادر عن المجلس البلدي لمدينة سلا سنة 1977 في هذا الاتجاه. ويرى رئيس مجلس بلدية سلا، السيد إدريس السنتيسي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بهذا الخصوص أن الانعكاسات السلبية للمعمل كانت على الدوام حاضرة، وذلك من خلال الانبعاثات السامة التي كانت تفرزها هذه الوحدة وتلحق أضرارا بالغة بالبيئة وصحة السكان. وأشار السنتيسي إلى أن الجهات المعنية بذلت منذ سنوات جهودا كبيرة بغية التوصل إلى حل يلائم الجميع، مذكرا بأن قضية فلين المغرب أثيرت أكثر من مرة داخل قبة البرلمان، كما عقدت عدة لقاءات مع الأطراف المعنية بالموضوع. وأضاف أن هذه الجهود توجت بإغلاق هذا المعمل، الذي تفوق مساحته ثلاث هكتارات، من دون ممارسة أية ضغوط على صاحبه، الذي اقتنع في نهاية المطاف بعدم جدوى استمرار تواجد الوحدة وسط حي آهل بالسكان، موضحا أن هذا الأخير فضل بيع المعمل لتقام مكانه مجموعة سكنية، والاستثمار بالتالي بمناطق بعيدة عن السكان. وكانت دراسة أعدها المختبر العمومي للتجارب والدراسات حول الدخان المنبعث من مصنع فلين المغرب قبل سنوات قد كشفت أن هذا الدخان يحتوي على مواد عالقة ملوثة تفوق بنسبة عالية المعايير المتعارف عليها دوليا، وأن ما يفرزه المصنع، خاصة الدخان الأسود الذي ينتشر في جل أجواء مدينة سلا من مواد عضوية يساهم بشكل كبير في تلويث المدينة . وأكدت الدراسة، التي أنجزت بطلب من إدارة المعمل أن مختلف الأنظمة الخاصة بالتخفيف من حدة تلوث الهواء، التي وضعت على مختلف ورشات المعمل تعد أنظمة عتيقة ولا تؤدي دورها كاملا، مضيفة أن علو المدخنة الرئيسية للمصنع لا يستجيب للمواصفات القانونية (تسعة أمتار)، مما يلحق أضرارا بجودة الهواء على مستوى حي تابريكت بالخصوص، ويساهم بالتالي في تأجيج الوضع البيئي بالمدينة ككل. و م ع