بعد المصادقة على مشروع قانون مدونة المحاكم المالية هل سيؤسس المغرب لقطيعة مع الفساد المالي والعبث بالمال العام؟ صادق مجلس النواب يوم الثلاثاء 12 مارس 2002 بالإجماع على مشروع قانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم التجارية. ويهدف هذا المشروع إلى وضع منظور شمولي ومحكم للرقابة العليا على الأموال العمومية من خلال تحديد اختصاصات وتنظيم وطريقة العمل لتسيير كل من المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات بالإضافة إلى تحديد النظام الأساسي الخاص بقضاة المحاكم المالية، وكذا إحداث مجلس قضاء المحاكم الذي سيسهر على تطبيق هذا النظام. وفي ما يتعلق باختصاصات المحاكم المالية ميز المشروع (بين اختصاصات قضائية وتتمثل في البث في الحسابات التي يقدمها المحاسبون العموميون بالإضافة إلى قضايا التأديب المرتبط بالميزانية والشؤون المالية، واختصاصات إدارية ويمكن أن نجملها أساسا في مراقبة عملية التسيير التي يباشرها كل من المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات من خلال تقييم مدى تحقيق الأهداف مراقبة مشروعية وصدق العمليات المنجزة. وبخصوص اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات فإن المشروع قد حددها في بالإضافة إلى الاختصاصات المشتركة للمحاكم المالية بذل المساعدة للبرلمان والحكومة بشأن تنفيذ قانون المالية وتقيم المشاريع العمومية وكذا مراقبة استعمال الأموال التي يتم جمعها عن طريق الدعوة إلى التبرعات العمومية يضاف إلى ذلك تحديد إجراءات وضع التقارير الخاصة وإعداد التقرير السنوي من طرف لجنة البرامج والتقارير والمصادقة عليه. أما اختصاصات المجالس الجهوية فتكمن زيادة على نفس الاختصاصات التي يقوم بها المجلس الأعلى للحسابات على الصعيد المحلي في المراقبة المباشرة للجماعات المحلية وهيئتها والمقاولات ذات الامتياز والمقاولات التي تدير مرفقا عموميا والمقاولات التي تملك رأسمالها الجماعات المحلية وكذا مراقبة بعض الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية. وتتجلى أهمية المشروع كما أبرزت ذلك الرسالة الملكية التي وجهها العاهل المغربي محمد السادس إلى المشاركين في الدورة السابعة للجمعية العامة للمجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة والتي انعقدت بالرباط خلال شهر أبريل من سنة 2001 في كونه >يشكل نقلة نوعية لنظام الرقابة ببلادنا وذلك من خلال اقتراح مفاهيم جديدة ضمن نظرة مستقبلية ذات بعد شمولي لآليات المراقبة، من شأنها أن تجعل من مختلف مكونات المنظومة الرقابية الوطنية، وحدة متكاملة ومتناسقة تتكون من محاكم مالية متمثلة في المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات ومن هيئات للتفتيش والمراقبة الداخلية، وكل هذه الهيئات تمارس مهامها بشكل يمكن المجلس الأعلى للحسابات من تتبع وتقييم عمل هيئات التفتيش والمراقبة الداخلية وتوظيف نتائج أعمالها في ممارسة مختلف اختصاصاته بوصفه الجهاز الأعلى للرقابة<. وانسجاما مع توجهه الرامي إلى المساهمة في تحسين أداء المؤسسات العمومية وإحكام المراقبة على ماليتها ساهم فريق العدالة والتنمية بدوره في بلورة مدونة المحاكم التجارية من خلال اقتراحه لمجموعة من التعديلات فاقت 30 تعديلا قبلت منها الحكومة حوالي 10 مقترح تعديل. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع بمجرد دخوله حيز التنفيذ سينسخ القانون رقم 12.79 المتعلق بالمجلس الأعلى للحسابات والقانون رقم 28.80. شأن النظام الأساسي لقضاة المجلس الأعلى للحسابات مع مراعاة مقتضيات المادتين 243 و247 من هذا المشروع. فهل سيتم أجرأة مضامين مدونة المحاكم المالية بشكل يضمن حفظ المال العام من العبث والضياع ويعاقب أباطرة الفساد المالي مثملا هو الأمر بالنسبة للقرض الفلاحي والقرض العقاري والسياح أم أن الأمر لا يعدو أن يكون إضافة قانون إلى قوانين أخرى ظلت حبيسة الرفوف والمكتبات؟ محمد الشفشاوني