شددت المداخلات، التي شهدها اليوم الأول من أشغال منتدى الجزيرة الثامن على ضرورة تبني لغة الحوار الجاد والمتواصل للبحث عن صيغة توافقية تساهم بعقلانية في إيجاد تسوية لمختلف بؤر التوتر المتفجرة في الوطن العربي وذلك تلبية لتطلعات الشعوب التواقة للأمن و الحرية و الديموقراطية . و أكد رئيس الحكومة التونسية السابق علي العريض، على أهمية إدارة المرحلة الانتقالية في بلدان الربيع العربي على أسس من الحوار والبحث عن التوافقات وبلورة رؤية مشتركة بين جميع الأطراف السياسية، والابتعاد عن لغة الصراع والاستقطاب الأيديولوجي، وعدم تعريض الوحدة الوطنية للخطر. واستعرض العريض ، خمسة تحديات ، يرى أنها تعترض الثورات العربية، ويتعلق الأمر بالتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية وتحقيق العدالة الانتقالية، وتدبير العلاقة مع الأطراف الدولية. وشدد العريض في مداخلته على أهمية المدخل الاقتصادي والتنموي في الاستجابة إلى تطلعات الشعوب، محذرا من مغبة التدخل الأجنبي وتداعياته السلبية على مسار التجربة الديمقراطية الناشئة، معتبرا أن "التدخل الأجنبي جزء من المشكلة وليس الحل، وخروجه أعقد من الإغراءات التي يقدمها في البداية". ومن جانبه أكد بولنت أرانج ،نائب رئيس الوزراء التركي ، على أهمية الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وتكريس رسالة السلام والابتعاد عن الحروب والصراع في حل المشكلات، معتبرا بدوره أن البعد الاقتصادي يكتسي أهمية كبيرة في مسار التحولات. ولاحظ بولنت أن المنطقة العربية تشهد تغيرات وتحولات كثيرة، مبرزا انه رغم التحديات التي تعرقل التغيير "فإن روحه لا تزال حية"، معتبرا أن السؤال الجوهري المطروح حاليا في المنطقة يتعلق ب"قضية الوحدة والتكامل". من جهته ، أبدى الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني مساعد وزير الخارجية القطري لشؤون التعاون الدولي ، اختلافه مع عنوان منتدى الجزيرة "الصراع والتغيير في العالم العربي" ، موضحا أن قطر "أسست رؤيتها في علاقاتها الإقليمية والدولية على بعث روح الأمل بين الشعوب، وتشجيع أطراف أي نزاع على الحوار لبلوغ رؤى مشتركة تمكن الجميع من العيش بسلام". وأضاف المسؤول القطري أن بلاده التزمت منذ سنوات بدور الوساطة الإيجابية وفتحت أبوابها لكل الفرقاء، مشددا على أن قطر "لم تؤمن يوما بالحرب طريقا لمعالجة المشكلات، وتفضل الحلول السلمية وطاولة الحوار". وشهد اليوم الأول من المنتدى عقد جلسات نقاشية سلطت الضوء على مواضيع تتعلق ب" مسار حركة التغيير في العالم العربي"، و"موقع الشباب في التغيير"، و"دور الإعلام في لحظة الأزمات"، فضلا عن استعراض "التجربة التركية في التغيير وتأثيراتها على المنطقة"، وسيناقش اليوم الثاني قضية العقبات الداخلية والخارجية في طريق التحول الديمقراطي، ويتطرق اليوم الأخير إلى مستقبل هذا التحول . وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران ، يشارك في أشغال النسخة التاسعة (لمنتدى الجزيرة) التي تعقد في الفترة من 4 إلى 6 مايو 2015 تحت عنوان "الصراع والتغيير في العالم العربي"، حيث من المنتظر أن يلقي أمام نخبة من صناع القرار والأكاديميين والسياسيين والكتاب والإعلاميين من بلدان عدة ، المشاركين في المنتدى ،عرضا يركز فيه على خصوصية التجربة المغربية في سياق الربيع العربي. ويأتي (منتدى الجزيرة) في نسخة التاسعة كامتداد للمنتديات السابقة والتي نظمتها شبكة الجزيرة الإعلامية، وتناولت من خلالها قضايا سياسية وإعلامية مهمة وبمشاركة واسعة من القادة السياسيين والمفكرين والإعلاميين والناشطين من مختلف أنحاء العالم.