سن الأربعين سن النضج كما يقال؛ النضج المصاحب للاتزان والاستقرار في الرأي والثبات في الموقف، والتريث قبل اتخاذ القرار، ومراعاة أبعاده بحكمة وتبصر... الموضوع الذي نحن بصدده الآن يتعلق بما تأكد أخيرا من أن مجموعة جديدة من الزملاء الصحفيين العاملين بالإذاعة والتلفزة المغربية والقناة المغربية الثانية يعدون الرحال للسفر من أجل العمل بقنوات فضائية بالخارج سعيا نحو مستوى مهني ومردودية مادية أفضل. وطرح الموضوع باعتباره خبرا يستحق الوقوف عنده، ليس من باب الاستغراب فالهجرة/وحرية التنقل من حقوق الإنسان، وليس من باب الاستنكار فمن حق أي إنسان البحث عن سبل تحسين وضعه المادي والاعتباري؛ وإنما يستمد الموضوع أهميته من باب سؤال مشروع وسبق طرحه عندما "نزحت" مجموعة كاملة من الصحفيين سنة 8991 نحو قنوات فضائية خليجية؛ هذا السؤال كالتالي: >هل الوضعية الحالية لإعلامنا السمعي البصري من حيث مكانته وقدرته التنافسية تستقيم، مع استمرار هذا النزيف؟ وبعبارة أخرى: >لو كانت ظروف العمل أفضل مما هي عليه حاليا، وكانت الرواتب محترمة والمحفزات عادلة، هل ستكون هجرة الأطر الصحفية بهذه الحدة والكثرة؟ وهناك مثال بسيط يبين حدة هذا الواقع المر بالنسبة لهذه الأطر، فما يتلقاه الصحفي من راتب بالقناة الأولى لا يتجاوز في أحسن الأحوال سبعة آلاف درهم (إذا كان مصنفا في السلم الحادي عشر طبعا، لأنه مازال يعتبر خاضعا للوظيفة العمومية وهذه من المفارقات العجيبة..) أما الأغلبية فلا يتجاوز راتبها أربعة آلاف وخمس مائة درهم (لأنها مصنفة في السلم العاشر) وبالقناة الثانية الأمر "أرقى" نسبيا حيث تتراوح الأجور بالنسبة للأطر الصحفية بين ثمانية آلاف درهم وخمسة عشر ألف درهم. أما إذا انتقلنا إلى العروض التي تتلقاها من القنوات الفضائية العربية الأطر الصحفية المغربية منذ البداية فتتراوح ما بين ثلاثة آلاف دولار وخمسة آلاف دولار شهريا... إضافة إلى هذا البون الشاسع في تقدير العطاء الإعلامي للأطر الصحفية المغربية، هناك المعاناة الخاصة والغبن الذي تشعر به هذه الأطر في المعاملة بالتمييز، بينهما وبين بعض المحظوظين "المتعاونين" أو "المتعاقدين" معهم سواء أفرادا أو عبر شركات إنتاج، فيما يخص حجم العمولات التي تدفع إلى هؤلاء مقابل برامج بسيطة وعادية. حسب آخر الأخبار الواردة من أوساط الصحفيين بالمؤسستين فإن الهجرة الجديدة تهم الصحفيين: عمر المخفي من القناة الثانية. زهير الداودي من القناة الثانية أنس بنصالح من القناة الثانية محمد اتميمي من القناة الأولى علي خلا الإذاعة الوطنية محمد العباسي القناة الأولى وهذه المجموعة ستتوجه إلى إيران للعمل في قناة صوت العالم الفضائية الإيرانية، وهناك كذلك: عبد الحي حلمي الذي توجه إلى الإمارات العربية المتحدة (دبي) للعمل مع قناة ام ب س نيوز. عبد الحق الذهبي نفس القناة. خديجة زروال راديو ام بي سي، ف ام دبي والصحفيون الثلاثة من القناة الأولى. وكانت الأنباء تحدثت عن اتصالات بين مسؤولين إعلاميين من الكويت مع عدد من الصحفيين من القناتين، في إطار الإعداد لإطلاق فضائية كويتية عالمية؛ كما أن قناة أبو ظبي قررت فتح مكتب إقليمي لها بالمغرب يغطي منطقة المغرب الكبير وغرب إفريقيا. وهي الآن تجري اتصالات مع صحافيين من نفس القطاع لتطعيم المكتب. يضاف إلى ذلك أن قناة إم بي سي التي انضافت إليها ام بي سي نيوز قررت توسيع حضورها بالمغرب، عبر إنشاء مكتب قائم الذات مكلف بمنطقة شمال غرب إفريقيا. ونفس الأمر بالنسبة لقناة الجزيرة، والقناتان تتوفران حاليا كما هو معلوم على مراسل (ام ب س) ومراسلة (الجزيرة) والإثنان صحفيان بالإذاعة الوطنية. بنعبد القادر الوكيلي