أصدر مثقفو الأمة وعلماؤها بياناً إلي الحكومات والشعوب والدعاة ومحبي العدل والسلام لمواجهة الهجمة الأمريكيةالجديدة علي العالم الإسلامي، ووقع علي البيان علماء ومثقفون من كافة بلدان العالم العربي والإسلامي، في بادرة إيجابية يتخذها هؤلاء العلماء والمثقفون تجاه قضايا أمتهم التي تمر بمرحلة خطيرة في علاقتها مع أعدائها المتربصين بها. واعتبر البيان مصلحة الأمة الإسلامية ووحدتها معياراً أساسياً ومنطلقاً جوهريا، في خطابه للحكومات والشعوب والدعاة، كما نبه البيان في خطابه للحكومات إلي أن التدخل الأمريكي لايهدف إلي تهديد الإرادة السياسية لدول المنطقة وإنما يهدد وجودها، ودعا الحكومات إلي العمل بالشريعة الإسلامية والالتزام بمرجعيتها، وأن أمن الحكومات لن يكون بالارتهان لأطراف خارجية، والانسياق لمتطلباتها، بل بالاعتماد على الشعوب بعد الله. وفي خطابه للعلماء دعا إلي إشاعة روح الاعتدال في الأمة والتوسط والتسامح، وفي خطابه للشعوب دعا إلي العودة إلي الله واليقين في نصره ووحدة الكلمة، ورأى البيان أن الهجمة الأمريكية هي حملة صليبية جديدة تفتح الباب لحقبة استعمارية جديدة، وأنها سوف تواجه بالجهاد والمقاومة المشروعة العادلة باعتبارها عدوانا على الأمة الإسلامية، وفي خطابه لمعارضي الحر ب ومحبي السلام دعا البيان إلي وقوفهم في وجه تيار العنف والإرهاب الذي يغذي الاندفاع إلي الحرب. وكان من بين أهم الأسماء الموقعة علي البيان سلمان العودة وعبد المجيد الزنداني والقرضاوي وطارق البشري وعبد الإله بنكيران وجعفر شيخ إدريس وأحمد الريسوني ومجدي أحمد حسين. وقبل التوجه الى الحكومات بتوصيات، والتذكير بواجب الشعوب والعلماء تصدرت البيان كلمة موجزة ومعبرة عن واقع العدوان، وموجهة لهمم الحكومات الإسلامية وشعوبها وعلمائها. وهي كالتالي: "بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (شتنبر) أصبح الإسلام وعالمه مستهدفا من قبل الإدارة الأمريكية والقوى الصهيونية، وأصبح واضعو استراتيجياتها يروجون لأنواع من الاستعمار الجديد، والهيمنة على عدد من البلدان الإسلامية، يعضدهم في ذلك الإعلام الموجَّه، والقوانين الجديدة، التي تسنها السلطات الأمريكية؛ لتسوغ لها ما تراه من استخدام القوة، وتجييش الجيوش، والحصار الاقتصادي والسياسي، ووصم من تشاء بالإرهاب أو دعم الإرهاب. إن ما يجري في أفغانستان وفلسطين، واستهداف العراق والسودان، والإشارة إلى تقسيم بعض البلدان المجاورة، وتهديدها، ما هو إلا بعض ما ظهر من خفايا الاستراتيجية الأمريكية ونواياها تجاه البلدان الإسلامية، وما الهجوم العنيف، الذي يشنه الإعلام الأمريكي هذه الأيام، ومن ورائه القوى الصهيونية والمسيحية اليمينية المتطرفة ضد الإسلام ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا فصل من فصول تلك الهجمة الشرسة، التي تقودها الإدارة الأمريكية وأعوانها ومن وراءها. إننا ونحن نكتب هذا الخطاب نعيش أحدث فصل في سياسة الإدارة الأمريكية، وهو السعي لتدمير العراق، وتهديد أمن المنطقة بأسرها، متذرعة بكل ذريعة ممكنة، ومحاولة تسخير الأممالمتحدة لتمرير ما تريده من قرارات، تسوغ لها ضرب العراق، واحتلاله، وتصريف أموره، واستغلال خيراته، لتكون الخطوة الأولى في مسلسل مشابه. ومع علمنا بحقيقة النظام العراقي وما جناه على شعبه وشعوب المنطقة، إلا أن هذا لا يسوِّغ لأمريكا حملتها الظالمة على العراق. إن إصرار الإدارة الأمريكية على استخدام القوة، والاعتداء على دول المنطقة، يعيد إلى الأذهان الحملات الصليبية وحقبة الاستعمار، حينما كانت الجيوش المستعمرة تعيث بصلف في آسيا وإفريقيا، تستذل الشعوب، وتستنزف الخيرات. وكما أن تلك العهود فتحت أبواباً من الجهاد والمقاومة العادلة، وانتهت بدحر قوى الشر الصليبية المعتدية المتجبرة، فكذلك كل بادرة عدوان على الأمة، أو استخفاف بها، سوف تفتح أبوابا من الجهاد والمقاومة الشرعية العادلة، التي ستنتهي بدحر قوى الشر الغازية من صليبية وصهيونية بإذن الله عز وجل. إن من دوافع الإدارة الأمريكية لضرب العراق، والعبث بأمن المنطقة العربية، تدمير هوية الأمة المسلمة، ونشر الثقافة الأمريكية في المنطقة، والسيطرة على ثرواتها، من بترول وغيره، والتغطية على فشلها في تحقيق أهدافها، التي أعلنتها في أفغانستان، وإشغال المنطقة بالمزيد من التوتر والقلاقل، والحيلولة دون التنمية، وحماية أمن "إسرائيل"، وضمان تفوقها على دول المنطقة، والقضاء على الانتفاضة المباركة، التي أقلقت أمن "إسرائيل"، وضربت اقتصادها. إن على الحكومات والشعوب أن تستشعر الخطر الداهم، الذي يهددها، وأن تستعد نفسياً ومادياً لمواجهته، ولذا فإننا - معشر الموقعين على هذا البيان - لا يسعنا أمام هذه الهجمة الشرسة إلا أن نتقدم بهذا النداء الصريح، الذي يدفعنا إليه الصدق والإخلاص والنصح للأمة". خديجة دحمني