أثناء مناقشة التصريح الحكومي عام 1995 تدخل السيد فتح الله ولعلو وكان يومها رئيس الفريق الاتحادي بالبرلمان. الكلمة التي ألقاها الرجل تصلح لتقييم التصريح الحكومي الأخير رغم أن ولعلو لا يزال وزيرا فيها. وهذا نص كلمته: >ورغم أن ولادة الحكومة كانت عسيرة فإن الرأي العام لم يعرها أي اهتمام ولم يعتبرها قط حدثا يذكر. لكن بعد ظهور مكوناتها اتضح أن الأمر يعتبر حدثا سلبيا بسبب التشويه الذي حصل والذي مس صورة الحكومة لدى الجميع، لدى الرأي العام الوطني والدولي، لدى الأطر المقتدرة داخل الإدارة) وهي كثيرة (لدى الفاعلين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لقد تجاهل الرأي العام عملية تكوين الحكومة، وبعد تكوينها انتشر داخله شعور بالإحباط والتذمر. في حين أن البلاد تحتاج إلى تفاؤل وتعبئة وتتطلع إلى مزيد من الفعالية والأخلاق والاتزان والمصداقية ليرفع من معنوياتها، ولا نعتقد أن ما أضيف في الحكومة سيساهم في رفع المعنوية. الجميع يعرف أن التأخر الحاصل في تأسيس الحكومة لم يكن ناتجا عن نقاش حول البرامج والمشاريع. بل ناتج عن الصعوبات التي وجدتموها السيد الوزير الأول وأمامكم هذه المادة الأولية الفقيرة سياسيا كما وكيفا والمتمثلة في الأغلبية. التأخر ناتج عن تغلب منطق المقاعد على منطق المسؤولية كما يتجلى في هذا المشهد الحكومي وفي إحداث مناصب بدون مسؤولية أو بمسؤولية محدودة. لكن هناك شيء إيجابي في هذه الحكومة هو أن تأسيسها سيمكن من مزيد من توضيح الأمور بين توجه يسعى إلى تطوير البلاد ديمقراطيا وتوجه يصر على إقصائها من الانحراف في مسلسل التقدم والتحديث ومسايرة التحديات الكبرى للعالم. ونحن نتأمل المشهد الحكومي نرى أن هناك وجوها رحلت في حكومة قديمة على غرار الحكومات التي عرفتها البلاد منذ العديد من السنوات حكومات تركيب/ تقنوقراطي/ يميني تجمع بين أطر نشأت داخل جهاز إداري وأحزاب ولدت بمناسبة الانتخابات بإيعاز من نفس الجهاز. ولم نتمكن من تأسيس مشروع ذي مصداقية قادر على التعبير على توجه مجتمعي. هذا الصنف من الحكومة هو المسؤول على تحريف العملية الانتخابية واصطناع تنظيمات حزبية والنفخ المصطنع للفرق البرلمانية وتجسيد النموذج السياسي في إطار حال دون تمكين المؤسسة التقليدية بالقيام بدورها حول الوزير الأول الشيء الذي ساهم في اختلال المسؤوليات والتداخل بينها والحيلولة دون السماح للمؤسسة التشريعية بأن تكتسب المصداقية والمناعة الضرورية. هذا النمط الحكومي الذي يعاد إنتاجه اليوم هو المسؤول عن الأزمة التي تعرفها البلاد اقتصاديا واجتماعيا وماليا..<