هذا هو الملف الرابع في حصيلة حكومة التناوب الحالية. فبعد الحصيلة الثقافية والإعلامية، والحصيلة التشريعية. ،والحصيلة الاقتصادية، نقدم اليوم ما حققته هذه الحكومة في المجال الاجتماعي. وهو مجال وعدت فيه بالكثير، وقدمته على غيره، إلى درجة نعت نفسها بالحكومة الاجتماعية. بعد انتهاء ولايتها وجمع حقيبتها وإلقاء الوزير الأول لتصريحه الحكومي في مجلس النواب، حان وقت الحساب وتقديم النتائج. فهل البطالة انخفضت أم ارتفعت؟ وهل الحركات الاحتجاجية صعدت أم هبطت؟ وكيف تعاملت الحكومة مع المحتجين والمضربين، خاصة حاملي الشهادات ورجال التعليم؟ هل أعطت المثال في الحوار الاجتماعي أم قدمت دروسا في المناورات والمخالفات والمراوغات؟ أين هي مدونة الشغل وما مصيرها؟ وما حال السكن الاجتماعي؟ والفقراء المغاربة أهم في ازدياد أم وزعت عليهم حقوقهم وأموالهم وتجاوزوا عتبة الفقر؟ للأجوبة عن هذه الأسئلة وأسئلة أخرى ندعو القراء والمهتمين إلى متابعة هذا الملف. ويشتمل على موضوع تحليلي تتلوه مواقف الفرق البرلمانية، ثم تصريحات لفعاليات نقابية واقتصادية، وأخيرا حوار جامع مع جامع المعتصم ممثل الاتحاد الوطني للشغل بمجلس المستشارين، وخبير في هذا الملف. ويبقى الملف الأكبر لحصيلة الحكومة مفتوحا. مدونة الشغل ماتزال في رفوف البرلمان ...ووزارة المالية تجمد مشروع السكن الإجتماعي وضعت حكومة التناوب إثر اعتلائها منصب المسؤولية، أولويات وبرامج، توخت من خلالها تحقيق آمال المغاربة الذين كانوا ينتظرون هذه التجربة بفارغ الصبر ، وما تحمل لهم من مفاجآت ، فقدمت وعودا ركزت فيها على الجانب الاجتماعي، عبر أولوية التضامن الاجتماعي، والتوزيع العادل للثروات وتشغيل الشباب العاطل، ومحاربة الفقر، كما وعدت بتوفير أسباب التقدم والرفاه للطبقات العاملة، وتحقيق ظروف عيش أفضل في القرى من خلال الإصلاح القروي عن طريق تطبيق التنمية المستديمة وتفعيل استراتيجية التنمية الفلاحية ، وقدم الوزير الأول في رده على مناقشة التصريح الحكومي لسنة 8991 إحصائيات عن الواقع الاجتماعي، معلنا أن المغرب أمام خطر حقيقي، غير أن هذه الوعود سرعان ما تبخرت، فأخفقت حكومتنا في تدبير الملف الاجتماعي الذي يهم الطبقات الشعبية، التي ينخرجسمها الفقر ، وقد اخترنا من هذ الملف الثقيل ، بعض النقاط الأساسية فقط منها: محنة الشغل وأزمة التشغيل ومعضلة الفقر والبطالة. مدونة الشغل لازالت في قاعة الانتظار رغم وعود الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي بتفعيل اللجنة الثلاثية التي عهد لها بحسم النقط العالقة في مشروع مدونة الشغل، فإن المدونة لا زالت في أدراج البرلمان، رغم مرور ما يقرب من سنتين على إحالة المشروع على قبته، أي بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه يوم 20 أكتوبر2000، فتم تعليق مناقشة المدونة بعد توقف لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين عن دراسة المشروع في 29 مارس 2001، وتكمن نقاط الخلاف في تحديد التعويض عن الضرر في حالة الطرد التعسفي ومفهوم المرونة، و التعويض عن الفصل عن العمل، وكذا تحديد معايير المنظمة النقابية الأكثر تمثيلية ومفهوم «الخطأ الجسيم». فالنقابيون يعتبرون هذه المدونة ذات تشريعات تراجعية لكونها تقنن الطرد وتحد من الحريات النقابية خاصة حق الإضراب، إضافة إلى إجراءات أخرى تخدم مصلحة أرباب العمال، كخلق وكالات للتشغيل وعقد عمل محدود المدة بهدف ضرب استقرار العمال. وبينت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من جهتها أن مشروع مدونة الشغل يتضمن مقتضيات خطيرة منها: فرض مرونة الشغل والتشغيل في تسهيل تسريح العمال وإغلاق المعامل بأقل تكلفة وتهميش الحريات النقابية ودور الممثلين وتطويق حق الإضراب.كما أن فرض المرونة في القطاع الخاص عن طريق فرض التعاقد المحدد وتطبيق نفس الشيء في القطاع العام وهو الذي يؤدي إلى إضعاف طابع منصب الشغل المؤقت. جاءت المدونة إذن لهضم حقوق ومكتسبات العمال ولخنق النشاط النقابي وإخضاعه للبطرونا ولإضعافه داخل المؤسسات.بهذا تكون الحكومة المغربية قد نقضت عهودها، وتركت مدونة الشغل في قاعة الانتظار، وهي التي نادت لسنوات طويلة بحقوق الطبقة الكادحة، هذه الأخيرة التي رأت في الحكومة الأمل وإنصافها من الظلم والحيف الذي طالها، ويذكر أن مدونة الشغل جاءت تلبية لتوجيهات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. تصاعد وتيرة الاحتجاجات ولجن لم تراوح مكانها أدى غياب مدونة الشغل وتدهور ظروف العمل، وفشل الحكومة في تحقيق وعودها الاجتماعية، إلى رفع وتيرة الاحتجاج ببلادنا .وتتمثل مؤشرات العجز في تدبير الملف الاجتماعيفي ارتفاع حدة الاحتجاجات ارتفاعها منذ سنة 1997، وكانت قد عرفت انخفاضا ملحوظا في منتصف التسعينات، فقد وصل عدد الحركات الاحتجاجية إلى 418 و493 سنتي 1999 و2000 على التوالي وأدت النزاعات الاجتماعية إلى خيارات اقتصادية تمثلت في ضياع 249049 يوم عمل في سنة 2000، و47 414 و773963 على التوالي في سنتي 1999و2000. كما بين التقرير الوطني حول السياسة السكانية لسنة 2001 أن 177 مؤسسة أغلقت أبوابها، وهو ما نتج عنه تسريح 12413عامل وعاملة ، وقلصت 133 مؤسسة من عدد عمالها، وقد تضرر من هذا 18659 عاملا، وعمدت 160 مؤسسة إلى تخفيض ساعات العمل، وقد مس هذا الإجراء 8932 عامل وعاملة في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، بينما تم إحداث 1820 مؤسسة جديدة شغلت 18492 عاملا وعاملة جديدا، وفتحت 235 مؤسسة أبوابها بعد الإغلاق وأعادت تشغيل 9393 ووسعت 38 مؤسسة لنشاطها وشغلت 2116، أما في القطاع الفلاحي والغابوي فقلصت 65 مؤسسة من اليد العاملة بها من 1093 أجيرة وأجير إلى 947، بينما ارتفع عدد الأجيرات والأجراء في 53 مؤسسة من 515 إلى 749. ولعل أسباب هذه النزاعات والاحتجاجات الاجتماعية تعود بالدرجة الأولى إلى الأجور الهزيلة، والعطل غيرالمؤدى عنها، وكذا إلى الطرد الفردي والانتماء النقابي وعدم تسجيل صاحب المقاولة للعمال بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وانعدام التغطية الاجتماعية والصحية وغيرها من الأسباب، فرغم التزام الحكومة بتفعيل مختلف آليات الحوار والتفاوض الجماعي لفض نزاعات الشغل ورغم أنها شكلت عدة لجن لأجل ذلك، فإنها ظلت مشلولة الحركة وظل الخلاف حول اجتماع المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قائما، وكذلك حول التعاضديات ومنظمة هيئات الاحتياط الاجتماعي ومدونة الشغل لايزال قائما. وبهذا تكون التصاريح والاتفاقيات السابقة (غشت 96 واتفاق 19محرم 1421) مجرد مهدئ لإخماد حدة الإضرابات.وخيردليل على ذلك اتفاق 19 محرم الذي نص على التزام الحكومة على تسوية ملف «إيكوز» بمدينتي وادي زم وقصبة تادلة، من أجل استرجاع هذه المؤسسة إلى نشاطها الإنتاجي مباشرة بعد توقيع الاتفاق،وواقع الحال أن عمال إيكوز لا يزالون معتصمين بالمعمل بمدينة قصبة تادلة، بعدما تم تشريدهم، فأين التصريح الحكومي الأخير يوم فاتح غشت 2000 من هذه الأرقام وهو الذي يتبجح بكون الحكومة قامت بإرساء منهجية جديدة للتعامل مع مواضيع الحوار الإجتماعي، هذا الأخير الذي اتسم الهزالة والضعف المزمنين. السكن الاجتماعي وعراقيل وزارة المالية لقد نص اتفاق 19 محرم، على تمكين موظفي الدولة وأعوانها من ذوي الدخل المحدود، والراغبين في اقتناء سلف 150000درهم بدون فوائد في إطار السكن الاجتماعي، وإحياء وتفعيل اللجنة الثلاثية للسكن الاجتماعي وتعزيز الاستثمارات في قطاع السكن الاجتماعي، و الاستفادة من التشجيعات والإعفاءات الممنوحة لفائدة المنعشين العقاريين الذين يتعهدون بإنجاز برنامج السكن الاجتماعي في إطار تعاقدي مع الدولة، غير أنه ظهر تعقيد هذا الملف، بعد أن تم الاتفاق على تخصيص 2% من الميزانية العامة، وتوقيع 19 اتفاقية لمنح تشجيعات ضريبية للمنعشين العقاريين، ومنح أرباب الأعمال ل 3%، غير أن وزارة المالية جمدت المشروع على حد تعبيرالكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب السيد محمد بن جلون الأندلسي، حين رفضت إعفاء أرباب الأعمال من الضرائب المباشرة وغير المباشرة من مساهمتهم في السكن الاجتماعي. ولعل وزارة التشغيل تعتبر من بين المتضررين من السكن الاجتماعي ,فقد أعلن الكاتب العام للنقابة الوطنية لموظفي وأعوان قطاع التشغيل والتكوين المهني أن وزير المالية السيد فتح الله ولعلو يصر دائما على رفض مشروع هيكلة إدارة صناديق العمل وكذا القانون الأساسي لموظفيه وأنه ألغى رسميا قروض السكن التي كانت تخصص لموظفي وأعوان وزارة التشغيل وبدون مبرر يذكر!. تنامي معضلة البطالة في صفوف حاملي الشهادات اعتبر الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي في التصريح الحكومي لسنة 1998أن التشغيل يعتبرالهاجس الأول للحكومة، كما اعتبره من الأولويات، ووعد بتشغيل الشباب العاطل الذي عانى من التهميش وأصابه الإحباط واليأس، على حد تعبيره، ولقد تم تفصيل وعود الحكومة بالمخطط الخماسي (2000 2004) عبر اعتماد استراتيجية شمولية تتمحور حول تشجيع إحداث مقاولات جديدة، إلى جانب الحفاظ على التكيف مع سوق العمل والتحولات الاقتصادية والتكنولوجية ومعالجة المشاكل البنيوية للشغل بالقطاع الخاص والقطاع الجمعوي، وتنمية التشارك الجهوي من أجل التشغيل وتعبئة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين من أجل التشغيل،مع وضع الوسائل والآليات الضرورية لتنفيذ مضامين استراتيجية التشغيل بما فيها الآليات القادرة على الحد من الآثار السلبية للبيروقراطية على مبادرة الاستثمار وإنعاش الشغل، صحيح أن هذه الدعامات تم تسطيرها، غير أن كل المؤشرات تدل على أن الدعامات المسطرة لم تستطع الحكومة تدبيره، البطالة تزايدت وتيرتها في القرى بشكل ملحوظ حيث تم فقدان ما يقارب 135000 منصب في المناطق القروية (أي فقدان 54000 منصب على المستوى الوطني)، مقابل خلق 81000 منصب شغل في المناطق الحضرية، وكذا الشأن بالنسبة للبطالة بالمدن التي عرفت تزايدا مقارنة مع سنة 1997، فقد انتقلت من 16.9% لترتفع بعد ذلك إلى 21.5% سنة 2000، بينما شهدت البوادي ارتفاعا من 4.2 إلى 4.6%، ويمكن القول أن فئات الأعمار التي تعاني أكثر من البطالة هي فئات الشباب أقل من 43 سنة، وهذا ما أكده وزير التشغيل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية نفسه خلال مؤتمر صحفي بالرباط قبل انعقاد المنتدى العالمي حول الفقر الحضري بمراكش في أكتوبر من سنة 2001، أن بطالة المتخرجين الجامعيين تطرح إشكالية عويصة إذ بلغ عددهم 150 ألف عاطل حاصل على الإجازة، ولقد بين الوزير في التصريح الحكومي الأخير ليوم 1 غشت 2002 أن معدل البطالة قد انخفض مستدلا بأرقام، اعتبرت مجانبة للحقيقة لأن الواقع يكذبها ويؤكد غير ذلك الواقع . وقد شهدت ساحة المواجهة للبرلمان عشرات الوقفات لحاملي الشهادات ،ولعل القمع والتشريد الذي لقيته المجموعة الوطنية الموحدة لحاملي دبلومات السلك الثالث والدكاترة المعطلون ليلة 20 يونيو2002،التي تزامنت مع استضافة برنامج في الواجهة بالقناة الثانية لوزير التشغيل السيد عباس الفاسي، ضف إلى ذلك مجزرة معتصمي خريجي دار الحديث الحسنية يوم 31 يوليوز التي ابتدأت من الثانية عشرة ليلا إلى غاية الثالثة والنصف من صباح اليوم الموالي وهو تدخل لم يسبق لعلماء المغرب أن تعرضوا له ، وكذا خريجو البرنامج التأهيلي لدليل ساطع على التراجع الحكومي الخطير في هذا الملف الحساس، وهو ما دفع رئيس الفريق الديمقراطي الاجتماعي في الرد على الوزير الأول إلى القول» بأن عهد التناوب لقب بعهد الإضرابات والاعتصامات، والتي ألفنا مشاهدتها يوميا أمام أنظار البرلمان، وفي مقر المركزيات النقابية وأمام الوزارات وفي كل المناسبات. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الوضع المأساوي يفند حصيلة العمل الحكومي في مجال التشغيل كما أن غياب أزمة التشغيل لدى الحكومة»، وهذا ما أكده أيضا الكاتب العام للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، عندما اعتبر بأن حل برنامج التشغيل الذاتي الذي التزمت به الحكومة كان في حقيقة الأمر إمكانية استفاد منها أبناء المحظوظين عبر التلاعبات البنكية وعبر التعقيدات القانونية دون حلول، كما أضاف بأن حل برنامج التكوين التأهيلي كان خطوة أبانت عن حقيقتها منذ تخرج أول فوج من المستفيدين من هذا التكوين الذين عادوا للبطالة وجددوا انخراطهم بجمعية المعطلين. كل هذه مؤشرات بينت تنامي معضلة البطالة في صفوف حاملي الشهادات الذين فضل بعضهم ركوب قوارب الموت في حين اختار الآخرون الاعتصامات والإضراب عن الطعام لتحقيق حقهم في الشغل والكرامة. اتساع دائرة الفقر بالمغرب دق الوزير الأولالسيد عبد الرحمن اليوسفي ناقوس الخطر من خلال تقديم إحصائيات عن الواقع الإجتماعي للمغرب، خلال رده على التصريح الحكومي بتاريخ 24 أبريل 1998، معلنا عن عزم الحكومة على بلورة عقد التضامن للقضاء على الاختلالات الاجتماعية وتخفيض الفوارق الاجتماعية والمجالية، هذا ما أعلنه السيد الوزير وهو في بداية عهده، غير أن الواقع يؤكد أن الفقر لازال قائما ، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى اتساع دائرة الفقر بالمغرب فحوالي خمسة ملايين وثلاثمائة ألف مغربي يصنفون في خانة الفقراء، كانت هذه النسبة إلى حدود سنة 1991 تقدر ب ثلاثة ملايين و400 ألف فردا، وهو ما يعني ازدياد عدد الفقراء بنسبة تقارب 50%. ومعنى ذلك أن واحدا من بين كل خمسة مغاربة يقع تحت خط الفقر، (20%) كمعدل وطني، وأضاف تقرير وزارة التخطيط والتوقعات الاقتصادية أن الفقر منتشر في القرى ويصيب ثلاثة من كل عشرة في الوسط الحضري والرقم مرشح للازدياد، وهذا ما أقربه محمد اليازغي في المنتدى العالمي حول الفقر المنعقد يومي 17 و19أكتوبر 2001 بمراكش أن معضلة الفقر ستزداد تأزما تحت تأثير تباطؤ النمو الاقتصادي. وفي نفس السياق حمل البنك الدولي الحكومة المغربية مسؤولية استفحال ظاهرة الفقر في المغرب، وأكد أنها تأخرت جدا في مواجهة هذه الآفة التي تعد المشكلة الأساسية للبلاد، وقال البنك في تقرير له:» أن المغرب في حاجة ماسة إلى سياسة تجمع بين عناصر نمو اقتصادي قوي ونفقات فعالة على مستوى سياسةاجتماعية قطاعية» . ولعل معضلة الفقروهو من آثار سياسة التقويم الهيكلي التي انتهجها المغرب في سنوات الثمانينات، تعود أسبابها إلى الزيادة المتتالية في الأسعار تحت يافطة "تحديد الأسعار"، فارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية، لتنخفض بذلك القدرة الشرائية للمستهلك، لأن الدخل الحقيقي للأفراد يعرف انخفاضا ملموسا بالنظر إلى ارتفاع الأسعار واستقرار الأجور. كما ارتفعت تكلفة المعيشة بنسبة 50% خلال العقد الأخير، بالإضافة إلى خصخصة مجموعة من المؤسسات العمومية التي تعرض عمالها للتشريد ساهمت بشكل مباشر في تأزيم الأوضاع المادية لآلاف المواطنين، وهو ما يؤكد أن الحكومة لم تبرهن عن جدارتها في محاربة الفقر على حد تعبير السيد العياشي المسعودي عن فريق التجديد والتقدم الديمقراطي في رده على تصريح الوزير الأول يوم 5 غشت 2002 الذي قال بالحرف بأن :» الأوضاع الاجتماعية للشعب المغربي لازالت مزرية وأن الفوارق الطبقية لازالت كما هي، وأن الحكومة لم تقم بأي إجراء مهم في مجال إعادة توزيع الثروات بشكل عادل، مما يمكن معه طرح علامة استفهام حول نجاعة الإجراءات المتخذة في مجال محاربة البطالة ومحاربة الفقر. عموما يبقى أداء حكومة التناوب هزيلا مقارنة مع ماوعدت والتزمت به سواء من خلال التصريح الحكومي الأول لسنة 1998أو من خلال برامج العمل المسطرة بالمخطط الخماسي،هذه الحكومة التي زمر لها الكل في بداية عهدها، واعتبر الرأي العام تجربة التناوب تبشر بالخير، وبالإنتقال الديموقراطي، بيد أنها خيبت آمال الطبقات المسحوقة وجعلتهم يفقدون الثقة في الأحزاب السياسية برمتها، ويعزفون عن كل شيء اسمه «سياسة»، مادامت أوضاعهم الإجتماعية لم تراوح مكانها، وكان القمع والضرب هو جواب النخبة المثقفة العاطلة رغم أن عهد البصري قد ولى. خديجة عليموسى