اختتمت السبت 28 مارس 2015 بمراكش أشغال الجامعة الربيعية التي نظمت ما بين 26-29 مارس وتناولت موضوع القيم في المنظومة التربوية. الجامعة التي انطلقت بدرس افتتاحي لوزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني نظمتها مؤسسة العمل البيداغوجي للتربية و التكوين بشراكة مع قناة الضفتين، وناقشت جلساتها عددا من المواضيع الراهنة تحت عنوان: "سؤال القيم في المنظومة التربوية: أي مواطن في مغرب 2030؟". وذلك باستضافة مفكرين و باحثين من حقول الفلسفة و الحقوق والعلوم الإنسانية و الإعلام والاتصال. وأعلن المشاركون في الجامعة الربيعية حول موضوع القيم بمراكش الحاجة القصوى إلى إطلاق ورش وطني و مغاربي للتفكير في حال و مآل المنظومة التربوية، أملا في تجاوز الاختلالات و الأعطاب التي ترهن الخطاب و الممارسة في هذا الحقل الحيوي. وشدد المتدخلون ضمن اللقاء ذاته من خلال النقاشات و التبادلات المفتوحة بين الفاعلين التربويين من مختلف الانتماءات المهنية و الحساسيات الفكرية، على ملحاحية إيلاء القيم مكانة أساسية ضمن أي إصلاح مأمول، كما يلحون على ضرورة توسيع دوائر الاستشارة مع مختلف المتدخلين في ميدان التربية و التكوين. واعتبر الباحث عبد الرحيم العطري أن هناك ضرورة لإطلاق ورش يبحث سؤال القيم وتحديات المنظومة التربوية؛ لأن ما تعيشه المدرسة اليوم من اختلالات وما تعرفه من أعطاب يوجب التفكير رأسا في الأسباب التي أدت إلى هذه الاختلالات. وأشار المتحدث في حوار مع جريدة التجديد الورقية، إلى أن حالات العنف والعنف المضاد لا تؤشر إلا على أزمة القيم مؤكدا أن المذكرات الوزارية وكل الفرقاء يلحون من مختلف توجهاتهم وتصوراتهم على أن الصراع الدائر اليوم في مختلف الحقول الاجتماعية هو صراع حول القيم. الدورة التي توزعت أشغالها على ورشات تكوينية وانشغلت أساسا بتحليل الراهن التربوي من ناحية التحولات التي تعصف بالمدرسة المغربية والتساؤل عن امكانات الانتقال بهذه المدرسة وكيف يمكن كسب رهان القيم العليا؛ نوه عضو لجنتها العلمية بكون اللقاء شكل ورشا للتفكير والتبادل والتشاور والتواصل بين مختلف المعنيين، حيث راهنت الجامعة على المسؤولين في وزارة الاتصال والتربية والوطنية ووزارة التنمية الاجتماعية وايضا المؤسسات الاستشارية من قبيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الاعلى للتربية والتكوين بالاضافة الى الهيئات التعليمية والنقابات وكل من له صلة بالتربية والتعليم مادام أن الكل اليوم معني بسؤال المدرسة المغربية والكل منخرط أو متورط بالضرورة في الموضوع. المدرسة وتحول سلّم القيم يشدد الباحث السوسيولوجي عبد الرحيم العطري على أن المؤسسة التربوية أساسها هو القيم، قبل أن يضيف أن السؤال المطروح اليوم هو ماذا عن القيم الأخرى المضادة وماذا عن تحول سلم القيم. العطري الذي تساءل عن مدى حضور قيم المسؤولية أو الشرف أو النجاح مثلا وهي قيم أساسية في المنظومة التربوية وعن درجة فاعليتها في المنهاج المدرسي؛ أوضح في حديثه لجريدة التجديد" أنه لا بد من البحث في القيم باعتبارها سلما متحركا وعن اتجاهها هل نحو الايجابي او السلبي وهل في اتجاه الاستقطاب أو النبذ لأن القيم دائما متحركة. وقال المتحدث إن تشخيص حال المدرسة المغربية اليوم بين طروحات تعلن افلاس المدرسة او نهاية المدرسة، وبين خطاب اخر لا ينحو نحو التبخيس ولكن نحو الاعلاء من قيمة المدرسة وانها ما زالت تقدم الدليل تلو الدليل على انها قادرة على صناعة المواطن الفعال الذي يندرج في حياته الاجتماعية. ولفت العطري الانتباه الى ضرورة اعتبار مجموعة من الوضعيات والمشاكل التي لها علاقة بالقيم من قبيل العنف المدرسي الذي هو اخذ في الانتشار ويتسع كما ونوعا ومن قبيل التقنيات الحديثة واستعمالها المعطوب أو الايجابي داخل المنظمة والبحث عن المعينات البيداغوجية ورهانات الجودة وهيب كلها امور ترتبط أساسا بمسألة القيم. نداء مراكش وقع المشاركون في الندوة على نداء سموها نداء مراكش؛ اعتبر أن التربية على القيم، تعد مدخلا أساسيا لتجويد المنظومة التربوية و تأهيل الموارد البشرية و إنجاح مشاريع التغيير والتجاوز، مؤكدين انه لا نهوض و لا استنهاض إلا بالقيم التي تنتصر لثقافتنا وخصوصياتنا بعيدا عن الانغلاق. داعين في الوقت ذاته الى تجديد الثقة في كفاءاتنا الوطنية، ومواصلة مسارات الانفتاح و التلاقح مع الثقافات و القيم الإنسانية الكونية. ودعا الموقعون على النداء إلى إنشاء مرصد وطني للقيم، و إطلاق جائزة وطنية للامتياز التربوي، فضلا عن العمل على توطين التكنولوجيات الحديثة و تثمين الموارد البشرية و تقوية المضامين والمعينات البيداغوجية وذلك وعيا بالتحولات الكبرى التي تعصف بمجتمعنا على مستوى القيم. وقال المشاركون في الجامعة إن نداء مراكش هو بالضرورة، نداء من أجل منظومة تربوية متقدمة في النوع و الدرجة، و هو نداء من أجل كرامة الفاعل التربوي، و دعوة صريحة إلى التأهيل و التجويد و التثمين. وخصصت الجامعة ندواتها لمناقشة مواضيع من قبيل : المغرب التربوي بين إكراهات الحاضر و متطلبات المستقبل، المدرسة و التحولات الاجتماعية والقيمية، القيم في المنظومة التربوية: الكائن و الممكن، أية قيم نريد؟. وهي المحاور التي توزعت على أربع جلسات علمية، و ورشات تكوينية و موائد مستديرة و حفلات توقيع للكتب، فضلا عن حفل تكريم لبعض الفعاليات التربوية التي أغنت الحقل التربوي بمنجزاتها و إسهاماتها النوعية. وتساءلت الجامعة عن أية قيم نريد وأي مواطن نبتغيه في افق 2030؟ وهو الأمر الذي علق العطري عليه هذا الافق بالقول إنه تم اختيار هذا الرقم بالنظر الى عدد من التقارير والرؤى التي تضع نصب عينيها هذا التاريخ سواء من قبيل الوزارات او تقرير الخمسينية الذي قدم مجموعة من الاسقاطات الاحصائية للمغرب سنة 2030. ومن خلال هذه المسافة التي تفصلنا عن 2030 -يضيف العطري- وهي عقد ونيف تم التساؤل عن واقع هذا التلميذ الذي سيدخل اليوم السنة الاولى وسنة 2030 سيكون يافعا وسيكون في طريقه الى مرحلة الشباب والرشد، متسائلا ماذا اعددنا له وكيف سيكون آنئذ؟ هل سيكون مواطنا متشبعا بالقيم العليا والمثالية أو مواطنا مهددا بقيم الأزمة؟